الرئيسية كتاب وآراء عود إلى الحديقة مع قراءة في جغرافيتها… بقلم ذ.محمادي راسي

عود إلى الحديقة مع قراءة في جغرافيتها… بقلم ذ.محمادي راسي

كتبه كتب في 11 مارس 2023 - 9:42 م

بقلم ذ.محمادي راسي – جريدة البديل السياسي :

عود إلى الحديقة مع قراءة في جغرافيتها

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

عود ورجوع إلى الحديث عن الحديقة المهملة اليتيمة ولادة والتي كتبت عنها ،وإخواني الكتاب ، عدة مقالات دون جدوى ، وصور وضعيتها طاقم التصوير بعدسة جريدة أصوات سيتي ….وفي أوائل شهر فبراير، نقلت العدسة المذكورة الأزبال التي كانت متراكمة في عقرها ومنتشرة على جنباتها ، منظر يندى له الجبين ، يدل على انحطاط مستوانا الثقافي والحضاري والفكري والسلوكي والاجتماعي والأخلاقي والديني ، وينم عن غياب التربية الجمالية والفنية ، والتربية على المدنية والمواطنة، وروح حب المدينة والوطن ، وغياب التربية الإسلامية ؛ النظافة والخير والحق والجمال والعدل والمعروف والإحسان والمعاملة الحسنة ، وتغيير المنكر ، وإماطة الأذى عن الطريق ، واحترام الأشجار وكل ما فيه نفع ومصلحة للإنسان .

بطــــــاقة تقنـية

ـــــــــــــــــــــــــــــ

تتواجد الحديقة ب ؛أرفيض أعراص ، بين شارع الحسن الثاني وشارع المسيرة الخضراء ، تـمتد من ملتقى الطرق حيث إغزار نرحاج محند إلى ملتقى الطرق القريب من الجمارك ،والطريق المؤدي إلى مليلة المحتلة بطول يزيد عن كيلومتر ، وبعرض يتراوح مابين ؛من ستة أمتار تقريبا إلى أزيد من مائة متر ، لها موقع جميل ، تقع في عقر المدينة ، يمر بها الساكن والمسافر والوافد ،قريبة من بوابة أوربا .

كانت أرضا زراعية في ملك أهلها ، وكان يمر بها خط السكة الحديدية من إنشاء الشركة الإسبانية لنقل المعادن ؛من وكسان إلى مليلة المحتلة ،وبعد نزع الخط غرست فيها أشجار النخيل ، تشتمل على أربعة أجزاء ، والجزء الخامس مستقل عن الأرض الزراعية ،كان في ملك شركة سيتولاسر الفرنسية في ذلك العهد ، حيث مستودع القطر وخزان المعادن ومنازل الحراس ،وهذا الجزء اليوم تحول إلى حديقة وفيه مقر الباشوية والمقاطعة ، ويشتمل على فسقيّتين معطلتين مليئتين بالحثرب والأدران والحشرات والخشارات .

ظهرت بوادر وملامح هذه الحديقة في 2010م بتصميم جديد ، بوضع ممرات مستقيمة ومنعطفة ودائرية مرصفة ، وغرس بعض الأشجار، وتثبيت مصابيح كهربائية ،ونشر قراطل حديدية لرمي القمامة فيها ؛كأوراق مستعملة ، أو مناديل ورقية أو غيرها ، أو ما هو خفيف ، واستبشرت الساكنة خيرا بالمولود الجديد ، قصد التنزه والترويح …ولكن بعد مرور بضعة أشهر ، ظهر سلوك التخريب والتكسير …لقد كسرت بعض المصابيح ، وسرقت القراطل الحديدية بانعدام المراقبة والتسييج .

في زيارة تفقدية للحديقة بتاريخ 24 أبريل 2014م ،وفي زيارة ثانية بتاريخ 21 نوفمبر 2015 م ، قيل إن الغرض من الزيارتين هو تفقد أحوال مدينة بني انصار ، وإصلاح وتسييج الحديقة ، وفي يناير 2016م غرست فسائل مختلفة في الجزء الخالي منها ، وما زال الجزء الآخر خاليا من الغرس ، اليوم لا أثر لتلك الفسائل ، وبعضها قلعت ويبست بعدم السقي والرعاية ، فاصفرت كالورس بسبب العطش ، ولكن غرسوا فيها اللاقط الهوائي في عقرها المضر للجسوم ، إنها تنتظر الإصلاح والتسييج ، أجل؛ حتى يرد الضب ،أو يشيب الغراب ، إنها زلات كلامية ،فعثرة القدم أسلم من عثرة اللسان ، ومن كثرة الملاحين غرقت السفينة ، و تعقدت وتسيأت الأمور، ،وتعطل مشروع الإصلاح والتسييج .

كلام في كلام بدون إتمام واستتمام ، وعهود بدون إيفاء ، ووعود عرقوبية ،وأقوال بدون أفعال ، كلام الليل يمحوه النهار ، كلام كالعسل ، وفعل كالأسل ، ومن كثرة الإكثار من الإهذار ، بدون جدوى تحول الكلام إلى اللغوى واللغا والهذرمة والثرثرة والطرطرة والهرطقة…ويقال ؛اسمع لغواهم ولا تخف طغواهم .

كانت قطرات المطر في هذه الأيام رحمة ورفقا بالحديقة المريضة الظمأى ، أصابها الظمء بتواجدها في موضع مظمإ ،بسبب الإغفال والإهمال ، ولا تنطق ولا تبوح بما تعانيه من إجحاف ،وما تحس به من عطش ، وما تعاينه من منكر ونجس وتلويث واستخفاف ، ولا تستطيع أن تدرّي بما عندها لأنها بكماء عجماء ليغاء ،وعدوها بوعود كثيرة متنوعة ، بأنها سيردونها ـــ خياليا وسورياليا وطوباويا وبوهيميا .ـــ ….. ، جنة أفضل من الحدائق المعلقة التي هي من عجائب الدنيا السبع.، إلى أن أصبحت غلفاء ، مرت سبع سنوات تقريبا كالعجاف ، وما زالت تنتظر الذي يأتي ولا يأتي ، علينا ألا نصبر على ما يقال ويردد : عودت كندة عادة فاصبر لها ،لأن للصبر حدودا، والنقد البناء في حد ذاته بناء وإنشاء ، والعتاب خير من مكتوم الحقد ، والعتاب قبل العقاب كما يقال .

إن التدبير العمومي ـــ والتدبير نصف المعيشة والاقتصاد أيضا كما قل قديما ــ هو فكرة وتنظيم وكفاءة وتفعيل وعمل وتطبيق ، والتسيير هو فن وتقنية ،قولا وعملا ، مع الاعتماد على الترشيد المعقلن في النفقة والصرف ،والحكامة الجيدة ، والتفكير في المستقبل ، والتمسك بروح النزاهة والجدية والاستقامة ،والتشبث بالأخلاق الكريمة والمعاملة الحسنة ،والاهتمام بالوطن والمدينة والقرية والمواطن ، هذه العناصر تعتبر من أسس وفروع الثقافة ،هي التي ستنقذ هذه المدينة من الفوضى والعشوائية واللامبالاة والضلالة ، فالإنسان اليوم يولد في الثقافة ولا يولد في الطبيعة ، ويتطور حسب تطور الاختراعات والعلوم والتقنيات ، من العهد الفلاحي إلى الصناعي والميكانيكي إلى التكنولوجي والإلكتروني والرقمي ولا أدري ماذا سيأتي بعد …؟؟؟، فكل يوم يظهر اختراع جديد ،واكتشاف عجيب ،كاكتشاف كواكب جديدة في هذه الأيام الاخيرة ، نتيجة البحث والعمل والتفكير، لا الاكتفاء بالجلوس على الكراسي فقط …

فالمدينة تحتاج إلى من يراقب شأنها ، ويفكر في همومها وحاجياتها وضرورياتها ، ويتفقد أحوالها ، ويطوف في أحيائها وشوارعها وأزقتها ، ليقف على مكامن الخلل والبؤر السوداء ، ويبعث فيها روح الحركة والنشاط والحماس والتجديد والتطلع إلى المستقبل …ااا,

وختـــــــــــــاما ، تعبنا من الحديث عن هذه الحديقة والتي حرنا في وضعيتها ؛ هل هي ضيعة مستقلة لا تنتمي إلى بني انصار ؟، هل هي تابعة للخواص ،أم هي ضيعة بدون ناطر وناظر ومسير وحارس ، أم هي ملك عام ، أم هي فضاء عمومي ؟ ؟؟؟ ، وضعيتها غير واضحة ، لا تتوفر على مواصفات الحديقة ..تارة تكون مراغة / زريبة /حوشا /حظيرة /اصطبلا / ملعبا /فندقا /ملجأ /ملهى / مرحاضا / مكانا للقمار وتناول الشيشة والسموم وو…إن المظاهر المشينة التي نراها ترجع إلى غياب الثقافة والوعي ،والسلوك الحسن الجميل ،لا نرى إلا المناظر المخزية ؛كالتخريب والفوضى والضجيج ، ففي هذه الأيام قلعت فسيلة ـــ حديثة الغرس ــ شجرة أروكاريا الجميلة بأفنانها وشكلها الجميل .

الحديقة هي مرآة المدينة ، وقلبها النابض ،ورئتها التي تصفي وتنقي هواءها بما يتواجد فيها من أشجار ، هي قطعة موسيقية طبيعية من عزف الطيور التي تنتقل من شجرة إلى أخرى ، وسيمفونية طبيعية من وقع خرير مياه الفساقيّ ،هي صعيد للترويح والتنزه والاستراحة ، هي باحة للتربية الجمالية ،وحافز على حب الطبيعة ،ودافع إلى الإنصات والتمعن والنظر والتأمل في المساحة العيناء الغناء ،هي مدرسة لتهذيب الحواس الخمس ، وحديقتنا لا تتوفر فيها هذه المواصفات ،لأننا جميعا ساءت رباعتنا ، نجنح إلى فعل الشر ، ولا نبادر ونسارع إلى فعل الشبر ، نقلع الفسيلة المغروسة ، نقطع الأشجار، نتبول على جذوعها ، نكسر أفنانها ،نتغوط في صعيد الحديقة إلى أن أعذرت فيها العاذرة والقذارة والخشارة ،نبغبغ أعشابها بأقدامنا وأرجل الكراسي والموائد …هذه هي سلوكاتنا السلبية نحو هذه الحديقة والمدينة وأحيائها ، لأفول ثقافة الاحترام والبناء، والتقدير للأشخاص وللأشياء .

علاوة على غياب النقد والمراقبة والمحاسبة والزجر والتغريم والمعاقبة ، وحضور ثقافة التأفل والحقد والتعترف والغل والهدم والعدوان والطغيان ، علينا أن ننظر في السلوك السلبي الممارس إزاء هذه الحديقة ،ونحاسب أنفسنا عما نقوم به من أعمال وأفعال ؛لا تنتمي إلى المدنية والتمدن والإنسانية .

تواجد الحديقة بالمدينة أمر ضروري وشيء لازم ، حتى المنازل في القرى لها عرصاتها للتزيين والاستفادة من غرس الخضر والأشجار ، فالمدينة بلا حديقة هي كعقد بلا واسطة ،أو كصحراء بلا واحة ، لا نريد مدينة اسمنتية جامدة هامدة صامتة واجمة خاملة ،المدينة بدون ثقافة و فن و فكر وأخلاق وكرامة وحرية و تراث و تاريخ ….مدينة لا قيمة لها، بل هي مدينة ميتة لا وجود لها .

ومن خلال هذه السلوكات المشينة السلبية ؛يلزم أن تحول هذه الحديقة قصد الاستفادة والانتفاع والمردودية إلى مركب تجاري أو ؛/ رياضي / ثقافي / ملعب /معرض / مسرح / مدرسة / مسجد ….لدرء المفاسد والممارسات الخبيثة التي تفوح منها رائحة الهمجية والخشونة والوبرية والبدائية والبدوية ، وطمس المناظر المخزية المقيتة التي تبدو للعيان على مدار يوم كامل بدون انقطاع …..والمسؤولون غافلون عما يحدث بهذه الحديقة اليتيمة المنسية … لا يقرعون لها ظنابيبهم وسيقانهم ..ومن عادة هذه المدينة جعل الزج قدام السنان ، والحط من قيمة الجياد ،وإسماء الحمير . وبهذا النهج الخاطئ وصلت المدينة إلى هذه الحالة المزرية المتدنية ، خالية من المسحة الجمالية من حيث البنيان والعمران والحدائق والفضاءات الخضراء والنشاطات الفكرية والثقافية والرياضية والفنية .. ؟؟؟ااا.

وضعية الحديقة تقلقنا فتدفعنا إلى الكتابة بحكم أننا نمر بها يوميا ، لا نرى إلا القبح الظاهر في الأزبال وقشور المكسرات والقاذورات والحثالة و لفافات السجائر وغيرها ، والزجاج المكسر، وروث الحيوان ،وعذرة الإنسان ، وعظام الحيوانات ، وأوعية بلاستيكية ، والعشب المبغبغ بالأقدام وأرجل الكراسي والموائد ….أما رائحة السرجين والبول والأزبال والبراز فقد بزت رائحة الزهور … وأين الزهور…؟ لا أرى إلا ما ازهر في شجيرات الدفلى التي يتخذها المشردون مسكنا للنوم تحت أفنانها ،ويتركون وراءهم أغطية وأفرشة من الورق المقوى …

خـــاتمـــة واستنتــــاج

من خلال هذه القراءة قراءة وضعية الحديقة ؛ أستنتج أن هذه الحديقة لا تصلح للتنزه والترويح عن النفس ، نتيجة سلوكات مخزية مقيتة مرفوضة ، ووضعيتها البعيدة عن مواصفات الحديقة المتواجدة في المدن الأخرى ، لقد فقدت هيبتها ومصداقيتها ،لتفشي الفوضى والانحلال الخلقي ، وعدم الانضباط والاحترام ، وضعف الإنارة ليلا ،وغياب المراقبة والزجر والتغريم ،لمحاسبة كل من عمل على تخريب الحديقة وتلويث البيئة ،في هذه الحالة يجب أن تتدخل السلطات المحلية المعنية ،والشرطة البيئية التي من مهامها مكافحة المخالفات البيئية .

بجل ؛هناك من يهذب ،وهناك من يخرب ، هناك من يبني ،وهناك من يهدم ، ولا بد من إتمام تشذيب أشجار النخيل ، فقد أصابها الملل ،ولا تستطيع ــ وهي واقفة دائما كأنها في سجن بدون جدران وقضبان ــــ حمل سعوفها المكثفة التي تشكل حمولة ثقيلة ، بادية للناظر كالشعر المسترسل الجزيل الكث الأشعث ، وكقامات وأقدّة سامقات بهيئة هيبية شعراء شعرانية كثاء، إنها تريد أن تكون خفيفة نشيطة لتنمو أكثر،وتطاول أعنان السماء بغواربها …. إن النظافة من الإيمان والوسخ من الشيطان ، والإنسان في خسران على مدى الدهر كما ورد في القرآن ، إلا الذي آمن وعمل عملا صالحا، وتواصى بالحق ،وتواصى بالصبر ، أسس جميلة مفيدة هادفة ؛ الإيمان / التشبث بالعمل الصالح / التواصي بالحق / التواصي بالصبر , لها دلالات كثيرة متواجدة في سورة العصر المكية القصيرة بآياتها الثلاث ، إنها قاعدة وأرضية لنجاح الإنسان في حياته اليومية والعملية ،وطريقة التعامل مع أخيه الإنسان في الميادين المختلفة ؛الفكرية والاجتماعية والتجارية والنفسية والقانونية .

ما أحوجنا إلى التعامل برفق وآداب واحترام للإنسان والحيوان والموضوعات وكل ما يحيط بنا ؛ الأرض وما فيها / الحديقة / البيئة / المدينة / الفضاءات العمومية /الأحياء الطرق/ الشوارع / الأزقة / العطاف / مع إماطة الأذى عن الطريق وهو من شعب الإيمان ، و تغيير المنكر ولو بالقلب ذلك أضعف الإيمان ، والجهر بالحق ،ونقد كل سلوك ناتج عن المتهور السخيف …وتشهير الورقة الصفراء والحمراء في وجهه ..ااا.

لقد عادت الكلاب الضالة إلى الحديقة ،وعادت حليمة إلى عادتها ، ولميس لعترها ،و شهريار البطل الفاشل إلى شهرزاد المنهوكة ، وهبورة ونونجة وقنديشة إلى الانتظار ، و السبتان إلى البستان القابع فيه إلى الفجر ، ليتناول الشيشة في عقره ، ليترصد الداخل والخارج ، والمار والجالس ، وهو دائما في انتظار وتربص كالجاسوس … أو في مدامومة أوحراسة ليلية ….

والقلاع المعتد بحاشيته المنهزمة ، والمعتمد على زوزو المفؤود ؛ مقابل شطيرة ليستمر في ديدنه إلى دأبه المعهود ، و”فرّاح الواغش” إلى جماعته المندحرة ، و”كوجاك “إلى شرذمته المتشذرمة التي تستفتيه ….وماذا سيقول الرويبضة ..؟؟، والمفلس إلى جوقته المتفرقة معتمدا في نهجه الخبيث النبيث على شهريار الفاشل ،مقابل كأس شاي أو سوملة قهوة ، وهرقل المحتضر ويدعي أنه متحضر إلى زقزقته السيزيفة ، وكيسنجر إلى بقبقته الطائشة ، وش/س إلى أسطوانته المشروخة ، وyx إلى تصرفاته الصبيانية ، وسلوكاته الشيطانية ، والتنبالة إلى زغزغته وصياحه ، والدعبوب إلى تخنثه وانتظاره …، ومازالت الحديقة على حالها كدار لقمان ، وهي في حالة يرثى لها ،كدابغة وقد حلم الأديم ، وما زالت تنتظر ألإصلاح والتسييج والترميم والهيكلة ،والإنقاذ من السلوكات المقيتة السخيفة المشينة السمجة القبيحة ، وهلم قولا ونعتا ووصفا وردفا وتسمية …التي تمارس فوق أرضيتها التي أصبحت نجسة كداء ناجس ،لا دواء له ،ولا بروء منه …فشتان وهيهان وأيهان وهايهان ووو..؟؟؟ااا.

 

 

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .