الرئيسية كتاب وآراء “خطاب افتتاح البرلمان 2021: خطاب الأمل والعمل نحو جيل جديد من الإصلاحات والمشاريع لتنزيل النموذج التنموي الجديد “

“خطاب افتتاح البرلمان 2021: خطاب الأمل والعمل نحو جيل جديد من الإصلاحات والمشاريع لتنزيل النموذج التنموي الجديد “

كتبه كتب في 9 أكتوبر 2021 - 6:33 م

البشير الحداد الكبير،باحث بسلك الدكتوراه بكلية الحقوق بطنجة”

تلعب المؤسسة الملكية دورا مهما في النسق الدستوري والسياسي بالمغرب،ومن الآليات الدستورية المخولة لها، نجد آلية توجيه الخطاب للأمة والبرلمان بموجب الفصل 52 من دستور 2011(1)، فالخطاب الملكي حسب العرف الدستوري يعتبر وثيقة دستورية نظرا لما يحمله من توجيهات سامية ترسم الطريق للسياسات العامة للدولة، وككل سنة في الجمعة الثانية من شهر أكتوبر، تقوم المؤسسة الملكية بتوظيف المظلة الدستورية بتوجيه خطاب للبرلمان بموجب الفصل 68 من الدستور.

وبالتالي فالسؤال المطروح ما هي أهم مضامين خطاب افتتاح البرلمان لهذه السنة؟

لقد افتتح صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده خطاب هذه السنة بالتنويه بالأجواء التي مرت منها الإنتخابات سواء التشريعية أوالجهوية والمحلية وللمشاركة الواسعة لعموم المواطنات والمواطنين تفعيلا للفصل 30 من الدستور الذي يعتبر التصويت واجبا وطنيا،حيث ذكر جلالته أعزه الله بأن المشاركة كانت مرتفعة في الأقاليم الصحراوية المغربية والتي أكدت بالملموس على مغربية الصحراء وعلى تقرير الشعب الصحراوي المغربي مصيره عبر صناديق الإقتراع يوم 8 شتنبر 2021،كما أكد جلالته أسماه الله وأعز أمره أن هذه الإنتخابات أكدت بالملموس على الخيار الديمقراطي المغربي و التداول الطبيعي على السلطة وهذا شيء إيجابي خصوصا ما لاحظناه في العديد من الدول من أزمات وحروب أهلية وصراعات حول السلطة من سيحكم، لكن التجربة المغربية أبانت عن تفوقها في الديمقراطية لاسيما بالعالم العربي والإسلامي لاسيما ما شاهدناه من طريقة حضارية في قمة الديمقراطية كيف سلم رئيس الحكومة الأسبق سعد الدين العثماني مفاتيح السلطة لرئيس الحكومة الجديد عزيز أخنوش،كما أشار جلالته حفظه الله ورعاه أن المؤسسة الملكية لا تفضل حزبا على آخر الكل أمامها سواسية، وقد سبق لجلالة الملك ان اكد على ذلك في خطاب العرش 2017.

شدد جلالة الملك أن المغرب اليوم أمام مرحلة جديدة تستدعي اليقظة ومواصلة مسيرة التنمية ومواجهة التحديات الخارجية إذ ما يميز جميع الخطب الملكية أنها مترابطة فيما بينها وواضحة، ففي هذا الخطاب أكد جلالته أنه ينبغي التركيز على ثلاثة أبعاد:

+البعد الأول: الدفاع عن المصالح العليا للوطن لاسيما في هذه الظرفية التي تشهد التحديات والمخاطر والتهديدات وقد سبق لجلالته ان اكد في خطاب ثورة الملك والشعب هذه السنة أن المغرب مستهدف ويتعرض لمؤامرات خارجية نظرا لكونه دولة عريقة ودعا جلالته استحضار مضامين ثورة الملك والشعب للمزيد من اليقظة والحذر لمواجهة هذه التحديات.

إن أزمة كورونا أعادت كما جاء في الخطاب الملكي السيادة للواجهة لاسيما في ميادين الطاقة والصناعة والغذاء والصحة، ونوه جلالته بالتجربة المغربية في تدبير حاجياتها وتزويد الأسواق بالمواد الأساسية بكميات كافية وبطريقة عادية، وهذه إشارة واضحة على  عبقرية المؤسسة الملكية التي منذ بداية الجائحة فضلت الإشتغال في الزمن الدستوري العادي وليس الإستثنائي وذكر جلالته بأن العديد من الدول واجهت صعوبات في توفير المواد وتوزيعها، أشار جلالة الملك في مستهل هذا الخطاب السامي إلى إحداث منظومة وطنية متكاملة تتعلق بالمخزون الإستراتيجي للمواد الأساسية الغذائية والصحية والطاقية والتحيين المسمتر للحاجيات الوطنية لتعزيز الأمن الإستراتيجي للوطن هنا نلاحظ أننا أمام ملكية ذات تخطيط إستراتيجي لتدبير الأزمات على المدى البعيد والمتوسط ثم أننا أمام ملكية مواطنة فجلالة الملك يعلم جيدا ما قامت به حكومة تصريف الأعمال التي يقودها حزب العدالة والتنمية من خلال الزيادة في أسعار المواد الأساسية ما يقرب شهرين، لهذا فجلالة الملك كما أكد في العديد من خطبه السامية أنه يحس بالمواطنات والمواطنين وهدفه ضمان العيش الكريم لهم.

+البعد الثاني : تدبير الأزمة ومواصلة إنعاش الإقتصاد الوطني، استحضر جلالته ما قامت به الدولة منذ بداية الجائحة إلى اليوم حيث كان هدفها الأساسي حماية صحة المواطنات والمواطنين وقد سبق لجلالته أن أكد على ذلك في خطاب العرش 2020 بالإضافة إلى دعم القطاعات والفئات المتضررة عبر صندوق تدبير جائحة كورونا الذي أحدث بمبادرة مولولية سامية وتفعيلا للمقتضيات الدستورية بموجب الفصل 70 من الدستور والمادة 26 من القانون التنظيمي 130.13(2) المتعلق بالمالية العمومية،كما أكد جلالته على التلقيح المجاني الذي وفرته الدولة للجميع، مواطنين وأجانب، تفعيلا للفصول 20 و30 و31 و من دستور 2011، لكن نبه جلالته لمسألة مهمة وقد سبق أن أشار إلى ذلك في خطبه السامية السنة الماضية على ضرورة اتخاذ الإحتياطات اللازمة من قبل المواطنات والمواطنين ضمانا لسلامتهم.

وفي مستهل هذا الخطاب توقع جلالة الملك بفضل التدابير المتخذة من طرف الدولة تحقيق نسبة نمو تفوق 5.5٪ سنة 2021 وستشكل أعلى نسبة على الصعيدين الجهوي والقاري، كما توقع جلالته أن يسجل القطاع الفلاحي نموا يتجاوز 17٪ بفضل التساقطات المطرية لهذه السنة و مخطط المغرب الأخضر الذي أعطى جلالته إنطلاقته سنة 2008 والذي قام بعصرنة القطاع الفلاحي،كما أكد جلالته الإنجازات في الصادرات في العديد من القطاعات الصناعية(السيارات، النسيج، المواد الإلكترونية والكهربائية)، هنا ينبغي التذكيز بأن هذه الإنجازات لم تأتي عبثا وإنما نتيجة مجهودات كبيرة في العهد الجديد فمنذ تولي جلالة الملك محمد السادس أدام الله له النصر والتمكين عرش أسلافه الميامين وهو يحاول جاهدا الإرتقاء بالقطاع الصناعي، بدءا ببرنامج الإقلاع الصناعي سنة 2005،مرورا بالميثاق الوطني للإقلاع الصناعي سنة 2009،ثم مخطط تسريع التنمية الصناعية سنة 2014-2020، بالإضافة إلى إحداث صندوق التنمية الصناعية، ومخطط الإقلاع الصناعي سنة 2021-2025،إذ نجد شركة رونو وشركة هاندس الكورية بطنجة وشركة بوجو ستروين بالقنيطرة، بالإضافة إلى إحداث 54 منظومة صناعية في العديد من القطاعات (الصناعة التحويلة، الصناعة الغذائية، الصناعة الفولاذية، صناعة السيارات والطائرات) كل هذا أعطى للمغرب الريادة على الصعيد الإفريقي، إذ أصبح اكبر بلد مصنع ومصدر للسيارات في إفريقيا، أنتج سنة 2018 400 ألف سيارة وفي 2019 500 ألف سيارة، فالمغرب في العهد الجديد يهتم بالإبتكار والبحث والتطوير دون أن ننسى العامل البشري وما يدل على ذلك اهتمام جلالته بتطوير التكوين المهني من خلال خطابي ثورة الملك والشعب 2018-2019 كما أنه تم إعطاء برنامج مدن المهن والكفاءات تحت العناية المولوية السامية،وفي نفس السياق نجد أن جلالة الملك هذه السنة ترأس حفل توقيع ثلاث إتفاقيات مع دولة الصين تتعلق بتصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد 19 ولقاحات أخرى بشراكة مع القطاع العام والخاص ومع المجموعة الصينية سينوفارم كل هذا لتحقيق الإكتفاء الذاتي والزعامة الإفريقية خصوصا وأن إفريقيا لها 94٪ من حاجيات الدواء وبالتالي سيستطيع المغرب تصدير الدواء لها، لأن هذه الإتفاقيات تروم صناعة اللقاحات والمواد الطبية والأدوية(نفتح قوس هنا أنه في العهد الجديد معظم الإتفاقيات بين القطاع العام والخاص تتم في حضرة جلالة الملك نظرا للموقع الدستوري للمؤسسة الملكية ثم ثانيا لكي تتحمل جميع الجهات المتعاقدة المسؤولية) .

وفي نفس السياق أكد جلالته على ارتفاع نسبة الإستثمارات الأجنبية المباشرة بما يقارب 16٪ وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الشراكات الإقتصادية المغربية مع العديد من الدول إذ أن المغرب لم يعد يقتصر في شراكته مع أوروبا بل إتجه نحو تنويع هاته الشراكات لتشمل دول آسيا كالصين والهند، ثم دول أمريكا اللاتينية، دون أن ننسى روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، فالمغرب كما أكد جلالة الملك في خطاب العرش 2016 يحظى بشراكات قوية بفضل مصداقيته والإستقرار الذي ينعم به، ثم أشار جلالته إلى زيادة تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج بحوالي 46٪، وقد ساهم كل هذا في التوفر على احتياطات مهمة من العملة الصعبة تمثل سبعة أشهر من الواردات، كما شدد جلالته أنه تم التحكم في نسبة التضخم في حدود 1٪ رغم الصعوبات والتقلبات في النظام الدولي.

نلاحظ أن ما يميز المؤسسة الملكية في جميع خطبها السامية أنها تعتمد على الوضوح والشفافية والجرأة وتعتمد على لغة الأرقام وهذا ما يفتقر له معظم السياسيين، فالمؤسسة الملكية حينما تخاطب الأمة والبرلمان تعتمد على المؤشرات والأرقام، وكل هذه النسب التي تم ذكرها تريد المؤسسة الملكية إيصال فكرة مفادها الأمل والمزيد من العمل، إذ لاحظنا مباشرة بعد خطاب افتتاح البرلمان 2017 بعد إعلان جلالة الملك عن فشل النموذج التنموي السابق حاولت المؤسسة الملكية جاهدة أن تزرع في نفسية المواطنات والمواطنين وفي نفسية جميع الفاعلين والقوى الحية الأمل، فالمؤسسة الملكية لم تكن تملك عصى سحرية تغير المغرب بين عشية وضحاها لكنها كانت ولازالت تملك الإرادة الحقيقية في الإصلاح الشامل للإرتقاء بالمغرب إلى مصاف الدول المتقدمة.

وأشار جلالة الملك في هذا الخطاب إلى مواصلة الدولة المجهود في الإستثمار العمومي ودعم وتحفيز المقاولات، وهذا ما لاحظناه فمنذ تولي جلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده العرش وجه رسالة سامية للوزير الأول المرحوم عبد الرحمان اليوسفي سنة 2002 بخصوص إحداث المراكز الجهوية للاستثمار مرورا بإصلاح هذه المراكز بمبادرة ملكية انطلاقا من خطاب العرش 2018 الذي تمت ترجمته على أرض الواقع بإخراج القانون 47. 18(3)،ثم أنه في سنة 2020 وجه جلالة الملك تعليماته السامية بإحداث صندوق محمد السادس للإستثمار والذي خصصت له ميزانية 15 مليار درهم من ميزانية الدولة للنهوض بالإستثمار والرفع من قدرات الإقتصاد من خلال دعم القطاعات الإنتاجية وتمويل ومواكبة المشاريع الكبرى في إطار شراكات بين القطاعين العام والخاص والذي سيدعم المجالات ذات الأولوية(الصناعة، الإبتكار،القطاعات الواعدة،المقاولات الصغرى والمتوسطة، البنيات التحتية، الفلاحة، السياحة) وكما هو معلوم أن هذا الصندوق يدخل في لائحة المقاولات العمومية بموجب القانون التنظيمي 08.21(4) المغير والمتمم للقانون التنظيمي 02.12(5) المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام 49 و92 من دستور 2011، وبخصوص دعم المقاولات نجد أن جلالة الملك في خطاب افتتاح البرلمان 2019 أكد على دعم المقاولات الشابة وانخراط كل من القطاع البنكي والمالي في هذا الورش وهذا ما تم بالفعل سنة 2020 إذ تم إطلاق البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات.

+البعد الثالث: التنزيل الفعلي للنموذج التنموي الجديد وإطلاق أوراش جديدة من المشاريع من الجيل الجديد، فالنموذج التنموي الجديد يشكل الذكاء الجماعي للمغاربة وليس مخططا للتنمية بالمفهوم التقليدي وإنما إطار عام  مفتوح للعمل يفتح آفاقا واسعة للجميع، واعتبر جلالته أن الميثاق الوطني من أجل التنمية الذي يعتبر من مخرجات تقرير اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد ،آلية هامة لتنزيل هذا النموذج بإعتباره إلتزام وطني بين مختلف القوى الحية في الدولة، وكما أشار جلالته في خطاب ثورة الملك والشعب 2021 بأن هذا الميثاق يشكل إطارا مرجعيا للمبادئ والأولويات التنموية وتعاقدا إقتصاديا وإجتماعيا جديدا يؤسس لثورة جديدة للملك والشعب، وشدد جلالته بأن الحكومة الجديدة مطالبة بوضع الأولويات والمشاريع وتوفير الوسائل لتمويلها لتنزيل هذا النموذج، فجلالة الملك من خلال تركيزه على مسألة التمويل كأنه يوصل فكرة مفادها أن الحكومة الجديدة مطالبة بالقول والعمل وليس القول فقط، لأن ما يميز المؤسسة الملكية “القول والعمل”،كما دعا جلالته الحكومة الجديدة لإستكمال المشاريع الكبرى التي تم إطلاقها وفي مقدمتها ورش تعميم الحماية الإجتماعية الذي جاء بمبادرة ملكية في الخطب الملكية بمناسبة عيد العرش وثورة الملك والشعب وافتتاح البرلمان سنة 2020،وتمت ترجمته على أرض الواقع بموجب القانون الإطار 09.21 (6)،حيث أن هذا الورش يشكل ثورة إجتماعية حقيقية تحظى بالرعاية الملكية السامية، وأشار جلالته إلى التحدي الأساسي في مرحلة الحكومة الجديدة ألا وهو تأهيل المنظومة الصحية إذ تجدر الإشارة أنه سيسمح للأجانب بالإستثمار في ميدان الطب في المغرب تماشيا مع خطاب افتتاح البرلمان 2018،مما سيؤهل المنظومة الصحية أكثر فأكثر،كما دعا جلالته في هذا الخطاب لإصلاح القطاع العام لاسيما المؤسسات والمقاولات العمومية، فبعد خطاب افتتاح البرلمان 2016 الذي انتقد فيه جلالته الإدارة العمومية ودعوته في خطاب العرش 2017 الإدارة العمومية للعمل كالقطاع الخاص الذي يتميز بالمردودية والفعالية والجودة والنجاعة، منذ ذلك الحين عملت المؤسسة الملكية على إصلاح شامل للقطاع العام ففي خطاب العرش 2019 دعا جلالته لتوظيف الكفاءات وأكد جلالته بأن القطاع العام يحتاج لثورة ثلاثية الأبعاد ثورة في التخليق والتبسيط والنجاعة،وتمت ترجمة هذه الخطب الملكية من خلال سن قانون تبسيط المساطر والإجراءات الإدارية 55.19(7) وإخراج ميثاق المرافق العمومية 54.19(8) وهناك مشروع رقمنة الإدارة العمومية،وفي خطاب افتتاح البرلمان 2020 أكد جلالته على إصلاح جوهري للقطاع العام وتغيير العقليات ومراجعة عميقة لمساطر التعيين في المناصب العليا بما يحفز الكفاءات الوطنية على الإنخراط في الوظيفة العمومية وجعلها أكثر جاذبية، وكما أشار جلالته في الخطاب السالف ذكره بأن مؤسسات الدولة والمقاولات العمومية ينبغي أن تكون نموذجا يحتذى به في التدبير العمومي ورافعة للتنمية وليس عائقا لها،كما دعا جلالته إلى إحداث الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية وهذا ما تم بالفعل من خلال إخراجها لحيز الوجود عبر القانون 82.20(9) إذ من بين أهدافها إرساء دعائم الحكامة الجيدة في المؤسسات والمقاولات العمومية وتقييم نجاعة أداءها، وفي خطاب هذه السنة أكد جلالة الملك على الإصلاح الضريبي يكون أكثر تخفيزا للإستثمار وقد سبق لجلالته أن وجه الحكومة في خطاب العرش 2018 إلى ضرورة إصلاح ميثاق الإستثمار.

كما شدد جلالته إلى المزيد من التناسق والتكامل والإنسجام بين السياسات العمومية ومتابعة تنفيذها، وتجدر الإشارة هنا أن ميثاق اللاتمركز الإداري (10) يلعب دورا أساسيا في هذا المجال والذي جاء بمبادرة ملكية في خطاب العرش 2018.

كما دعا جلالته في هذا الخطاب لإصلاح عميق للمندوبية السامية للتخطيط وجعلها آلية للمساعدة على التنسيق الإستراتيجي لسياسات التنمية ومواكبة تنفيذ النموذج التنموي،وهنا نلاحظ أن جلالته يطور من مهام هذه المندوبية وأن همهه الشاغل هو نجاح النموذج التنموي الجديد لكي يعود بالنفع على الوطن والمواطنات والمواطنين، وقد سبق لجلالته أن أكد على تدخله في متابعة تنزيل التقرير الخاص بالنموذج التنموي الجديد مع مختلف الفاعلين.

وفي الأخير نلاحظ ان جلالة الملك أعزه الله في هذا الخطاب السامي ذكر الحكومة الجديدة أكثر من مرة ويبقى السؤال المطروح، هل ستكون هذه الحكومة في مستوى تطلعات المؤسسة الملكية؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تبقى بيد الزمان الدستوري والقانوني المخصص لهذه الحكومة وبالحصيلة، وأنه لا يمكن بتاتا التكهن بنجاجها أو فشلها، إلا أنه بقراءة  للهندسة الحكومية الجديدة يتضح لنا أنها تتماشى مع حجم دستور 2011 حتى أن أعضاءها لاسيما الحضور القوي للعنصر النسوي لأول مرة في تاريخ الحكومات المتعاقبة ثم من خلال أسماء الوزارات يلاحظ التناسق والإنسجام دون أن ننسى البروفايلات الجديدة للوزراء والتي جاءت استجابة لخطاب العرش 2019 الذي دعا فيه جلالته نصره الله لضخ دماء جديدة في العمل السياسي والإعتماد على عنصر الكفاءة،بالإضافة إلى الإحتفاظ ببعض الوزراء نظرا لتدبيرهم الجيد للقاطاعات الوزارية التي يشرفون عليها والجودة والمردودية.

إن نجاح  أي خطة أو مشروع مهما كانت أهدافه يبقى رهينا بإعتماد مبادئ الحكامة الجيدة وبربط المسؤولية بالمحاسبة كما أكد على ذلك جلالة الملك في خطاب افتتاح البرلمان 2020 ،وكما قال جلالة الملك في خطاب هذه السنة أن تدبير الشأن العام المحلي والجهوي والوطني هو أمانة في أعناقنا جميعا ودعا للتحلي بروح المبادرة والإلتزام المسؤول، فجل الخطب الملكية السامية تدعوا للتحلي بروح المواطنة والمسؤولية والإلتزام وكما قال جلالة الملك في خطاب ثورة الملك والشعب 2019:”…فالمسؤولية مشتركة، وقد بلغنا مرحلة لا تقبل التردد أو الأخطاء، ويجب أن نصل فيها إلى الحلول للمشاكل ، التي تعيق التنمية ببلادنا.

وهنا أقول، بأننا لا ينبغي أن نخجل من نقط الضعف، ومن الأخطاء، التي شابت مسارنا، وإنما يجب أن نستفيد منها، وأن نتخذها دروسا لتقويم الاختلالات، وتصحيح المسار… “وفي خطاب افتتاح البرلمان 2020 قال جلالته :”…المسؤولية مشتركة والنجاح إما أن يكون جماعيا لصالح الوطن والمواطنين أو لا يكون… “،فجلالة الملك سنة 2019 دعا اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي لتشخيص المشاكل ورفع التقرير كاملا إليه أما الآن فنحن أمام مرحلة جديدة أساسها التفعيل والتنزيل في ظل الحكومة الجديدة.

الهوامش:

1-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011 بتاريخ 29 يوليوز 2011،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة:3600.

2-ظهير شريف 1.15.62 الصادر بتنفيذ القانون التنظيمي 130.13 المتعلق بالمالية،بتاريخ 2 يونيو 2015،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6370،بتاريخ 18 يونيو 2015،الصفحة: 5810.

3-ظهير شريف 1.19.18 الصادر بتنفيذ القانون المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة للإستثمار بتاريخ 13 فبراير 2019 ،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6754،بتاريخ 21 فبراير 2019،الصفحة: 834.

4-ظهير شريف 1.21.38 الصادر بتنفيذ القانون 08.21 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيمي 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من دستور 2011 بتاريخ 21 أبريل 2021،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6986 بتاريخ 13 ماي 2021،الصفحة: 3379.

5-ظهير شريف 1.12.20 الصادر بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 02.12 المتعلق بالتعيين في المناصب العليا تطبيقا لأحكام الفصلين 49 و92 من دستور 2011 بتاريخ 17 يوليوز 2012،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6066 بتاريخ 19 يوليوز 2012،الصفحة: 4235.

6-ظهير شريف 1.21.30 الصادر في 23 مارس 2021 بتنفيذ القانون الإطار 09.21 المتعلق بالحماية الإجتماعية،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6975 بتاريخ 5 أبريل 2021،الصفحة: 2178.

7-ظهير شريف 1.20.06 الصادر بتنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية بتاريخ 6 مارس 2020،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6866 بتاريخ 19 مارس 2020،الصفحة:1626.

8-ظهير شريف 1.21.58 الصادر بتنفيذ القانون 54.19 بمثابة ميثاق المرافق العمومية بتاريخ 14 يوليوز 2021،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 7006 بتاريخ 22 يوليوز 2021،الصفحة:5661.

9-ظهير شريف 1.21.96 الصادر بتنفيذ القانون 82.20 القاضي بإحداث الوكالة الوطنية للتدبير الإستراتيجي لمساهمات الدولة وتتبع نجاعة أداء المؤسسات والمقاولات العمومية بتاريخ 26 يوليوز 2021،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 7007 بتاريخ 26 يوليوز 2021،الصفحة:5697.

10-مرسوم 2.17.618 بمثابة ميثاق اللاتمركز الإداري الصادر بتاريخ 26 دجنبر 2018، والصادر في الجريدة الرسمية عدد 6738 بتاريخ 27 دجنبر 2018، الصفحة: 9787.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .