الرئيسية ضيف البديل بني انصار ونصيبها من الجمالية..ذ.محمادي راسي

بني انصار ونصيبها من الجمالية..ذ.محمادي راسي

كتبه كتب في 14 مايو 2023 - 12:54 ص

ذ.محمادي راسي- جريدة البديل السياسي 

 

بني انصار ونصيبها من الجمالية

الجمال أنواع؛ الطبيعي /الظاهري/ الباطني /الصناعي / من الصعب تعريفه وتحديده نظرا لتعدد الآراء والمذاهب والمدارس الفلسفية ، فأرسطو عرفه؛ “إنما يتحقق الجمال في النظام والحجم ” .أفلاطون ؛”أيكون سبب جمال الوردة هو شكلها ولونها ؟

أم تكون الأشياء جميلة بفضل علة أخرى معقولة مثالية هي مثال الجمال ” .وفي المثل ؛”من أجمل قيلا سمع جميلا “.ومصطفى محمود” الجمال الحقيقي هو جمال الشخصية وحلاوة السجايا وطهارة الروح”.

&&&&&&&&&&&&&

لساكن المدينة دور هام في المحافظة على جمالية المدينة من حيث العمران والفضاءات الخضراء، والحدائق الغناء، والطبيعة والبيئة والشوارع والأزقة والأحياء..

وللمدرسة مهمة شاقة ولكنها حميدة هادفة في توجيه التلاميذ عبر دروس التربية الإسلامية والوطنية والمدنية ، والتربية الفنية عبر الموسيقى والرسم والنحت والنقش ، والأدبية عبر الشعر والمسرح والقصة والرواية والمقالات الأدبية والنقدية، والتربية الجمالية عبر علم الجمال أو القيم الخالدة المشهورة ؛الخير والحق والعدل ،ثم الثقافة بأنواعها؛العلمية والروحية والصوفية والاجتماعية والشعبية و….والمكتسبة من تجارب الحياة .

فالتجربة هي أم العلوم كما قيل ….والاهتمام بالمحيط ومراعاة الظروف ،كقول الفيلسوف الإسباني خوسي أورطيغ إي غاسيت “أنا هو أنا وظرفي ” يريد الظرف أو الحال أو ما يحيط به ،يثبت أنه اجتماعي وليس أنانيا نرجسيا ،فالإنسان من طبيعته اجتماعي، ولذلك قيل فيه الإنسان حيوان اجتماعي سياسي ناطق عاقل ….

والحيوان القادر على خلق الرموز وغيرها من الأقوال، فلكل مقام مقال ،ولابد من مراعاة الحال ،العوامل المذكورة سابقا تساهم في إنشاء الناشئة وتربيتها ، وبناء الحضارة ،والحضارة يمثلها الإنسان، ومن صنع الإنسان المثقف الواعي الراقي الذي له إحساس بالجمال ؛ “الإسطيقا “، وأدرجت في اللغة العربية باسم علم الجمال ، وله نظرة ثاقبة دقيقة ذات مسحة جمالية وذوق رفيع ،ومتشبث بالثقافة الجمالية ومتشبع بها ،ويصل إلى مستوى التحضر إذا ما بحث عن شيء يجده أمامه ،فالحضارة هي حينما نبحث عن أشياء نجدها أمامنا ؛المطار/ المكتبة /المستشفى بجميع التخصصات / دار العجزة /دار لذوي الاحتياجات / الوقاية المدنية / دور الثقافة / المسرح معهد الفنون الجميلة وو….

يرى البعض ؛” التربية على المواطنة قاعدة أساسية من قواعد مناهج الدول المتحضرة التربوية خاصة بعدما اعتمد العالم سنة 1989أحكام الاتفاقية لحقوق الطفل “، الأدوار المذكورة أعلاه ، لها دور أساسي في تكوين شخصية الإنسان ،وتهذيبه على احترام كل ما هو موجود بالمدينة وخارجها ، وأيضا دور المثقف الذي يسبر غور المجتمع ويحلل أسس بنيته ، ويوجه الفرد إلى السبيل القويم والنهج الصحيح ، وينقد كل سلوك سلبي يؤدي إلى التخريب ، ويكون سببا في تراكم الأزبال والأوساخ والسرقة والسب و”التشرميل ” والقتل ،ثم دور المنتخب الذي يجب عليه أن ينافح عن مدينته أو قريته ،وينقب ويبحث ويفتش عما تفتقر إليه من مواصلات وماء شروب، وإنارة ومراحيض ،ومؤسسات ومرافق … ليجعلها جميلة من حيث العمران والفضاءات الخضراء والشوارع ،إن تقدم المدينة يقاس بمدى توفرها على المراحيض في الأماكن العمومية؛ الحدائق / الأسواق / الساحات / وغيرها من الأماكن ، والمدينة النظيفة دليل على رقيها وتقدمها و تحضر أهلها، ومراحيض المقاهي تقوم بخدمة الإنسان الزائر أو السائح أو الزبون حينما يريد قضاء حاجته البيولوجية .

المؤسسات العمومية والمرافق والمصالح والخدمات، يلزم أن تكون قريبة من الساكنة ،لتحصل على وثائقها في أقرب وقت ،وتوفير المواصلات داخل المدينة للتواصل والوصول في وقت وجيز ، بعيدا عن الانتظار والتعطل بسبب البعد ،فالساكن في أقصى المدينة، متى سيصل إلى مكتب البريد الوحيد المتواجد في بني انصار والذي يعرف أحيانا الاكتظاظ ؟؟.

وأيضا دور السلطة المحلية والأمنية في المحافظة على أمن المدينة، وسلامة الساكنة ،وجعلها تطمئن وتعيش في طمأنينة ،لأن الضجيج ليلا يقلق راحتها في جميع الأماكن ؛الأحياء الشوارع الحدائق الأزقة ، فهناك بعض المطاعم تتحول إلى مقاه، ينتج عنها ضجيج الجالسين إلى الساعات الأخيرة من الليل …؟؟، وكذلك الحدائق تكون مليئة بالمشردين والمتسكعين والمتسولين واللصوص والنشالين.

مناظر هذه المدينة صباح مساء ليل نهار مناظر بشعة سمجة مشينة، جامعة لجميع النعوت المقيتة ، تجعلها مشوهة قبيحة ، تقلل من جماليتها ، يلزم حماية هذه المدينة من طرف الجميع بدون استثناء ، حتى معالمها وبعض مؤسساتها هدمت ،وآثارها طمست وسفتها الرياح ،ومعاركها الشهيرة أهملت تاريخيا وجغرافيا لا نعرف أماكنها ،فأين المؤسسات التي تؤرخ لتاريخ المدينة ووجودها وجمال معمارها ؛البنك المغربي قبل الاستقلال ، التجهيز ،مركز الفلاحة ، مفوضية الشرطة ، السينما ، القباضة ، البناية الضخمة لخزن المعادن ، القاطرات البخارية ، مستودع الستيام ، لا إسبانو، صناعة الخيوط ، صناعة الشمع ،؟ أين الجمارك المؤسسة القديمة بمعماريتها الجميلة والنقوش التي كانت في واجهتها ،؟ أين بناية مدرسة مولاي بغداد الجميلة بموقعها في مكان عال ،ودرجها للولوج إليها عبر رتاجها الكبير، حيث الباحة الداخلية فالأقسام الواسعة ، وعمارتها وفسيفسائها وبلاطها وزلجها وحديقتها الفيحاء بورودها وزهورها المختلفة الأشكال والألوان، والأشجار الباسقة الشديدة الاخضرار ؟،وأين دفاترها الموزعة مجانا على التلاميذ في ذلك العهد بغلاف يحمل صورة المدرسة نفسها ؟؟؟ ،وأين وأين…وإلى أين يا بني انصار .؟؟؟،آه ثم آه يا بني انصار/ تموت وهي واقفة كالأشجار .

إن جمال المدينة يذبل شيئا فشيئا ويوما بعد يوم، بسبب الإهمال وغياب الأخلاق والحماية والرعاية والعناية والمحافظة والمراقبة والتغريم والزجر ، والثقافة بجميع أنواعها، والتربية الإسلامية والوطنية والجمالية والفنية ، فالحديقة التي هي بمثابة واسطة العقد للمدينة وقلبها ورئتها ؛ بها ثلاث آبار وهي حرّى، وثلاث فساقيّ وهي جافة ،لا تسمع فيها خرير المياه الذي يهذب حاسة السمع، ولا شقشقة الطيور بأنغام ساحرة كأنها صادرة عن جوقة موسيقية في الهواء الطلق ، ولا الزهور التي تسعد العين وتبعد عنها القذى ، ولا تنشرح الخياشيم بروائحها الذكية …..الحديقة مهملة اليوم رغم وجودها الذي يرجع إلى القرن الماضي ،والتصميم الجديد الذي كان في 2010 ، ثم بعض التعديلات بين آونة وأخرى ؛بين إقدام وإحجام، وغرس وزرع وبذر،وقلع ونزع واستئصال ، وسرقة حتى الأفسال ، وتهذيب وتشذيب وتقليم وتنقية وتشحيل وقضب ، ثم تخريب وتبول على جذوع الأشجار ،وجحس قشرتها ،وقطع أغصانها وتكسير أفنانها ، وعاذرة أنى اتجهت رائحتها تشمئز منها النفوس ،تزكم الأنوف ، تخنق الحيازيم ، وبغبغة الأعشاب بالأقدام والكراسي والموائد المتواجدة في جوانبها ووسطها وعقرها ، فالحديقة في بني انصار جامعة مانعة ،بزت الجنائن المعلقة ببابل وهي من عجائب الدنيا السبع ،و لها وظائف عدة ؛ملعب/ مقهى /مطعم / ملهى / مراغة / مزبلة / فندق/ حظيرة / سوق /مرحاض / مأوى للكلاب الضالة والمسعورة بداء الكلب / مكان لتناول السموم بأنواعها/ مكان للقمار …؟؟

واليوم هي في تهيئة جديدة وإصلاح جذري ،بواسطة وكالة مرتشيكا ، ونتمنى أن تكون الحديقة جميلة مستقبلا ، ومكانا آمنا للترويح والتنزه ،ومتنفسا للعائلات والأطفال والساكنة طرا . بأعشاب وأشجار وزهور وورود وطيور وفساقيّ ، وبمكتبة صغيرة للأطفال قصد القراءة في الوقت الثالث ، أفضل من الإقبال على السموم الفتاكة والتي لا علاج لها حالا ومستقبلا ،لأنهم يتأثرون بما يرون ، ويقلدون المشردين المدمنين والذين نهايتهم مستشفى الأمراض العقلية والسجن والتشرد والتسكع…؟؟ .

ختاما أخجل وأوجل أن أكتب عن هذه المدينة ،لأنني أكون مقصرا في الوصف ونقل الحقيقة والواقع ، وفاشلا في المحاكاة أثناء الكتابة ، واليراع يجف و يشل، ولا يخط ولا ينقل ولا يبدع ولا يريد الكتابة، لأنه لا يعرف من أين يبدأ وإلى أين ينتهي….؟

وهو يتحدث عن هذه المدينة المنسية المهمشة اليتيمة المهملة المريضة ، إنها قرية ؛لأنها لا تتوفر على مواصفات المدينة ، ساحات فارغة ، بنايات متناثرة هنا وهناك وهنالك ، عرصات مسيجة بأحجار وأشجار وعوسج وسدر …طرق محفرة أزبال وأدران وو…شوارع بدون إشارات المرور الضوئية .موقعها الجغرافي المتنوع جميل، ذلك الجمال الطبيعي هو الكمال المطلق الإلهي ؛البحيرة الصغيرة / البحر الأبيض المتوسط / الجبال /الغابات / العيون / الوهاد / النجاد /…أماكن جميلة تستدعي الرحلة والخلق والابتكار والإبداع ،والقيام بإنشاء مشاريع سياحية ، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي لأنها باب أوربا …ولكن حالتها لا تبشر بخير، تبدو حزينة مفعمة بالنفور والحقد والخزر والشفون، وديدنها الهدم والتخريب، ودأبها الفوضى والسيبة ، لغياب المسحة الجمالية والدعة والاطمئنان، والعيش الكريم ، والاحترام والتقدير، وسلوك التمدن والمدنية ،فلا بد من إيجاد حل للمتسكعين والمشردين والمدمنين ، كإعادة التربية لأننا نعاين أطفالا وهم في سن التمدرس يتسكعون ويتسولون وهم في حالة سيئة بأسمال رثة ،وبشعر أشعث ،وكذا فتح مراكز للعلاج ،وتوفير الشغل مع التدريب عن طريق التكوين المهني في مختلف المهن ،ويلزم الاهتمام بالشباب والأطفال والتلاميذ بفتح المكتبة العامة لتنمية مداركهم ، والمركب الثقافي والأندية لصقل مواهبهم عن طريق الرسم والموسيقى والمسرح ..والملاعب الرياضية لتقوية جسومهم ، لتصبح مدينة ذات لوحات متعددة متحركة من مهرجانات ،ومقابلات رياضية ،وعروض مسرحية، ولقاءات وندوات وقراءات شعرية ،ومعارض فنية ؛لوحات وأزياء وتحف … ، لأنها أصابها الركود والجمود، يموت فيها الإبداع والنشاط والخلق والتجديد والإنتاج والابتكار ، يهيمن عليها الاستهلاك والاجترار والتكرار ، لذلك تعيش الرتوب والملل والسأم واليأس والحزن ، فقدت نصيبها من الجمال والمتعة والفرحة والفرجة ،وفي مدينتنا مواهب فذة ،وقد قلت في القرن الماضي؛

مواهب فذة أجواؤها فكر /// يحار في صنعها الجن والبشر .

وأيضا في أطفال قريتي ؛ تلاميذ في أيام الدراسة ،وعمال في فصل الصيف.

في قريتي أطفال همهم أمل /// فليرعهم ربي شعارهم عمل.

على أهل الشأن المحلي والسلطات المحلية والأمنية ؛ أن يفكروا في دحق القبح والوسخ ، وسلوك التهور والجبخ، والعصيان وعدم الاعتراف بالقانون ، ودحر السب والقذف في الشوارع والأسواق، وجعل حد لاحتلال الملك العام الذي يعرقل السير في الأرصفة ،والجلوس في الحدائق ،والمشي في الشوارع إلى السوق للتسوق ،ويتحتم أن يتم ذلك عن طريق المواظبة في المراقبة والترصد مع التنبيه والإنذار والزجر والتغريم ،علينا طرا وجمع وبصع وكتع ،ألا نئر إرة للنار ونزيد للطين بلة ،ونساهم في تأخر هذه المدينة التي لها أكثر من قرن ، فالمدينة ليست فقط بعماراتها الإسمنتية الشاهقة ،وبناطحات السماء الباسقة ،وإنما برجالاتها وفكرها وفنها وأخلاقها وآثارها ومتاحفها ومكتباتها وتراثها ومآثرها وتاريخها وو…فقد قيل ؛

.هذه آثارنا تدل علينا /// فانظروا بعدنا إلى الآثار ،

وهذا البيت فيه روايات ؛إن آثارنا / تلك آثارنا / هذه آثارنا / فانظروا من بعدنا /.

المدينة التي يغيب فيها التوثيق والنشاط الثقافي والرياضي والفني والتراث ،مدينة جامدة ميتة لا يذكرها التاريخ ولا أهلها ،والمدينة التي تغيب فيها القيم الثلاث التي تنتمي إلى علم الجمال وهي :الحق والخير والعدل ، ثم أفول الأخلاق والإيثار والتسامح والجميل الذي هو الإحسان والمعروف ، وعدم تقبل الآخر ورأيه ؛ مدينة تذهب ريحها ويندثر وجودها وينقرض كيانها ، وتنعدم أريحيتها .وقال أمير الشعراء أحمد شوقي وكان على حق ؛

وإنما الأمم الأخلاق ما بقيت /// فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا .

إننا نغضي على القذى،ونصبر على الأذى ، وللصبر حدود كما تردد سيدة الطرب كوكب الشرق ، ولكن؛ المناظر المشينة، والسلوكات المقيتة ،والممارسات المرفوضة ، تدفعنا إلى البوح والكتابة ، لأن حيازيمنا طافحة بالألم المحرق،والمضيض المحزن الموجع ، وجروحنا غائرة لا تندمل، وحظنا عاثر تعس ،وهذا قدرنا في هذه المدينة المنسية ـــ كما سميتها ـــ التي نريد أن تكون جملاء كباقي المدن …ولكن هيهات وهيهان وأيهان.. ..حتى يرد الضب ….،ولا يكون ذلك حتى يشيب الغراب …ااا؟؟.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .