الرئيسية كتاب وآراء ثيــزرث أو بـــوقانـا في أكتـو بـر..من وحي جلسة في الهــواء الطــلــق بقلم الأستاذ محمادي راسي

ثيــزرث أو بـــوقانـا في أكتـو بـر..من وحي جلسة في الهــواء الطــلــق بقلم الأستاذ محمادي راسي

كتبه كتب في 26 أكتوبر 2021 - 4:15 م

محمادي راسي – جريدة البديل السياسي :

ثيــزرث أو بـــوقانـا في أكتـو بـر؛

من وحي جلسة في الهــواء الطــلــق

&&&&&&&&&&&&&&&&&&

على أسكوفة الجلسة

____________

كل ما في البحر أنغام وحيتان //كأن غواربه أوتار وعيدان

(جلسة ترويحية روحية تأملية ، رياضية “جوغية” ،تكاد أن تكون صوفية ، فيها حصة الأسد لحاسة السمع والبصر، جلسة فيها ضرب من الخيال والتيه والسفر ،وخصوصا حينما تجلس بجوار اليم الخضم ، وفيها أيضا ضرب من الواقع والتفكير في بيئة وبنية بوقانا وحالها وأحوالها … جلسة ترويحية لنسيان ما في الحيزوم من هموم وغموم ،وللهروب من الرتوب والملل والضجر والضف والضنك والحزن …البحر مسرح شاسع ذو ركح بدون جدران ،ولا يتوفر على الجدار الرابع الذي كسره بريخت ،يكاد أن ينطبق مع السماء حينما تنظر إلى أفقه البعيد الطويل ،وذلك من خداع الحواس والسراب ، مسرح مفتوح دائما للتمثيل والتشخيص والحوار والمناجاة والمغامرة والمخاطرة ،ثم السباحة التي بها يتواصل الجسد مع مياه البحر، وتحس بها جميع الحواس ، بموسيقى إيحائية سرمدية مستمرة بدون انقطاع ولأي وكلل، هي بين القوة والضعف ،تتجلى في سيمفونيات الأمواج الصاخبة في وغرة الهاجرة ،وهبوب الرياح الشرقية والغربية والنكباء ،وحسيسها الهميس وقت الجزر، وفي شروق الشمس وغروبها ، يعجز عن محاكاة تلك الأصوات الأزلية الفريدة ، ليل نهار، كبار أهل الموسيقى أمثال موزار وبيتهوفن وستراوش وباخ وغيرهم …ما قلته عن البحر من أنه مسرح ؛ تحضرني قولة شكسبير:”الدنيا مسرح وكل الرجال والنساء ما هم إلا ممثلون ” ، وبدوري أضيف ؛ كل إنسان اليوم؛ كتاب/ رواية / مسرح/ مسرحية /تاريخ /ديوان/ قصيدة / كاتب /ممثل /فنان /ناقد…….ليس ببعيد ونحن في المجتمع الجديد ؛المجتمع الخامس … بعد مجتمع ؛1/الصيد والقنص / 2 / الفلاحة والزراعة /3 /الصناعة والتكنولوجيا /4/المعلومات والإنترت والهاتف الذكي والذكاء الاصطناعي وو…….ثم لا نعرف ماذا سيأتي بعد ، وما هو المصطلح الجديد ؟، وماذا سيفكر فيه الإنسان وماذا سيبدع مستقبلا ؟؟اا،إن البدع والتيارات السلبية الفاشلة لا تفيد في أي شيء، والمخدرات المتنوعة الخطيرة الفتاكة ، والأقراص المهلوسة المهيجة المغيبة للعقول ،ستقود المدمنين جمع وبصع وكتع إلى الأمراض العقلية ،والولوج إلى المستشفيات والسجون ، بل ستعمل على الهدم والتخريب والعنف والتمرد والإجرام ، وبالتالي ستنهار الحضارة ــــ والحضارة لا تدوم ؛كانت هناك حضارات سادت ثم بادت ــــ إذا كثر البذخ والترف والعربدة والكسل والتواكل، وغابت الأخلاق والمعاملة الحسنة، وأفل الإيمان والقول المعروف ……، إننا قاطبة لا ندري مميزات وخصوصيات الأجيال التي ستأتي مستقبلا ، وكذلك سلوك المجتمع الذي سيأتي من بعد ….ما دامت الأجيال السابقة منذ بداية القرن العشرين إلى نهايته بقليل ،تحمل أسماء وصفات ،وبعضها رموزا بحروف لاتينية ؟)).

&&&&&&&&&

أيام أكتوبر معظمها جميلة هادئة باعتدال جوها اللطيف ،وسجاحها اللين الخفيف ، والفضاء الشاسع الرحب بسماء شديدة الزرقة ،هي أيام بين بداية فصل الخريف ونهاية فصل الصيف ، بل هي جامعة لمناخ ثلاثة فصول؛ صيف وخريف وربيع في شهر واحد ، الشاطئ خال من الضجيج والضوضاء والجلبة والجلجلة ، النوارس تسبح في البحر حيث بيث ، دون أن تقع في حيص بيص ،ودون أن تتخبط خبط عشواء كالناقة العشواء ، وكما يفعل الإنسان بسلوكه المندفع المتهور الذي يقوده إلى الغرق ،لأنها هادئة ورزينة، ولأنها تجيد فن العوم ، لقد جاء دورها لتغوص وتغط وتسبح في البحر بهدوء وأمان ، كأنها جالسة فوق كرسي مائي متحرك ، وتبحث عن الحيتان بعدما أن كانت محرومة منذ فصل الصيف ، بسبب وجلها من المصطافين ….كانت مقيدة لا تشعر بحريتها رغم الأيام الصيفية الجميلة … تسترجع حريتها من بداية أكتوبر إلى نهاية الربيع ،وستغرّر متى شاءت ،وستظرط / ستسلح /ستخزق /ستذرق متى أرادت ، بدون وجل وانزعاج وحرج وضيق … ااا.

جلست صباحا فوق حافة كشرفة رملية طبيعية عالية شيئا ما ، تابعة لمقهى “الطيب ” ـــ إخالني أنني جالس في مقهى “الحافة” بطنجةــــ لتناول سوملة قهوة خفيفة في كأس بلاستيكي يرمى ،وشرب ماء معدني طبيعي شبم ، أحس بنشاط جسميّ وعقليّ كلما رشفت القهوة ذات نكهة عجيبة من صنع آلة خاصة ؛تقوم بكل شيء من حيث الكم والكيف ؛ القهوة والسكر ، وإخالني أيضا كأنني في “البلكون ” العالي بالعرائش ،ومن خلاله كنت أنظر إلى المحيط الأطلسي العظيم بسعته وأمواجه العالية العاتية ، ثم النظر إلى المنظر الدائم دوام الكون ـــ كلما كانت السماء صافية ــــ الساحر العجيب الذي يتجلى في غروب الشمس حينما تبدو كبيرة وشديدة الحمرة كأنها تغوص في المحيط ، وقد عبدها الإنسان القديم خوفا وتعجبا ودهشة وجهلا .

كنت وحيدا في غياب ضجيج المصطافين ،استمع إلى صوت البحر القوي الذي يهمس في قلبي وأذني ،وأنا صامت حزين ، وإلى حسيسه الذي يصل ضعيفا ،وأنظر كيف تفنى الأمواج المترادفة المزبدة ذات الغرّان في الرمال ،أحيانا أنام على ذلك الحسيس الذي به أنسى ما يحيط بي …. صيادون يعودون من البحر إلى البر بعد تفقد شباكهم فجرا ،أحيانا يصطادون شيئا قليلا لقلة الحوت ، وقد منعوا من استعمال شبكة الجر التقليدية في بداية أكتوبر الجاري 2021م، أجدادهم مارسوا هذه المهنة منذ بداية القرن العشرين ، ولذلك يشتكون / يتألمون / يتذمرون / يبحثون عن عمل قار من أجل العيش الكريم ، ويطلبون من المسؤولين البديل ،فالمواطن له الحق في العمل والتطبيب والسكن والإنارة والطريق والماء الشروب والتعليم وغيرها من الضروريات …، وخلاصة القول له حقوق وعليه واجبات ، وشهر أكتوبر حافل بأيام عالمية ؛ اليوم العالمي للسكن / اليوم العالمي للتغذية / اليوم العالمي للقضاء على الفقر /اليوم العالمي للمدن/ اليوم العالمي للماء /اليوم العالمي للعمل / اليوم العالمي للنساء القرويات / اليوم الوطني للمرأة / وغيرها من الأيام وهي كثيرة ….. فلمن تقام هذه الأيام ؟ أللاهتمام والتذكير والتحسيس والوقوف ميدانيا ،أم للفرجة والاحتفال والهرج والمرج من طرف المرّاجين والهرّاجين ، وعقد لقاءات ومحاضرات ….،وسرد نظريات وأفكار بعيدة عن الواقع، وأكل حلويات وشرب الشاي ،ثم بعد ذلك كل واحد يذهب إلى حال سبيله ؟؟؟؟، “ما هكذا يا سعد تورد الإبل “، أكتوبر شهر العمل بعد الراحة الصيفية ،يتم فيه الدخول السياسي والمدرسي والقضائي والبرلماني وغيرها من الدخولات والبدايات ،والنظر في الأمور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،وتطبيق البرامج المسطرة ، ثم الشروع ـــ بداية من هذا أكتوبر ــــ في تحقيق النموذج التنموي الجديد بالتطبيق والفعل والعمل ،لا بالنظر والقول والخيال ،والعيش في الأبراج ،والسفر إلى البقاع البعيدة هروبا وخوفا من تحمل المسؤولية ، هذا السلوك ينم عن الفشل ،فالمسؤولية تكليف وليست تشريفا ، وليست بالجلوس على الكراسي الوثيرة في المكاتب ، وإنما هي بالنزول إلى الواقع ،والسير في الشوارع لمعاينة ما يحدث فيها ، وفي الساحات والباحات والفضاءات والأزقة ،وتحت الجسور من سلبيات وممارسات وسلوكات مخزية ، والاطلاع على ما أنجز وما لم ينجز ، وتفقد أحوال الساكنة ، ويلزم أيضا الاهتمام بالقرية ومدها بالإنارة والماء الشروب ،وتعبيد الطرق وفتحها ،وإنشاء المؤسسات والمرافق العمومية والمستشفيات ،والاهتمام بالشباب العاطل ، وخلق فرص الشغل ـــ في زمن جائحة كورونا واقتصاد مأزوم عالميا ـــ ،وتشجيع الرياضة بإيجاد الملاعب والمركبات الرياضية ، وبناء المكتبات للتثقيف والتهذيب ….فقد كتبت سابقا عن أكتوبر في إحدى المقالات أكتوبر 2018م؛ ” شهر أكتوبر رمز الاستعداد والتأهب والابتعاد عن التلاعب ….يعرف أنواعا من الدخول ؛الفلاحي السياسي البرلماني المدرسي ….وسيكون رمزا لبداية الحسابات والمراقبة والمحاسبة والمعاقبة قبل أن يحل فصل الصيف رمز جمع الغلات …..والنشاط والراحة واللعب والهروب والهجرة والفرار.”

نسيت جلستي الترويحية الخيالية بسبب أفكار شغلت وتشغل بالي منذ أمد بعيد ….والتفكير في الواقع والمحيط الذي أنا فيه ، فغيرت مساري واتجاهي ، نعم ؛جلسة ترويحية استحضرت فيها ذكريات عابرة لا ترجع ، والمسار المهني الشاق مهنة المتاعب ، في فضاء مدرسي حافل بالتلاميذ والأساتذة الأصدقاء والأطقم الإدارية ، في جو أخوي تربوي ،أحن إلى ذلك الزمان الجميل الحافل بالأنشطة الموازية في ميدان الرياضة والفن والرسم والغناء والمسرح ، هذا النشاط المجدي عقليا وجسميا وتربويا وإبداعيا غائب في مؤسساتنا التعليمية اليوم ، فهو مهم يعمل على اكتشاف المواهب و تنميتها وصقلها ،ثم يعمل على طلاقة اللسان وكسب الشجاعة الأدبية بواسطة المسرح … وبمناسبة اليوم العالمي للطيور المهاجرة الذي ينظم في السبت الثاني من شهر ماي وأكتوبر ، تذكرت بعض الطيور المهاجرة أو القواطع أو الذواهب أو الرواجع وخصوصا النحام الغائب الذاهب ، يعود في فصل الشتاء إلى ثيزرث والذي يعشق البحيرة الصغيرة ،لأنه يقانيه فضاؤها ومناخها وهدوؤها ، ولا أرى حتى بعض الروامس التي ترفرف ليلا ، أما الأوابد فهي دائمة لا ترحل عن بوقانا ….وفي هذا الشهر ؛ رحلت طيور كانت تزورنا كل صباح بأصواتها الفريدة الجميلة ،وشقشقتها العجيبة ،وهي فوق أشجار النخيل والباهرة والأثيل ،كانت بمثابة منبه أو جرس الساعة الذي يوقظنا من النوم صباحا ..

أجل ؛جلست في موقع استراتيجي ؛جلسة فيها تاريخ وجغرافية وجيولوجية وجمولوجيا ، فيها جمال ولوحات طبيعية بديعية من صنع الخالق ،فيها أحيانا شعر وهذيان وتيهان وفلسفة وسفر وتفاهة ؛أمامي البحر الوديع المسالم في هذا اليوم الخريفي الجميل ،ورائي جبل كوركو الشامخ يذكرني بجبل ابن خفاجة ، وأطلب منه أن يكون دائما هادئا ساكنا ، وألا يرجع إلى سيرته الأولى ، الجبل المناضل الذي تصدى للاستعمار والأعداء ، وقف ويقف سدا منيعا في وجه الرياح الغربية القوية ، على يميني جبال كبدانة ونواحيها المجاهدة التي تعرضت لعدوان الاستعمار الإسباني الغاشم ، إلا أنه لقي مقاومة عنيفة من طرف المجاهدين في يوم ؛ 18 و20 و23يوليوز 1909م ، وبقيت الجزر الجعفرية مستعمرة بسبب إسبانيا المتعنة المعتدية ، وبتصرفاتها الخبيثة النبيثة ،ونحن اليوم في القرن الواحد والعشرين ،ومواقفها المعاكسة الخبيثة تجاه قضية صحرائنا المغربية قضيتنا الوطنية قاطبة ، وعلى يساري مليلة السليبة التي ستتحرر وباقي الجيوب المغربية بحول الله ، وهضاب توريرت ، وتشارانا ،وتبودة ، ورأس هرك ،والمذرات الثلاث ،تشهد على أحداث وقعت قديما وحديثا، منذ الفنيقيين الذين نزلوا بمليلة خطأ ،لأنهم أتوا إلى إسبانيا للبحث عن الأرانب كما تقول بعض الروايات …وإسبانيا تعني باللاتينية أرض الأرانب .

كانت الجلسة جميلة من حيث الهدوء والسكون ، ومياه البحر تترقرق وتتلألأ بأشعة الشمس الصباحية ،يعجز اليراع عن وصفها ، جلسة فيها جمال المنظر ،وهمس الطبيعة الساحر تعشقه الأذن وتنساق معه ، جلسة فيها ترويح واستراحة واستحضار للتاريخ والجغرافية ،وسفر إلى ما وراء البحر، وتذكر أهل بوقانا القدماء الكرماء البسطاء ، وبعض المعالم والآثار المندثرة كانت شاهدة على تلك الأسر التي عاشت في بساطة وتواضع وقناعة .

في هذه الجلسة ؛لم أنس الذكرى العظيمة الموافقة لهذا الشهر الميلادي أكتوبر الجاري خلال هذه السنة ، ألا وهي ذكرى عيد مولد سيد البشرية ،وخير البرية ،الرسول صلعم منقذ البشرية من الغي والضلالة والجهالة ، الداعي إلى السلم والأمن ،والمتصف بالصبر والحلم ،بفضل أخلاقه الفاضلة ،وأعماله النبيلة ،ويكفيه فخرا قوله تعالى ؛”وإنك لعلى خلق عظيم ” وقول أمير الشعراء أحمد شوقي في ميلاده ؛

ولد الهدى فالكائنات ضياء // فم الزمان تبسم وثناء .

وقول الإمام البوصيري ؛

محمد سيد الكونين والثقلين// والفريقين من عرب ومن عجم.

وكتب السير حافلة بأعماله الجليلة ،وسيرته النبيلة الجميلة ،ومشاركته في بعض الغزوات التي حارب فيها الكفار الحاقدين الجاحدين ،ومواقفه ومعاهداته وتواضعه وتجلده وحلمه ، إنه رسول الله ،بإنسانية فريدة ،وأخلاق عالية ،لا نجد له مثيلا في تاريخ البشرية ، واليوم نحن نتباهى ونفتخر ونتفجس ولا نملك شيئا ، ثم ندعي القوة والعظمة ونحن ضعفاء وبسطاء لا حول ولا قوة لنا إلا بالله العلي العظيم القدير .

وأختم هذه الجلسة الفريدة التي أوحت بأشياء لم تكن في الحسبان، ولم تخطر على البال والجنان ، كادت أن تكون ضربا من التيهان والهذيان والغثيان ، لا أدري هل سوملة قهوة نبهتني وقادتني إلى التفكير في الواقع المؤلم ، وأحيانا في المآسي الاجتماعية من جراء الفقر، وآلام بجروح غائرة لا تندمل ،وغياب الشغل والكرامة والدخل ،وحضور شظف العيش والإقصاء والتهميش ؟؟، تفتقر ثيزرث أو بوقانا إلى أشياء ضرورية وأساسية ، اليوم علينا أن نفكر في العلاج والإنقاذ من أجل وضعية حسنة للساكنة ،ووضعية ملائمة لبنية الأحياء ،ومنظر نظيف وجميل لبيئة وطبيعة بوقانا ،وبواجهة جميلة لجلب السياح والزائرين ، ومن ناحية أخرى أن نفكر في بناء الوطن والإنسان والمدينة والقرية ،فالكوارث الطبيعية تعمل على هدم البنية التحتية ،وقتل الإنسان والحيوان والشجر…وزادت جائحة كورونا في قتل الملايين من البشر، وترتب عنها الحجر والتباعد ،وفقدان الشغل للعديد من المواطنين ….، لقد علمتنا الاهتمام بالإنسان ورعايته صحيا وماديا من حيث العيش والحماية الاجتماعية ….، لذا فنحن اليوم في حاجة ماسة إلى البناء ؛البناء الجسدي والنفسي والعاطفي والإنساني والاجتماعي ، أما الحرمان فهو هدم آخر، وكارثة أخرى ،كأن تحرم قرية أو “مدشرا” أو مدينة من ماء أو إنارة أو طريق أو مواصلات ،كأنك تقتل وتقبر وتدفن ما يحيط بالأحياء؛ من حيوان وإنسان ونبات وأشجار وبيئة ومدارس ومساجد ومرافق عمومية …

منذ بداية أكتوبر وفي زمن كورونا تحرم بوقانا من الماء الشروب ، اليوم هي حزينة وتعيش في محنة ، بل أرادوا وأد كل ما فيها ـــ بشر حيوان شجر ـــ وهي حية ، وقد ورد في القرآن الكريم كلام الله ؛كلام صدق لا يحتمل الكذب ؛” وجعلنا من الماء كل شيء حي ” ، فالحرمان هو المحو والتجميد والقتل والشلل والتأخر والتوقف والعطب ، كالسيارة المعطبة التي لا تقدر على السير ، والحرمان هو سلوك مقيت ،فيه حقد دفين، وغل مشين ، هو سلوك الفاشلين الذين يريدون الانتقام من الضعفاء الأبرياء الفقراء ، يعكس جهلهم وسخفهم ورعونتهم وحماقتهم الفاشلة السلبية .

لقد بادرت ساكنة بوقانا في منتصف هذا الشهر؛ شهر أكتوبر2021م بوضع طلبات في بلدية بني انصار من أجل تزويد منازلها بالماء الشروب، كما تم مدها سابقا بالإنارة في ماي 2019م ، بعد أن كانت تعيش في ظلام دامس منذ بداية القرن الماضي ، واليوم بعد التمتع بالإنارة ،شعرت وتشعر بالفرحة والطمأنينة والراحة ، كأنها ولدت من جديد ، لذا ترجو الساكنة من المسؤولين ـــ وفي إطار التنمية القروية والبشرية ،والنموذج التنموي الجديد ـــ تزويد منازلها بالماء الشروب الذي هو ضروري لحياة الإنسان ،ولجميع الكائنات الحية، بل ؛حتى للجماد كبعض المحركات التي يتوقف دورانها وتحركها على استعمال الماء .

 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .