جريدة البديل السياسي / متابعة
انتهى الرئيس السابق للتجمع الدولي الإخواني (الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، أحمد الريسوني، إلى إقامة الشهادة على السنة، وقال إن “المسلمين الشيعة قد أيدوا ونصروا إخوانهم المجاهدين في أرض فلسطين، وأبلَوْا في نصرتهم بلاء حسنا، وبذلوا في ذلك أرواحا وأموالا وأسلحة، وتضحياتٍ جساما، لم يقدم أهل السنة شيئا منها”، واعتبر أن شهادته من “الواجبات الشرعية” التي وجب أداؤها وإعلانها، لمواجهة الحملات الجاحدة والمشككة الظالمة، في شأن نصرة الشيعة للقضية الفلسطينية ولجهاد الشعب الفلسطيني.
لقد تعودنا من الشيخ أحمد الريسوني أنه “لا ينطق عن الهوى” إن هو إلا حديث واضح الأغراض والأهداف، إذ دأب على الخوض في الأمور السياسية على نحو لا لبس فيه، مما جر عليه وابلا من الغضب في الداخل والخارج. ولا ينبغي أن يفهم من هذا الكلام أن الرجل مقاتل باسل شجاع وفارس لا يشق له غبار، بل هو سهم من السهام التي ترميها جهات سياسية إخوانية لخلط الأوراق وبعثرة المشهد العام. فالرجل يختار التوقيت المناسب للكلام، ويلوكه طويلا في حنكه قبل أن يرميه في وجه العموم. وليس أدل على ذلك من التالي:
أولا: الريسوني الذي ينتصر للشيعة على حساب السنة في دعم القضية الفلسطينية هو نفسه الريسوني الذي كتب، في فاتح أكتوبر 2022، مقالا بعنوان: ” أهل السنة يدافعون عن الشيعة والشيعة يشتمون إمام أهل السنة”. وهو المقال الذي سمى الشيعة بـ”الطوائف المغالية المتعصبة”، بينما سمى السنة بـ”أهل الحق والرشاد”. فما الذي وقع حتى أصبح “التشيع” ميزة، وهل هذا إيذان بالتحاق الريسوني بإيران في القادم من الأيام؟
ثانيا: كتب الريسوني، في 12 دجنبر 2023، أن عملية طوفان الأقصى أثبتت أن الوحدة الميدانية بين السنة والشيعة ممكنة ومثمرة للغاية، رغم اختلاف المواقع والأدوار وتفاوتها. فما الذي تغير بين الأمس واليوم حتى يدعي أن أهل السنة لم يقدموا شيئا من التضحيات لدعم القضية الفلسطينية؟ ما هي الحجج الداعمة لادعاءاته التي استند إليها؟
ثالثا: كتب الريسوني أن “تصعيد المقاومة الفلسطينية، وتنمية قدراتها القتالية، كمّا وكيفا، في جميع أرجاء فلسطين، وحول فلسطين”، هو الحل الذي ليس هناك حل سواه، لتحرير فلسطين، بدل تجربة السلطة الفلسطينية، وقرارات القمم العربية والإسلامية، والأمم المتحدة، وحل الدولتين.. إلخ، والمعنى واضح إذا علمنا أن إيران توجد في قلب المعادلة الحربية في المنطقة، وأن من مصلحتها إذكاء نيران المواجهة في فلسطين ولبنان واليمن باستعمال أذرعها هناك، من أجل كسب الوقت، وأيضا من أجل خلط الأوراق في الصراع الإقليمي والتوجه نحو إشعال الحرب الشاملة في المنطقة.
رابعا: إذا كان المقصود بالشيعة إيران وحزب الله فما المقصود بالسنة إن لم تكن هي دول مجلس التعاون الخليجي، وباقي الدول العربية والإسلامية.
خامسا: ما السر وراء الإناخة على باب إيران؟ هل قام بمراجعة فكرية تامة ليلتحق بأهل “الحق والرشاد” الجدد، خاصة بعد تأليفه لكتاب بعنوان “أصول الفقه عند الشيعة الإمامية” الذي قال إنه ألفه لولوج دائرة التعاون والتفاهم بين الطائفتين؟ وهل سيحمل الريسوني البندقية ليلتحق بكتائب عز الدين القسام في غزة، أم سيكتفي بالذهاب إلى طهران، أو إلى حسن نصر الله، لتوريد السلاح بغاية الرفع من القدرات القتتالية للمقاومة؟
إن “شهادة” الريسوني لا يمكن النظر إليها على أنها شهادة حق، خاصة إذا علمنا أنها مغازلة مضمرة للنظام الإيراني الشيعي، بل إنها شهادة من “فقيه” بات يعتبر أن التنظيم الذي ينتمي إليه جامد فكريا، إذ قال إن حركة الإخوان المسلمين “لديها مشكل فكري، فهي ما زالت تعيش على تراث حسن البنا والمؤسسين الأوائل، وليس عندها تطور فكري، وأنا أقول لهم إن الإمام حسن البنا اعتبروه مثل الإمام ابن حنبل وابن تيمية والكواكبي والأفغاني (…) عندنا عقولنا والتجارب من حولنا”. فهل سيرتمي الريسوني بشكل لا لبس فيه في أحضان المذهب الشيعي؟ وهل سيستمر في خدمة الأجندة الإيرانية في الشرق الأوسط؟ وهل أصبحت المواجهة الحربية لحل القضايا السياسية هي الحل، علما أن شعب فلسطين قدم حتى الآن حوالي 50 ألف شهيد، في ظل عدم التكافؤ العسكري؟
تعليقات الزوار ( 0 )