الرئيسية دين و دنيا الوصية الواجبة أو وصية القانون

الوصية الواجبة أو وصية القانون

كتبه كتب في 21 أغسطس 2022 - 4:34 م

جريدة البديل السياسي :

مقدمة
إن الوصية الواجبة أو وصية القانون أمر مستحدث في الفقه الاسلامي وتشريع الاحوال الشخصية المغربي ولم تكن موجودة في مصر قبل سنة 1946 والسوري سنة 1953 ومدونة الأحوال الشخصية المغربية شرحتها بالكتاب الخامس.
وسميت بوصية القانون وجوبها من المشرع فعلى المورث أن يقوم لها وأن هو لم يفعل أجبيره القانون على القيام بها واحل نفسه محله في وجوبها وتنفيذها.
وسبب هذا هو أن جمهور الفقهاء يذهب إلى أن الوصية في حد ذاتها مندوبة، إلا أن البعض الآخر من الفقهاء ذهبوا إلى أنها واجبة للوالدين والمقربين غير الورثين تبعا لقوله تعالى : ” كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت أن ترك خيرا، الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف” وأن هذه الآية لم تنسخ بآية المواريث لأن وجوبها ظل قائما بالنسبة لغير الوارثين وظلت اختيارية عند البعض الآخر فيما يتعلق بالوارثين، وهناك من لم ينزع عنها الوجوب قط وإن كان يجعله ديانة لكن الامام ابن حزم يجعل الوجوب قضائيا كما سيأتي.

حكمة مشروعيتها:
إن الاسلام عندما قضى بتوريث الاقرب وترك الابعد كان نظاما مشروعا ولكن كثرت الشكوى من حالة توافي فيها المنية انسانا مخلفا أباه وأمه وأبناءه وبعد مدة توافي الموت أبا هذا الانسا ن أي جد هؤلاء الأحفاد مخلفا ابناءه أي الاعمام، ويكون الاعمام كلهم أو  بعضهم في حالة غنى أو ترف ولا يشكون الحاجة في حين أن الحفدة يشكون كثيرا، وبناء على هذا المبدأ العام من أن كل من يدلي بواسطة لا يرث مع المبدأ العام من أن كل من يدلي بواسطة لا يرث مع وجود الواسطة إذ فخؤلاء الاحفاد يدلون بأعماله إذا لا يرقون مع وجودهم في حين أن أباهم قد يكون ساهم مساهمة فعالة في ثورة جدهم خاصة ونحن نعيش في بيئة فلاحية كثيرا مايعمل الابناء مع أبائهم بصفة جماعية ولا يشعرون بأن أموالا خاصة بهم تكون لابنائهم بعد وفاتهم وخاصة فيما إذا وافتهم المنية قبل ابنائهم زيادة على هذا فإن هؤلاء الأبناء يعيشون في كنف جدهم، فإذا وافته المنية فلن يشعروا بالخيبة لذا كان من الضروري أن يرث هؤلاء مثل ماكان يرثه أبوهم من قبل، وعليه فإني أرى من الضروري أن أنقل هنا ما ورد في المذكرة التحضيرية التي قدم بها القانون المصري لسنة 1946 (وضعت هذه المراد 76-79 لتلافي حالة كثرت فيعا الشكوى وهي حالة الاحفاد الذين يموت آباؤهم في حياة أبيهم أو أمهم أو يموتون ولو حكما كالغرقى والهدبى والحرقى، فإن هؤلاء قلما يرثون بعد موت جدهم أو جدتهم لوجود من يحجبهم عن الميراث مع أن آباءهم قد يكونون ممن شاركوا في بناء الثروة التي تركها وقد يكونون في عياله. واخف شيء إلى نفسه أن يوصي لهم بشيء من ماله ولكن المنية عاجلته فلم يفعل شيئا أو حالت بينه وبين ذلك مؤثمرات وقتلته- قد تضمنت المادة 76 (أنهم إذا كانوا غير وارثين ولم يوص لهم الجد أو الجدة بمثل نصيب أصلهم فإن الوصية تجب لهم بإيجاب الله تعالى بمثل هذا النصيب على أن لا يزيد على الثلث وهي تجب لأهل الطبقة الاولى من أولاد البنات ولاولاد الابناء من اولاد الظهور لاينتسبون إلى الميت بأنثى وإن نزلت طبقاتهم والاصل يحجب فرعه دون فرع غيره ويقسم نصيب كل من أصل وابن الميت ماتوا مرتين- ولا يدخل في قسمة التركة أولاد الميت الذين ماتوا في حياته وان مات ابوه وجده في حياته ايضا غير مرتين وكان له ابن مات في حياته ولم يعقب أو عقب أولاد بنت قسمة التركة بين أولاد الميت الاحياء والاموات الذين هم من يستحق الوصية وهنا نصيب الابن والبنت الميتين أكثر من الثلث فيكون لهما الثلث يقسم بينهما قسمة الميراث للبنت ثلثه يعطي لبنتيها بالتساوي وثلثاه للابن يعطي لفروعه، ولو أن أباه مات قبل جده إلى آخر ما ورد ولا يتفق المشرع المغربي مع آخر المذكرة.

مصدر الوصية الواجبة الفقهي:
إن القول بوجوب الوصية للاقربين غير الوارثين قول مروى عن جماعة من فقهاء التابعين وفيهم جماعة من أئمة الفقه والحديث ومن هؤلاء سعيد بن المسيب، والحسن البصري، وطاووس، والامام أحمد في روايته، وداود الظاهري والامام الطبري، واسحاق بن راهوية وابن حزم.
واستدل القائلون بوجوب الوصية للاقارب غير الوارثين بقوله تعالى: “كنب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا، الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف، حقا على المتقين”.
ويقول الحصاص في كتابه أحكام القرآن: ” أن دلالة ظاهرة في إيجابها الوصية- وقوله تعالى: “كتب عليكم الصيام” فرض عليكم.
ولكن الفقهاء اختلفوا في بقاء الوصية والاقربين يذهب جمهورهم إلى أنها نسخت بآية المواريث أو بالحديث وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم “إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث” وعليه فالآية نسخت بهما وإن كان الحديث من خبر الآحاد ألا إنه في حيز المتواثر نظرا لشهرته و استفاضته، وإن كان بحوز نسخ الحديث القرآن لكن نسخ القرآن بخبر الآحاد صعب لأن الحديث يأتي في الرتبة الثانية بعد القرآن.
ولكن الفئة الثانية ترى أن آية الوصية للأقربين لوجود مانع من الموانعـ، ولكن العمل بها ترك في حق القرابة الوارثة بالآية والحديث، وإن كان البعض يرى بأنها لم تنسخ قط، وأن مفعولها لا يزال قائما إنما زالت عنها الوجوب وانحصرت في حدود الثلث، لأنه إن صحت الوصية لأجنبي فلم لاتكون للقريب .
وقد نقل العلامة فخر الدين الرازي في شرحه عن أبي مسلم الاصفهاني أن آية الوصية لانسخ فيها أصلا إذ أنه لاتوجد مخ الفة بينها وبين آية المواريث حتى تكون ناسخة لها لأن معناها كتب عليكم ما أوصى به الله تعالى من توريث الوالدين والاقربين في قوله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم” فيجب على الانسان أن يعطيهم ما خولهم المشرع أباه لا ينقصهم عنه شيء، و عليه فلا منافاة بين ثبوت الميراث للاقارب عطية من الله وبين ثبوت الوصية لهم عطية ممن حضره الموت.
ويرى ابن حزم الظاهري أن الهالك إذا مات ولم يوص لقرابته غير الوارثة فإن السلطة القضائية تقوم مكانه لإعطاء جزء من تركته لأقاربه غير الوارثين على أنه وصية واجبة، ومعناه أن الوجوب الذي قال به ابن حزم ليس اخلاقيا فقط ولكنه قانوني يجير القضاء الناس عليه.
وقصر الاقارب غير الوارثين على الاحفاد بالترتيب المبين في الفصل 266 وتحديد الواجب لهم بمثل نصيب أبيهم أوأمهم في الثلث مع تقسميمه بينهم قسمة ميراث هل هو مبني على مذهب ابن حزم أم لا، سنرى ذلك نهاية.

من تجب له هذه الوصية:
نص الفصل 266 مدونة على ما يلي: ” من توفى وله أولاد ابن وقد م ات ذلك الابن قبله أو معه وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته وصية بالمقدار والشروط الآتية” معنى هذا أن الوصية تجب في تركة الشخص لفرع من مات من ولده حقيقة أو حكما أو مات وقت واحد القتلى والحرقى والغرقى الذين يموتون في وقت واحد.
والمشرع المغربي عندما قصر الوصية الواجبة على أبناء الأبناء حسبما أملاه الفصل السالف وذلك مهما نزلت هذه الطبقة فإنه يتفق مع القانون السوري ويختلف عن القانون المصري الذي يجعلها كذلك للطبقة الأولى من أبناء البنات وقد جاء ذلك في الفصل 76 فقرة ثانية “وتكون هذه الوصية لأهل الطبقة ألأولى من أولاد البنات. ولاولاد الأبناء أولاد الظهور وإن نزلوا” والمشرع المغربي والسوري اعتبر أبناء البنات من ذوي الأرحام مع أن القانون المغربي لا يورثهم.
وعليه فإذا مات الشخص موتا  حقيقيا في حياة أهله أمه وأبيه وترك أولاد فإنهم يستحقون وصية  يلزم أن يعطيهم جدهم إياها، وإذا لم يعطهم حل القانون محل ه وأعطاهم إياها وذلك في حدود ما كان يستحقه أصلهم ما لم يتجاوز الثلث.
أما بالنسبة للمفقود وهو الذي يحكم بموته حكما ويفرق هنا بين ما إذا غلب في ظروف قاهرة يغلب فيها الهلاك الغريق والحريق والفيضان فإنه بعد مرور سنة من البحث عنه واليأس في الامر فإنه يحكم بموته حقيقة فتعتد زوجته وتقسم أمواله على ورثته الموجودين ساعة الحكم بالفقدان، أما بالنسبة لما كان بالامكان أن يرثه هم من الغير فيما بين فقدانه والحكم بذلك فاته يعتبر فيه تاريخ الفقدان لأنه يعامل بما هو أحسن وأصلح له وبما هو اصلح لسواه الفصل 222 و 223.
والمهم أن أولاد المفقود تكون لهم الوصية الواجبة باعتبار أنهم ابناء من حكم القضاء بموته، وما دمنا أمام موت حكمي وليس موتا حقيقيا فإنه قد يظهر المفقود حيا، هذه الحالة تبطل الوصية الواجبة لأنها خلف وعوض عن ميراث أصلهم فإذا وجد الأصل لم يكن للخلف محل، لكن ما يؤخذ منهم ما بقي في أيديهم وهم يمنون ما استهلكوه أو تصرفوا فيه لأنهم تصرفوا بناء على تمليك أي على وجه مشروع إذا فلا تعدى وإذا انتفى التعدي انتفى الضمان.
أما إذا مات المفقود في ظروف عادية فإن الاحكام هي نفس الاحكام السابقة مع مراعاة المدة إذ أنه يوكل أمر تقديرها إلى القاضي حسبما يقضي بذلك الفصل 223 الفقرة الثانية.
ويلاحظ ايضا أنه إذا مات عدة أشخاص ممن يتوارثوا وكان فيهم أصول وفروع كما إذا ماتوا غريق وحريق أو فيضان أو حاث سير ولم يعلم السابق من اللاحق منهم أي سبب من الأسباب فإنه لا توارث فيما بينهم وهنا تلزم الوصية وتكون للحفيدة فيما خلف جدهم ويلزم لها ولو لم يكن قد أنشأها لأنها إرادة المشرع وإلى هذا أشارت المدونة في الفصل 224 ” إذا مات جماعة معا وكان بعضهم يرث بعضا ولم يتوصل إلى معرفة السابق منهم فلا استحقاق لأحدهم في تركة الآخر سواء أكانت الوفاة في ح ادث واحد أم لا”.
أضف إلى ما تقدم فإن الوصية إذا كانت لأكثر من واحد قسمت فيما بينهم حسب تقسيم الميراث للذكر مثل حظ الأنثيين على اعتبار أن القانون جعلها عوضا لهم عما كانوا يستحقونه من ميراث اصلهم.
ويتم هذا إذا كانوا كلهم من أصل واحد، كأولاد ابن واحد مثلا فإن تعدد اصولهم بان كانوا أولاد ابنين أو ثلاثة فإن التركة تقسم قسمة الميراث بين تلك الأصول ثم يعطى لكل فرع ما كان يستحقه أصله أإن كان واحدا وإلا قسم بينهم على اساس مبدأ للذكر مثل حظ الأنثيين الفصل 269.
وعندما تتعدد الفروع بتعدد أصولها واختلفت قربا وبعدا عن صاحب التركة فإن الاقرب يحجب الابعد إذا كان فرعا له ولا يحجب فرع غيره لأن الوصية تكون لمستحقها في الطبقة الأولى ثم يتم انتقالها منه إلى أولاده ما داموا أهلا بها، الفصل 269 في آخره “..يحجب فيها كل أصل فرعه دون فرع غيره ويأخذ كل فرع نصيب اصله.

شروط إيجاب هذه الوصية:
1) الا يكون الفرع الذي مات أصله في حياة أحد أبويه وارثا فإنثبت له الحق في الإرث ولو قليلا فإنه لا يستحق وصية واجبة فالوصية الواجبة تكون تعويضا لما فات من الميراث، فإذا كان له حظه من ميراث فلا وصية واجبة فمن توفى عن أم وبنتين وبنتي ابن وابني ابن وأخ شقيق فلا وصية واجبة لاولاد الابن لأنهم يرثون السدس الباقي تعصيبا.
ومثله ما إذا مات إنسان وخلف بنتين وبنت ابن وابن ابن ابن فالبنتان يأخذان الثلثين والباقي ترثه بنت الابن وابن ابن الإبن على أساس مبدأ للذكر مثل حظ الانثيين ولو لم يكن معها ابن ابن الابن هذا ولو أدون منها درجة لما كان لها بشيء عن طريق الميراث بل لكانت لها اندات الوصية الواجبة.
ولو أن الهالك مات مخلفا بنتين وأبا وأما وبنت ابن وابن ابن فإن البنتين يأخذان الثلثين والاب والام كل واحد منهما السدس ولم يبق شيء لابن ولا لبنت الابن فيكون لهما الثلث عن طريق الوصية الواجبة وإلى هذا الشرط اشار الفصل 268 بقوله “لايستحق هؤلاء الأحفاد وصية إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جدا كان أو جدة.
2) ألا يكون الهالك الجد أو الجدة قد اعطى فرع من مات من أبنائه قيد حياته والذي يستحق الوصية الواجبة مقدار ما يستحقه بأي طريق كان، شريطه أن يكون بدون عوض كالهبة فإذا أعطاهم مثل نصيبهم فذالك، وإن أعطاهم أكثر مما يستحقونه كان الزائد وصية اختيارية يكون للورثة حق اجازتها أو رفضها.
ويجب أن نلاحظ هنا أن القتل العمد العدوان يحول دون الوصية الاختيارية والوصية الواجبة على حد سواء، وكل هذا مع مراعاة من أنه ضربه بعدها لا قبلها ومات من جرحه، أما إذا علم ومات من جرحه ولم يغير فلا سبيل إلى منعه من الوصية الواجبة، ومثله ما إذا ضربه قبلها ومع ذلك أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقون بهذه الوصية الواجبة فإن أوصى لهم بأقل من ذلك وجبت تكملته وأن أوصى لبعضهم فقط وجبت الوصية للآخر بقدر نصيبه على نهج ما ذكر”.

مقصد الوصية الواجبة:
إن الوصية الواجبة المفرع غير الوارث تقدر بما كان لأصله على شرط ألا يجاوز الثلث بعد التجهيز وأداء النفقات. وسر هذا التحديد يعود إلى أن المشرع يريد أن يمنع نزاع يمكن أن يثور فيما بين الورثة ومن مات أصلهم في حياة أبيه ولذا قدرت الوصية بما كان يستحق أصلهم.
وعليه فإذا زاد مقدار النصيب عن الثلث فإنه لايأخذ المستحقون إلا الثلث، ولا إهتمام بنصيب الأصل وهنا تشبه الوصية، فهي أخذ من هذه الوجهة بالوصية لا بالميراث، وعليه فالذي توافيه المنية مخلفا ابن ابن وابنين فمقدار الوصية الواجية لابن ابن هو الثلث. وهو نصيب اصله لو كان حيا وقت وفاة المورث فكان الجد مات عن ثلاثة ابناء.
أما من مات عن ابن وابن ابن فمقدار نصيب ابن الابن هو الثلث على الرغم من أن نصيب أصله هو النصف.
وأما من مات مخلفا ابن ابن مات ابوه في حياة الجد ومخلفا ثلاثة آخرين فإن الوصية الواجبة هنا هي الربع إذ الفرع هنا يستحق ما كان يستحقه اصله ولو أوصى الجد بثلث ماله لما نفذ إلا في حدود الربع الا إذا أجاز الورثة ذلك لأنه لا يجوز أن يأخذ الفرع أكثر مما كان سيأخذه اصله إذا الوضعية هنا تأخذ حكم الميراث، ثم من الشدود ان يأخذ الحفيد أكثر مما يأخذه عمه.
وإذا لم يوص لهم بشيء وجب لهم مثل نصيب أصلهم مادام هذا النصيب في حدود الثلث بأن كان مساويا له أو أقل من ذلك وإذا كان أكثر من ذلك وجب لهم في حدود الثلث والباقي يوقف أمره على أجازة الورثة.
إن الحكم السالف ينطبق ايضا فيما إذا أوصى لبعض المستحقين دون البعض الآخر ولذا فإن من لم يوص له من نصيب يعطى نصيبه  كاملا من باقي الثلث إن كان يسعه، وإن كان باقي الثلث لايكفيه كمل نصيبه من باقي التركة، ولذا فيمكن ان نعطي المثال الآتي:
إذا فضنا أن شخصا مات كان له ثلاثة أبناء مات أحدهم في حياته، مخلفا وراءه ابنين وكان الجد قد خلف 150 بقرة فإذا به يوصي لأحدهم بثلاثين, ولم يوص للحفيد الآخر بشيء، ولاشك أن ما يعطى للحفدة هو الثلث 50 بقرة، وبما أنه أوصى لأحد الحفيدين بثلاثين أي بأكثر مما يستحق فإن الحفيد الثاني يأخذ 20 بقرة، وبما أنه أفل من نصيبه فإنه يكمل له إلى 25 أما الذي أوصى له لأكثر مما يستحق فيوقف أمر الزائد إلى أن يجيزه الورثة أو لا يجيزوه.

تكييف هذا النوع من الوصية:
إنها ليست وصية بالاعتبار الذي تفهمه من أنها تصرف اختياري في ثلث المال لما بعد الوفاة وليست ميراثا لأنها لايمكن أن تتجاوز الثلث وإذا فيلزم أن نتعرض لبعض خصائصها إذاإنها تشبه الميراث وتخالفه وتشبه الوصية وتخالفها.
شبه هذا النوع من الوصايا بالميراث:
1) إن الوصية الاختيارية تكون وليدة إرادة الموصي ولذا اشترط لها التمييز أو أن يعقل القربة والبعض اشترط لها بلوغ سن الرضد القانوني، زيادة على اختلاف في وصية المجنون جنونا مطبقا والذي يتصل جنونه بالموت. أما الوصية الواجبة فهي أمر من الشارع ينفذ حتى ولو لم يرده الموصي ولدا فإنها اشبه ما تكون بالميراث الذي لا يملك فيه المورث أن يختار ورثته كما لايملك أن يعدل من أنصبائهم.
2) إنه أذا كان قد اختلف في أمر القبول وهل هو شرط انعقاد بحيث لا يتم إبرام التصرف إلا بإيجاب من الموصي له وقبول من الموصي أم أنه شرط لزوم يؤمر به نهاية فإن هذا الخلاف لايتصور في الوصية الواجبة لأنها مثل الميراث تدخل في ذمة الموصي له بصفة تلقائية، ولذا فإن البعض جعل دراستها بعد الميراث على اساس أنها أقرب إليه شبها، ولذا قيل عنها بأنها ميراث قانوني.
3) سبق بيان أن الوصية الاختيارية يمكن أن ترد كلها ويمكن أن يرد بعضها وأن هذا الرد لايكون إلا بعد وفاة الموصي لا يملك الموصي له ما يمكن أن يرد إذ ليس له إلا مجرد أمل في الوصية, إذ أن المنية قد توافيع قبل الموصي وقد يعدل هذا الأخير عنها، ولكن كل هذا لا يصدق على الوصية الواجبة لأنها مثل الميراث لاترد برد أحد.
4) سبق بيان على أ ن الوصية الواجبة تكون لأبناء المتوفى بمقدار ما كان لأبيهم ما لم يتجاوز الثلث وهي تقسم فيما بينهم قسمة ميراث للذكر مثل حظ الأنثيين وإذا تعدد الفروع فإن كل أصل يحجب فرعه دون فرع غيره، وهذا التقسيم يحدث حتى ولو أوصى ال جد بخلاف ذلك.

خلافها مع الميراث:
1) أن بإمكان الجد أن يمنح حفدته تبرعا ما يساوي ما كان يسؤول إلى أبيهم لو أنه ظل حيا حتى وافت المنية جدهم، ولو أنها اعتبرت ميراثا لما أغنى التبرع عنه أن يأخذوا حظوظهم كاملة وكل هذا شريطه أن يمنحهم دون عوض أما إذا أعطاهم بعوض فإن هذا العطاء لايحول دون أخذهم لما يعطيهم الشرع أياه فإن وهبهم أقل مما كانوا يستحقونه يجب أن يمكنوا من باقي حظهم، وإن مكنهم في حياته عن طريق التبرع بأكثر مما كان يستحقه أصلهم وكان صحيحا غير مريض مرض الموت فإن الزائد يكون لهم الحق فيه دون أن يتوقف أمره على إجازة الورثة لأن الإجازة تكون بالنسبة للتصرفات النافذة لما بعد الموت لا لتلك النافذة أثناء الحياة، فلو أنه اراد أن يعطي كل أمواله اثناء الحياة، فلو أنه أراد ان يعطي كل أمواله أثناء صحته أو جلها لأجنبي فهل يكون الانسان ملوما في هذا، وحتى المشرع المغربي كان صريحا في هذا الفصل 268 ” أو كان قد أوصى لهم أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقونه بهذه الوصية الواجبة فإن أوصى لم بأقل من ذلك وجبت تكملته وإن أو صى بأكثر كان الزائد متوقفا على إجازة الورثة” وطبعا هذا إذا أوصى لهم، إما إذا أعطاهم دون أن يتخذ العطاء شكل وصية فلا مجال للاجازة.
3) أن الوصية الواجبة لاتعتبر اصلا بل هي عوض عن الميراث لأن هؤلاء الحفدة يرثون ولذا فتشوا لهم عن عوض في حين أن الميراث بعد اصلا.

إنها تأخذ من الوصية الأحكام الآتية:
1) إن الوصية الواجبة لايمكن أن تكون إلا في حدود الثلث وهذا أقصى نصيب للوصية الاختيارية بدليل أنه لو كان لأب فرع من الميراث أكثر من الثلث كما إذا كان للانسان ابنان مات أحدهما في حياته فإن ورثته لن يكون لهم أكثر من الثلث.
2) إنها تقدم عن الوصايا الاختيارية وذلك عند التراجم لأنه لو قدمت الوصايا الاختيارية على الوصايا الواجبة وكانت في حدود الثلث لما بقي شيء لأصحاب الوصايا الواجبة وإن كان البعض يرى أنه بتحاص الجميع في الثلث أما المشرع المغربي فإنه التزم الصمت في الموضوع، وعلى كل فهي ميراث قانوني ولاسبيل إلى التزاحم في أمرها فهي مقدمة.
وبناء على ما يقضي به مفهوم المخالفة للفصل 266 فإن الولد إذا كان موجودا ولكنه كان محروما من الميراث لاختلاف الدين فإن ورثة هذا لايكون لهم وصية واجبة.
إلا أن هذا الفرع يستحق الميراث كما إذا نوفرت له اسبابه فإذا كان هو نفسه مخالفا لل جد في الدين فلا سبيل أن يرث.

اختلاف هذه الوصية عن الوصية العادية والميراث:
إ نه القول بالوصية الواجبة يلزم أن يموت الولد في حياة أبيه ويكون هذا الولد مستحقا للميراث وهذا يستفاد من الفصل 266 و 267 لكن ما الحكم إذا كان الحفيد يختلف عن أبيه وحده في الدين.
إنه بالعودة إلى النصين السابقين فإنها تعتبر مطابقة مما يجعلها تحتمل أن اختلاف الدين لا يؤثر، ولكن الحقيقة تخال ف ذلك أن هذه الوصية تعتبر تعويضا لهؤلاء الحفدة عما فاتهم من ميراث كان بالامكان أن يأخذوه من أصلهم لو لم يمت لأنه لو افترض أن الفرع لم يمت حتى وفاة أصله فإ ن فرعه لايمكن أن يرث عنه شيئا لاختلاف الدين إذ لم يحرم من شيء كان يلزم أن يعوض عنه، ولكن لا ننسى أنه كان بإمكان هذا الجد أن يوصي لحفدته فتنتذ وصيته رغم اختلاف الدين ولكنها لا تعدوا إلا ان تكون وصية اختيارية.

حالة وجود وصية واجبة:
إنه على الرغم من عدم إشارة القانون إلى رتبة الوصية الواجبة في التقديم لكن بما أنها اشبه ما تكون بالإرث لذا فإنها مقدمة على الوصايا الاختيارية، وعليه فيلزم أن نعطي بعض الأمثلة:
1) يفترض أن الهالك وافته المنية في حياة أحد أبويه ثم تقسم التركة على الورثة الاحياء والاموات على افتراض أنهم أحياء أي على اغتراض أنهم ماتوا إثر وفاة أصلهم بشرط أن يكون الفرع الهالك في حياة أبيه قد خلف من يحتمل أن يرثوه وشريطة ألا يزيد النصيب على تلك التركة، وعليه فيلزم أن نعطي بعض الأمثلة.
ماتت الزوجة وخلفت زوجا وابنا وابن ابن مات في حياتها وتركت 36 مزرعة فإن التركة تقسم بين الزوج والابن للزوج ربعها وللابن ثلاثة أرباعها والمسألة من 4 يزاد عليها مثل سهام الابن فتكون مجموع السهام 7 يأخذ ابن الابن 3 من سبعة وهي أكثر من الثلث فيرد إلى الثلث من أجل أن ينعدم التساوي لأن ابن الابن سيأخذ ثلث التركة وهو 12 فدانا فيأخذ الزوج ربعها وهو 9 افدنة والابن يأخذ الباقي وهو 15 فدانا.
وعلى كل فإنه لا المشرع المغربي ولا السوري أو المصري لم يذكروا طريقة معينة للقسمة واستخراج الوصية الواجبة، وإن كان عند مقارنتنا للنصوص يبدو أن النص المغربي والسوري أكثر وضوحا من النص المصري إذ النص المصري ورد كما يلي 76 “أن لم يوص الميت الفرع ولده الذي مات في حياته أو مات ميراثا لو كان حيا عند موته وجبت للفرع في الرتكة وصية بقدر هذا النصيب في حدود الثلث وهو نص اثار انتقادات كثيرة وهو يؤدي غالبا إلى إعطاء الحفدة أمثر من أعمامهم على الرغم من أن بعض الشراح أرادوا أن يتجنبوا مثل هذه النتيجة ولكن الواقع لا يسعفهم.
أما النص المغربي الفصل 267 فقد ورد كما يلي “الوصية الواجبة  لهؤلاء الاحفاد تكون بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله المذكور على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة وهو نص مأخوذ عن النص السوري الفصل 257 ولاشك أن التشريع السوري والمغربي يجنباننا مسألة أن يأخذ الحفدة أكثر مما يأخذ أعمامهم وعماتهم، ولنعط المثال الآتي:
إذا فرضنا أن الجد مات مخلفا خديجة وفاطمة وابن ابن مات أبوه في حياة الجد واسمه أحمد فالتركة تقسم وكأن أحمد لم يمت إلا عقب وفاة ابنه ومعناه أن التركة تقسم على اساس للذكر مثل حظ الأنثيين. فيأخذ أحمد النصف والنصف الباقي تقتسمه كل من خديجة وفاطمة أي تأخذ كل منهما الربع ثم توافي المنية أحمد مخلفا عزيزة وأخ تيه، فتأخذ عزيزة نصف تركته أي ربع تركة الجد والاختان خديجة وفاطمة يأخذان النصف الباقي، والنتيجة هي أن عزيزة أخذت أقل من كل واحدة من عمتيها، وحسب القانون المصري كانت عزيزة ستأخذ على قدم المساواة مع عمتيها، ولكن هذا الحل غير مقبول لو أن أحمد خلف أبنا يدل البنت لأنه سيستحوذ كل ما أخذه أبوه وهو نصف التركة وحتى عند تقييد النصيب بالثلث فإن الحفيد سيقف على قدم المساواة مع عمتيه ولذا فأرى أن تفيد الوصية بما يلي:
1) أن يكون للاحفاد نصيب بمقدار حصتهم مما يرثه أبوهم عن أصله المتوفى على فرض موت أبيهم إثر وفاة أصله.
2) ألا يتجاوز هذا النصيب ثلث التركة لأنها من هذه الناحية تعتبر وصية.
3) في جميع الأحوال يجب النص على ألا يتجاوز نصيب الحفدة ما يستحقه أعمامهم وعماتهم.

انتقادات توجه إلى الوصية الواجبة:
1) إن الوصية الواجبة قال بها التشريع المصري أولا ثم السوري ثانيا ثم المغربي مؤخرا وقد اعتمد المشرع المغربي على المستندات الفقهية التي اعتمدتها التشريعات السابقة وخاصة التشريع المصري الذي كانت له مذكرة تفسيرية أساسية في الموضوع حاول فيها أن يأتي بكل الآراء الفقهية التي اعتمد عليها، ولكن عندما وضع الاحكام حاول أن ينسب كل حكم إلى رأي فقهي معين وهو يستدل للوجوب يآية الوصية وعلى أنها لم تنسخ في حق القرابة غير الوراثة، وان الوجوب قانوني كما يرى ابن حزم، وأن ولي الأمر من حقه أن يعين أولئك الذين يمكن أن يستفيدوا من الوصية الواجبة، ولكن يجب ألا ن نسى أن ابن حزم نفسه الذي يراد الاعتماد عليه كثرا حدد الوصية الواجبة في الوالدين والاقربين غير الوارثين، وأنه يكتفي من الاقربين بثلاثة دون أن يذكر حفدة أو سواهم، ودون أن يحدد النصيب، إذ فكيف يمكن أن نسبب الوصية الواجبة إلى ابن حزم مع بعده عنها زيادة على هذا فكيف يمكن أن نربط بين آية الوصايا للوالدين والوصية الواجبة؟
2) إن الوصية الواجبة لم تقرر للوالدين والزوجة فيما إذا اختلفوا عن المورث دينا قد يقال أن الشبه بالميراث يحول دون ذلك وأنها عوضت عنه لاؤلائك الذين وافت المنية اباهم في حياة جدهم وهي حالة شاءت وكثرت منها الشكوى خاصة في البيئات الفلاحية ولكن ما الرأي بالنسبة لأم أو أب أو زوجة تختلف عندك دينا ولم تسعفه الظروف لتترك لها وصية اختيارية، إلا يمكن أن نقول بالوصية الواجبة؟ وأما عن كون الوصية الواجبة بديلا عن الميراث وانها لا يمكن أن تكون بأكثر من الثلث فيما إذا كان نصيب الفرع أكثر من ذلك، ثم أن العجز أن نتصور في الحفدة ألا يتصور في الوالدين والزوجة بل أن الحفدة قد يكونون أغنيات مترفين.
ألم يأمر القرآن بأن البر بالوالدين والاحسان إليهما ومعاملتهما بالمعروف.
ألم يقل الرسول صلى الله عليه وسلم لمن ساله عن أولى الناس بصحبتي فقال أمك ثم قال أمك ولم يقل الأب إلا مؤخرا فهذا يدل على وجوب معاملة الأم معاملة تنطبق مع قول الرسول صلى الله ع ليه وسلم الجنة تحت أقدام الأمهات، وإن كان المهم عندنا الآن أن نجمع الأب والأم.
3) إن المشرع المغربي تبعا للسوري قصر الوصية الواجبة على الحفدة من الأولاد الذكور دون الحفدة من الأولاد الإناث من ذوي الأرحام إذا فلهم وسيلة أخرى للإرث ولكن يرد على ذلك بأن المشرع المغربي لايقول بإرث ذوي الأرحام.
4) إنه عندما وقع الاقتصار في أمر الوصية الواجبة على الحفدة من أبناء الذكور دون أبناء الإناث وعلى الحفدة وحدهم دون سواهم من القرابة المقربة كالأبوين الذين لايرثون لمانع ديني مثلا فإن هذا مقبول ومنطقي من المشرع إذ من حقه أن يتدخل ليخصص من يستحق الوصية الواجبة ولكن يلزم أن يكون للتخصيص سبب معقول فالفرق بين الحفدة الذين قد تكون لهم أموال مهمة وبين أخت شقيقة حجبت عن ميراث أخيها في حين أنه لم يكن لها من يعولها سواه وأب مدقع ولم تشكو من قلة ذات اليد لا عيب فيهم إلا أنهم مختلفون دينا عن ابنهم.
ولذا فإني أعتقد أن الوصية الواحبة يجب ألا يقتصر مفعولها على الحفدة بل يلزم أن يتعداها إلى كل القرابة المحتاجة، والامل قوي في أن نتلاقى بعض الغموض الذي حدث في التشريع السابق فيما نزمع صدوره من قانون جديد، ومع ذلك فإن قانوننا أكثر وضوحا من القانون المصري إذ هذا القانون يؤدي في بعض الظروف إلى أن تأخذ بنت البنت عن طريق الوصية الواجبة أكثر مما تأخذه بنت الابن عن طريق الميراث بالفرض فمثلا وافت المنية أنسانا وخلف وراءه بنتا وبنت ابن بنت بنت فالبنت لها النصف وبنت الابن السدس تكملة للثلثين والثلث الباقي تأخذه بنت البنت على أنه وصية واجبة. وهذه الصورة لا تقع في التشريع المغربي لأن الوصية الواجبة مقصورة على الحفدة من ابناء الذكور دون أبناء الإناث.

 

 

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .