الرئيسية كتاب وآراء قصة قصيرة: الغجرية والقطار La gitane et le train…بقلم: خالد بوزيان موساوي

قصة قصيرة: الغجرية والقطار La gitane et le train…بقلم: خالد بوزيان موساوي

كتبه كتب في 23 سبتمبر 2022 - 11:16 م

جريدة البديل السياسي :

قصة قصيرة: الغجرية والقطار

La gitane et le train

بقلم: خالد بوزيان موساوي

مر القطار. لم تتذكر إن كان الثالث او الرابع. بدات الذاكرة تخونها مع مرور السنين. لوحت بمنديلها من على أريكة الانتظار للمسافرين كما لوداع أخير، واشعلت سيجارتها.

كثيرا ما تم اعتقالها واستجوابها في مخافر الشرطة حتى سئم أمن محطة القطار من محاصرتها وطردها؛ كانت دائما تجد طريقة للهروب من الملاجئ لتعود إلى أريكتها حتى اصبحت كما لو كانت جزءا من الديكور العام للمحطة.

اسمها “أميمة”، وتجيب بفلسفتها الخاصة من يسألها عن مغزى اسمها:

– ‘أميمة” اسمي، و”أممية” لقبي لان كل الأمم أرضي وموطني … والوطن ليس حفنة تراب وحجر وسقف وجدران … هو احساس بالانتماء لأي مكان تحفظ فيه كرامة الانسان.. حيث لا يخاف ان يمرض، لا يخاف ان يجوع، لا يخاف ان ينام في الحر والقر، لا يخاف ان يصير عالة على غيره، لا يخاف ان تصادر حريته وحقوقه كيفما كان عرقه ولونه ومعتقده ولغته ….

كلما سمعت مكبر صوت يعلن عن وصول أحد القطارات، تتأهب لاستقبال المسافرين بابتسامة عريضة لا تخلو من فرحة وسخرية قبل ان تجلس فوق نفس اريكة الانتظار، تشعل سيجارتها، تأخذ نفسا طويلا وتطلق تنهيدة أسف كمن كان ينتظر عزيزا ولم يأت.

سألها مرة مفتش شرطة المحطة – وكان قد اعتاد تواجدها وعنادها وجنونها – بلهجة ما بين الفضول والسخرية:

– ألا زلت تنتظرين فارسك؟

اجابته وكأنها تحدث نفسها:

– وهل يعود الراحلون؟… وحتى وإن فعلوا، هل سنعاود اللقاء بهم كما رحلوا؟… نحن، يا سيدي، نشبه القطار؛ أناس في حياتنا يصعدون، واناس ينزلون، البعض منهم يتأخرون، وغيرهم يتخلفون، وآخرون مثلي ينتظرون…..

وسألها:

– وانت؟.. انت ماذا تنتظرين؟

اجابت:

– قلت لك أيها المحترم: – لا شأن لي بالمغادرين، فهم حتى وإن عادوا.. ففي صورة أخرى قد لا تعجبني… ولست أهتم لأمر القادمين الجدد… ألا تراهم في خطاهم يسرعون وكان خطبا ما مستعجلا ينتظرهم؟… ولا خطب في الأفق ولا هم يفرحون..

وسالها:

– ولماذا لا تسافرين؟

أشعلت سيجارة أخرى، واجابته:

– متى حان دوري… اكيد سافعل… ساعة الرحيل لابد آتية… وقد أترك منديلي لغيري ليلوح لي..

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .