الرئيسية كتاب وآراء أريهـــا السهـــى وتريـــنــي الـــقـمـــر..اااا بقلم ذ.محمادي راسي

أريهـــا السهـــى وتريـــنــي الـــقـمـــر..اااا بقلم ذ.محمادي راسي

كتبه كتب في 14 يناير 2023 - 2:22 ص

بقلم ذ.محمادي راسي – جريدة البديل السياسي :

أريهـــا السهـــى وتريـــنــي الـــقـمـــر..اااا

&&&&&&&&&&&&&&&&&

في هـــلــــة المقـــــالـــة :

==============

أسوق الأبيات الآتية ـــ رغم قدمها ــ لطلاوتها وعذوبتها ،وإن كان أعذب الشعر أكذبه كما قيل ، أو أحسن الشعر أقصده ، أو أجود الشعر أكذبه ، الشعر ضرب من الجنون ، الشعر؛ هو الشعر هو الشعر …الشعر ما أشعرك ، الشعر ديوان العرب …..

هذه الأقوال القديمة وهي كثيرة ؛ يرددها أهل الأدب والدرس والبيان واللغة ، ولسلسلة ألفاظها ، وجلجلة حروفها ، وتناسق معانيها، هي أبيات في التربية والمعاملة ، وعدم التسرع والتهور والتجبر ، وإن كان فيها افتخار كرد على المتجبر الذي لا يريد أن يرعوي ، ولا أن يهتدي إلى السبيل القويم الرشيد ، والطريق السديد، إنها أبيات تتدرج من اللطافة والليونة واللباقة والرفق والتريث والترجي إلى الشدة والقوة والإثبات ، لمواجهة السلوك المتعنت .

فمن أسلوب النداء إلى أسلوب النهي ، وأسلوب الطلب وجوابه ، إلى أحرف الاستفتاح و التنبيه والتوكيد ، كل ذلك ؛ لتوضيح وفك ما غمض من أمور، وكشف ما هو مستور ، كأنها علامات التشوير المثبتة على جنبات الطرقات للسائقين ؛ من انتباه وخطر وسماح وقف …..إليكم الأبيات لأبي عباد عمرو بن كلثوم المنتمي إلى العصر الجاهلي : العصر الفني كما يسميه أستاذنا نجيب محمد البهبيتي .

أبا هند ،فلا تعجل علينا؛/// وأنظرنا ، نخبرك اليقينا

ألا ، لا يعلم الأقوام أنا /// تضعضعنا ،وأنا قد ونينا

ألا ، لا يجهلن أحد علينا ،/// فنجهل فوق جهل الجاهلينا

لو بقي أستاذنا الجليل المرحوم نجيب محمد البهبيتي حيا ، تلميذ طه حسين سابقا ، لاستغرق في شرح هذه الأبيات أكثر من ساعتين ، كما كان يفعل حينما كان يشرح أبيات المعلقات ، في مدرجات الجامعة في أواخر الستينيات ، من الناحية النفسية والثقافية والاجتماعية والسياسية والعصبية القبلية والجغرافية والتاريخية والظروف والملابسات ، والنحوية والبلاغية ؛البيان والمعاني والبديع والصور الشعرية ، وكان يحار رحمه الله في قول امرئ القيس في وصف الفرس من حيث الصورة الشعرية ؛” مكر مفر مقبل مدبر معا “….. وغيرها من أبيات المعلقات المغلقات المستغلقات ، حينما استحضر بعض أبيات الشعر القديم ، أحس كأنني ما زلت طفلا في المستوى الابتدائي ، لا يحسن القراءة ، ولا يتقن الشكل ، ولا يدرك المعنى والمبنى، ولا يفهم المغزى ، ولا يعي المرام والمرمى .

ثمة شرذمة نزيرة غير نزيهة ، تعد على رؤوس الأنامل ، بشعار: التبجح والبداخة والبخبخة والجح ، والغطرسة والبقبقة والزقزقة والرقص على الخواء ، غفر الله لها على تلة من التلالة في هذه المدينة ؛ مدينة بني انصار كما سميتها المهمشة المنسية البريئة اليتيمة ، تستجهل الساكنة ،وتستخفها ،وتسخر منها ، لأنها تعتبر المدينة مدينة صامتة جاهلة أمية ميتة ، لا يمكن أن ترفع عقيرتها وصوتها ، وتشهر الورقة الصفراء والحمراء في وجه المتهورين والمقصرين في عملهم أثناء القيام بمهامهم ، يلاحظ أحيانا العشوائية والاعتباطية في ضبط مصالح المواطنين ، وركوب سلوك المحسوبية والزبونية .

والغنيمة الباردة ، والاستهزاء بالمواطنين حينما يلجون إلى مختلف المؤسسات العمومية للحصول على وثائقهم ، أو أداء ما يجب تأديته ، أو استلام أو تسلم أشياء تخصهم ..إن هذه السلوكات نعاينها ونشاهدها ، وتكرر يوميا ، نظرا لسكوت بعض المواطنين الأبرياء الضعفاء .

على المتهورين الذين لا يقدرون المسؤولية ، أن يحذروا غضب بني الغبراء ، ولا أحد يستطيع أن يبيخ احتجاج الفقراء الذين أصابهم البوخ المبرح المضني المفضي إلى الهلاك .

فالضغط يولد الانفجار ، وللصبر حدود ..والتسلط والشطط انتهت صلاحيتهما ، غير قابلين للتجدد والتجديد والاستمرار والدوام ، أمام تسلح المواطنين بالوعي والمعرفة والتجربة .

ومن خلال المعاينة والملاحظة ؛ تلك الثلة القليلة ؛ يجب أن تخصص لها بضعة دروس في التربية والأخلاق ، وطريقة التواصل مع المواطنين حسب درجة ثقافتهم ووعيهم ومدى فهمهم وتفهمهم واستيعابهم للأمور فالعقول مختلفة ، لا بالتسلط والتكبر والتجبر والاستهزاء والتخويف ، كما على المكلف ؛أن يتواضع وينزل إلى مستوى المواطن ، وأن يعترف بأخطائه إذا ما ارتكبها في وثيقة ما ، كيفما كان نوعها أو أهميتها ــــ كتابة ومضمونا وشكلا ــ وألا يلجأ إلى المداراة والحيل وتمويه الحقائق والتملص والتهرب من خطأ واضح كالشمس ، أو زلة كحجم الجبل ، خوفا من الفضح والمسخ ، لذلك لا يعترف بأخطائه التي قد تكلف المواطن كلفة مكلفة ، وتسبب له مشاكل مختلفة .

إذا ما حاول تصحيح الوثائق والمستندات للحصول على المستحقات ، ويستغرق الضبط أياما وشهورا وأعواما ، فالتنبيه واجب كي لا يكرر بعض المكلفين الأخطاء ، وليأخذوا الحيطة والحذر والعبرة من الزلات السابقة ، تفاديا عدم تكرارها ، وتجنبا ما لا يحمد عقباه ، كالتأديب والتنقيل والعزل والتشطيب ،بمرد سوء التسيير ، وعدم تقييم الأمور، وتقويم الاعوجاج ، والاعتماد على السداد في القول والفعل والعمل ، وتقدير الأشياء ، وغياب الجدية والضبط والإحكام والترشيد والحكامة ، وتفشي ظاهرة التقصير والإهمال والإمهال والتسويف والإغفال ، وأفول الاعتراف بالأخطاء ، مع التمسك بالبلبلة والسفسفة والسفاء دون البحث عن الزلات ، والوقوف على مكامن الأخطاء والعلات ، مع القيام بشروحات وبيانات لإقناع المواطن ، ليس بشعار “ماشي شغلي “، و “معلهش ” ، “سر فينما بغيت “…….

جاءت صورة مدينتنا متسخة قاتمة ، طافحة بالسلبيات والتقهقرات مليئة بنقط سوداء ، ملوثة بالأزبال والأدران أني اتجهت ، مهمشة من حيث حدائقها ؛ فالحدائق عبارة عن حظائر للبغال والحمير والأغنام والثغم ، ومسارح وفنادق ومقاه وكوليزيومات وحانات وملاه للأنام أو الآنام.ااا ، إنه احتلال للملك العام بدون قانون وسند وعقد ….

ولذلك تشهد الحديقة الاحتلال والاختلال …

وشوارع المدينة وطرقها ” وحتى الرئيسية المؤدية إلى الناظور وغيرها ” ،مليئة بالحفر بأنواعها وأشكالها ؛ كالأثلام والثقوب والجوب والخلال والتجويفات والفجوات والتصدعات والفلوع والشقوق والفلوق.والفتوق ….وهلم جرا وردفا ونعتا ووصفا وتكرارا ….ااا .

وبعض أحيائها ومداشرها معزولة من حيث الإنارة والكهرباء والمواصلات ، بعيدة عن الإدارات والمرافق والمصالح العمومية .

وختاما أنفر من مشاهدة بعض المشاهد المشينة ، وبعض اللقطات المستفزة ، وبعض السلوكات المخزية ، لا أعي جيدا، ولا أفقه شيئا ، ولا استوعب أمورا ،/ ربما من باب الجهل ، أو السهو والغفو والغفول ، أو عدم الوعي / ، ما يدور في مدينتي .

وأعجز عن قراءة جغرافيتها المعقدة أكثر من الحروف الهيروغليفية ، ولا استطيع التنزه في فضاءاتها التي تعمها الفوضى ، العامرة بالثغم والبهم والبغام ،والمشي في شوارعها الحافلة بالكلام السوقي الساقط ، المليئة بأطفال ويفعان وشبان في سن التمدرس ، يجولون ويتسولون ، والتسول عادة قبيحة ، تعلم الكسل والتواكل ، بدلا من البحث عن العمل ، ولا الجلوس في حدائقها المليئة بالروائح الكريهة النتنة ، علاوة على رائحة الشيشة الخبيثة المضرة ، مدينة بلا ضمير ووعي ومراقب وحسيب ورقيب ، وبلا مسير يسير شؤونها على ما يرام بحزم وإحكام ، خالية من الضمائر الحية الغيورة ، و من التمدن والتحضر ومواصفات المدينة …..

إن كتابات بعض الكتاب الغيورين الملتزمين ، تنبه المسؤولين والمسيرين والقائمين على شؤون هذه المدينة ؛ إلى الانتباه لما يروج ويحدث فيها من تناقضات ومفارقات ، لا تمت بصلة وثقافة المدينة ومواصفاتها ، ولكن هيهات وهيهان وأيهات ….

وأكتفي بإعادة عنوان المقالة ، وفي الإعادة إفادة ، لأجل الفهم والاستزادة والاستفادة ، وفي الإلحاح الإيجابي ؛ ثبات وعزم ونجا ح ، وفي التكرار المجدي ؛ إقرار وفلاح و صلاح وإصلاح ….” أريها السهى وتريني القمر” …..”أروح أنويرك دار خوالك “..ااا؟؟.

واختم بما قاله المرحوم محمود درويش:من قصيدته المشهورة “هو لا غيره ” ، /” قال يحاصرني واقع لا أجيد قراءته “. أجل ؛إن الشوارع والحدائق والأحياء ــ اليوم ــ عبارة عن مدارس مختلفة متخلفة ، مشحونة بالهيبية والعبثية والبوهيمية والقرقوبية والتواكلية والهداوية ….

بمقررات وبرامج سريالية لا تمت إلى الواقع بأي شيء ولا بقرابة ، ولا صلة لها بالعلوم الإنسانية والاجتماعية والنظرية والدقيقة والقانونية والاقتصادية والسياسية والشرعية و…

وعلم التربية والأخلاق والجمال …. ولا يمكن فهمها وأنت منخرط في هذه المدارس الفاشلة المشحونة بسلوكات غير سوية ، المريضة بأمراض نفسية وعقلية وجسمية ،…. لو بعث بسيغموند فرويد ، لحار في أمر هذه المدارس الوهمية ، ولعجز عن تفسير وتحليل سلوكياتها وأحلامها وأهدافها .

وأختم ببيتين من الشعر على سبيل المثال ،وهما شاهدان في النحو ـــ وهما غيض من فيض وبرض من عد ، …..

كخلاصة لما ورد في هذه المقالة المتواضعة ، وللذين يدعون الفهم والدراية والعلم …..

قصد الدرس والتحليل والشرح والغوص لاستنباط المعنى ، وما غمض وارتج من الكلام ،لتتم الفائدة ،وتتضح الرؤية ،وفهم المضمون المغزى والمبنى ،وفك اللغز ،والوصول إلى المرام والمراد …..

1ــــ أطرق كرا أطرق كرا /// إن النعام في القرى .

وهذا البيت أصبح مثلا يضرب ؛”أطرق كرا إن النعامة في القرى”

2ـــ أعد نظرا يا عبد قيس لعلما //

أضاءت لك النار الحمارالمقيدا.

 

٢٢

 

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .