الرئيسية البديل الثقافي أي ثقافــــة هــــــذه…؟؟ بقلم ذ.محمادي راسي

أي ثقافــــة هــــــذه…؟؟ بقلم ذ.محمادي راسي

كتبه كتب في 18 مايو 2023 - 11:39 م
بقلم ذ.محمادي راسي- جريدة البديل السياسي :

أي ثقافــــة هــــــذه…؟؟

 

ثقافة الاجترار والافترار والانتظار، لا ثقافة الابتكار والافتطار، ثقافة التقليد والاتباع، لا ثقافة الاختراع والابتداع، ثقافة الهروب والنفور والانزياح، لا ثقافة التواصل والانشراح، ثقافة الحقد والغلول والشطط والتسلط، لا ثقافة الإيثار والتفاهم والبسط.

ثقافة الشيشة والعشبة والقرقوبي والجلوس في أماكن محظورة لها حرمتها، كالطريق، والدار، وإيذاء الجار، والجار الجنب، والجلوس في الحدائق للاستفزاز ، ثم إنجاسها بشتى القاذورات التي تنفر منها وتمجها جميع الحواس حتى السمع ،((والأذن تعشق قبل العين أحيانا))، ثقافة القتل وارتكاب الجرائم، ثقافة غياب الاحترام والمواطنة.

 

ثقافة الأنا والأنانية والنرجسية والأنا الأعلى واللبيدو والنزعة القبلية والعشيرة والعنصرية، ثقافة الانغلاق والانزلاق والانشقاق، ثقافة غياب الوعي والاحتجاج والرفض، غياب ثقافة سياسية حكيمة ورشيدة، حضور ترسيخ سياسة التغريض والتمويه والتحريض والتعويض وتحيّن الفرص وتحيينها، واستغلال الأبرياء في الحملات الانتخابية، لنزداد جهلا فلا نستطيع الكلام، لأننا اخترنا ثقافة نفعية انتهازية مزيفة عمياء خرساء.

ثقافة الشارع:

في المنجد الفرنسي كلمة بولبفار أتت من بوليفرك نسبة إلى اللغة النرلندية، ينطق بها في الأراضي المنخفضة والجهة الشمالية ببلجيكا، والبوليباردي الإنسان الذي يواظب على الشوارع الكبرى، وما فيها من مسارح ومقاه وجرائد… بالإضافة إلى محلات تجارية رفيعة، وهي مجالات للاطلاع على ما جد في عالم الأزياء والكتب، وفرصة للتجوال ليلا.

شارعنا نحن القديم رغم بعض التعديلات الطفيفة، وإنشاء أعمدة جديدة للإضاءة، كأننا في مدينة الأنوار، يحتاج إلى تقويم وإصلاح أرضيته وحديقته، الكناسة تبقى على الرصيف أياما دون نقلها مع غياب الحاويات، فأي بوليفار هذا؟.

جميل جدا ؛ أن نشذب سعوف النخيل وأفنان الأشجار، إلا أننا نحتقر الطبيعة ونسردجها، فالحديقة عفراء غبراء قفراء، لا عشب ولا زهر، مليئة بالأتربة التي تثير نقعها الرياح، كأننا في وغى، أو في جرن، ندرس القمح أو الشعير أو الذرة ولا شيء من ذلك، ثم الحديقة المتواجدة في هذا “البوليفار” نجلس ونقعد ونمشي فوق أعشابها، يبول ويتغوط فيها الغرباء والمتسكعون الذين لا ضمير لهم، وينامون فيها دون رقيب وحسيب، فأين المراقبة والمعاقبة؟، وفي رصيف هذا البوليفار…!!! يجلس البعض، يتنافى واحترام الملك العام والأخلاق، الرسول نهانا عن الجلوس في الطرقات بأسلوب التحذير “إياكم والجلوس في الطرقات”.

هذا الشارع الذي كانت التربية القديمة والحديثة تدعو إلى تربيته ونقد عيوبه، أصبح اليوم هو الذي يربي الطفل الذي يتأثر بما يراه فيه ثم يقلده.

اليوم العائلات لا تستطيع الخروج ليلا، في هذه الليالي الصيفية والرمضانية المقبلة بحول الله، نظرا لسلوكات لا تبعث على الارتياح، صادرة عن المتهورين الذين يدعون أنهم أحرار… وأي حرية هذه؟ وأي ثقافة هذه؟ ويساعد على هذا السلوك غياب المراقبة من طرف السلطات المحلية التي تغض الطرف عما تراه في هذا البوليفار عفوا هذا الشارع وغيره.

مشهد يتكرر كلما حل الليل في فصل الصيف، وفي شهر رمضان الفضيل، ففي رصيف ؛ يجلس رواد بعض المقاهي كأنهم في قطار برأسين، ينبعث منهما الدخان الملوث للجالسين، وكأنهم مسافرون في قطار غير متحرك، ينتظرون الوصول وأي وصول…؟؟ ينتظرون إلى الواحدة أو السحور كما كان الشأن في السنة الماضية.. وما زالت السلطات المحلية لم تغلق هذا الخط الوهمي؟.

ما نوع هذا الشارع؟ ما صنف هذه الثقافة التي لا تنفع؟، إنها ثقافة تضر وتؤثر سلبا في نفوس الأطفال والشباب الذين يقلدون ما يرونه ولو كان ضارا. لا بد من محاربة هذه الثقافة التافهة القاتلة الملوثة التي تحدث أمراضا مزمنة فتاكة، لا يعرف ضررها إلا المرضى، فلا لثقافة التبريج ، / والشيشة والنارجيلة ونبات التنبك وهي كلمات فارسية وكما تقول العامة “أركيلة”، ولا لثقافة الكوكايين والقرقوبي والماريخوانا وغيرها، وهلم جرا ورفضا ودحضا ومحاربة…

نعم للرياضة بجميع أنواعها، والمشي، والتنزه، والرحلة: لأنها عناصر مهمة فيها منافع صحية ونفسية وعقلية وتربية حسية وجمالية، ثم الشعور بالاطمئنان والسعادة، كما أن الإنسان يشعر بالارتياح حينما يقوم بعمله أو واجبه على أحسن وجه، وعلى سبيل المثال؛ تأدية الصلوات الخمس، وأيضا صلاة يوم الجمعة.

إن أنصار الطبيعة وأهل الفكر الأخضر ،أو ثقافة الاخضرار ، أو الثقافة الخضراء ،أو الثقافة الجمالية… لو قاموا بجولة في شوارعنا وحدائقنا لفروا… أو ربما سيرفعون دعوى إلى المحاكم الدولية المختصة… من جراء ثقافتنا المنحطة التي تعبر عن تأخرنا المستمر ، وجهلنا المربع والمكعب ، وسلوكنا الحيواني…

وانغماسنا في الملذات المحرمة التي تزيدنا إجراما وقتلا وتشردا وتأخرا، من أين استقينا هذه الثقافات الدخيلة التي تستهدف تدمير شبابنا نفسيا وصحيا وعقليا وفكريا ،وتجعله عاجزا عن الاختراع والخلق والابتداع، وإخضاعه خانعا خاضعا مهزوما مشلولا ذلولا ؟؟، إن تعاليم الإسلام خير مرجع في الهداية إلى السلوك القويم، والعمل والنظافة والتآخي والمحبة والحث على الاجتهاد والتفكير والتدبر والتوكل، لا التواكل والكسل والتقاعس، كفانا من الثقافات السلبية التي لا تخدم المواطن صحيا واجتماعيا وثقافيا واقتصاديا ليعيش عيشا كريما، ماذا نريد من ثقافة السموم التي لا علاج لها؟ قد يصيبنا الفقر، لكن ؛ نستطيع أن نحاربه بالعمل والمثابرة، لنحسن وضعيتنا المادية، أما أمراض السموم /مستقبلا/ فلا علاج لها بتاتا، بل هي التي تهلك جسومنا التي نخرتها وتنخرها كل يوم دون أن نشعر، وسيأتي يوم لا تنفع فيه الندامة.

هذه السلوكات وهذه المآلات ناتجة عن غياب المراقبة التربوية المستمرة المستدامة، غياب مراقبة الآباء لأولادهم، وغفول المسؤولين عن المدينة وما يدور في فضائها: سلطة وأمنا وتدبيرا وتسييرا وتعليما وتثقيفا وصحيا واقتصاديا ورياضيا وهلم جرا وغيابا، وناتجة أيضا عن ثقافة اللهو واللعب والسمر والسهر، والدندنة والطنطنة والشعشعة والشيشة والعشبة وو…!!!، وثقافة السهو والنسيان والزهو، والإهمال والاستغفال والاستجهال، وختما وختاما ثقافة السياسة الانتهازية الفاشلة الطمعية الأشعبية الطفيلية، وخير دليل على ذلك، مآل مدينتنا المتعثرة المعطبة في جميع المجالات والميادين، وغياب كل ما يتعلق بالفن والثقافة والرياضة وما يهم المجتمع، وهذا المآل ناتج عن ثقافتنا طرا، لأننا ما زلنا لم ولن نتحرر من العقد النفسية والجهل المركب والمكعب، إذا استمررنا على هذا المنوال الخامل الفاشل القاتل.

إن الثقافة هي العلم والآداب والنحت والتصوير والموسيقى وو… تشمل جميع الميادين، وهي الإنسان وسلوكه وعمله ومعاملاته وفكره وأخلاقه وطبعه وعاداته ووعيه، بل، هي من وسائل التنمية، والثقافة ترقى بالإنسان وهي التي تجعله يعي ما يحيط به، ويتكيف في هذا المحيط مع أخيه الإنسان، في جو أخوي فيه تفاهم منسجم واحترام متبادل، وهي جوهر بينما الحضارة هي عرض، تقوم باستقرار الإنسان وقد قال فون هيردر: “كل إنسان يكتسب ثقافة ويسهم فيها وليس كل الناس قد ولدوا داخل حضارة أو يحملون حضارة”، أي ثقافة هذه؟؟ هل هي ثقافة خامسة أم فن تاسع؟؟

 

اكتب تعليقًا…

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .