الرئيسية كتاب وآراء على هامش الرحلة الصيفية من بوقانا إلى بني انصار

على هامش الرحلة الصيفية من بوقانا إلى بني انصار

كتبه كتب في 30 أغسطس 2021 - 4:27 م

بقلم ذ.محمادي راسي  

على أسكوفة الرحلة

حينما نكون بجانب البحر ؛ نسارع إلى التفكير في شساعته وسعته وعظمته وتاريخ  نشأته وأمواجه ونثوطه وهيجانه وفيضانه وصوته المستمر الذي لا ينقطع ، ثم ننسجم مع أنغام الأمواج التي عبرها نسافر إلى عوالم أخرى ،لا تقدر الآلة الموسيقية على محاكاتها من كمان وعود ومعزف وقانون وقيثارة وماندولينة وكنّارة وغيرها ،  إنني حينما أشطأ أحار في صوت البحر وأمواجه بين  اللجب والاصطفاق والالتجاج والنجخة والرخشة واللطس ، بل تسحرني تلك الأصوات المختلطة والتي  تحدث في آن واحد ، بمقامات منسجمة بين القوة والضعف والرخامة والحسيس والهمس ، كأنها صادرة عن جوقة  محنكة متمكنة من ضبط النغمات ، أجل ؛حينما نكون على شاطئ البحر  ننسج أفكارا ،نكتب أشعارا  أو أنثارا ،أو لا نكتب شيئا ، نهيم نتيه نهذي نناجي ، نستحضر أساطير نسجت حول اليم ، نتذكر معارك وقعت في قلبه ، نفكر في حشاه وما يحويه من كائنات عجيبة ،ودرر وصدف مختلفة الأشكال والألوان والأحجام  ، وما حمل ويحمل من أسرار ،وما سمع ويسمع من كلمات العاشقين والرومانسيين والمصطافين والمارين والمجانين والسكارى والحيارى …، وما في قاعه من بقايا الطائرات والبواخر ، وما لفظ ويلفظ من جثث المهاجرين المغامرين ، نرسم لوحات على الرمال ،نصنع تماثيل رمالية  كالأطفال ، نكتب حكما وأقوالا ، تنشرح صدورنا  ، نشعر بالسعادة والغبطة ، نردد الأغاني العاطفية لكبار المغنين حول البحر ،  هي قصائد شعرية لفطاحل الشعراء ،وقد ننام على وقع سيمفونيات العلاجيم ، وهبوب النسيم العليل الذي يدغدغ جسومنا، ينومنا نوما طبيعيا بدون قرص أو برز أو جرعة دواء ،  أو قد نجلس جلسة صوفية فوق الرمال ،فيها عبادة ورياضة كرياضة اليوغا ، أو جلسة فيها استماع إلى همس البحر وجمشه بدون حوار ،وفيها استمتاع بمشهد الطغم وعبابه وحبابه وغواربه وفنائها   في رمال ريفه .

صيف صائف هذه السنة بحرارة مرتفعة أيامه عصيبة ،  وأرقام قياسية من حيث المقارنة مع الأصياف السابقة ، وجائحة كورونا تحولت إلى دلتا المتحورة فأدت إلى ازدياد في عدد الإصابات والوفيات ، كما عرفت بعض الدول حرائق كبدت  خسائر فادحة  في الأرواح والعتاد مع فقدان المنازل والمؤسسات ….، وحتى وطننا العزيز لم ينج من الحرائق ، وعلى سبيل المثال لا الحصر؛ فإن غابة كوركو ببني انصار هي أيضا  تعرضت للحريق ،وكانت الرياح الغربية القوية  تزيد في انتشاره واتساع رقعته ، ولكن ؛ استطاع رجال المطافئ وطائرات الإطفاء “الكنادير “من التغلب عليه  بعد جهد جهيد ، ولأي شديد ،نظرا لصعوبة المسالك إلى تلك الأماكن الوعرة في الجبال وقلة المخارم  ، وخلال هذا الصيف وقبله  تعرض إقليم الناظور والدريوش ومنطقة  “البوران ” أو جزيرة البرهان  إلى هزات أرضية بين آونة وأخرى وأحيانا باستمرار ، هذه الهزات الخفيفة كما أكد علماء الزلازل ـــ في نظرهم ـــ هي دائمة الاهتزاز لا نشعر بها أحيانا لأنها ضعيفة ، وخصوصا منطقة البوران /غرناطة /الناظور/ الحسيمة ،ولكن واقعيا نشعر بها حينما تكون قوية ، إن ربك أوحى لها ، وما أوتيتم من العلم إلا قليلا .

“””””””””””””””””””””””””””

سرت صباحا والشاطئ الرملي الجميل متجها إلى بني انصار ،وأنا مشتاق إلى سوملة قهوة بعد مرور أيام عديدة ،لأنني  لم أتناولها كالعادة بعلة كورونا ، وغياب الأصدقاء وانزوائهم في المنازل خوفا من الجائحة التي لا تريد أن تغادر هذا العالم  ومحيطنا وترحل عنا ، حيث كنا نجلس لاحتساء ورشف  فنجان قهوة ، المشروب المفضل  المشهور عالميا ،  يتناوله الفقير والغني ومختلف شرائح المجتمع ، أحيانا كنا  نتحلق على شكل  حلقة ،كأننا في جامع نستمع إلى درس  الفقيه في الفقه ، ليس أي شيء من ذلك ، كنا نحن الحدّاث ـــ اليوم صرنا أحاديث ـــ نتجاذب أطراف الحديث ، ومن كل فن طرف؛ بين الطرفة والطوارف والدردشة والمزحة والمناقشة والأملوحة والطريفة ،فيها أناقة ولباقة ،  وما جد من جديد في مختلف الميادين ، متمسكين بالمثل القديم ؛”الطريف خفيف والتليد بليد” ،وأيضا؛ “لكل جديد لذة ” ، أفل  كل شيء،فرقنا الوباء ــــ وهو في تزايد وتحور ــــ  شذر مذر وشغر بغر ، وحكم علينا بالتباعد والنفور من أفراد العائلة والمعارف والأصدقاء إلى أن غابت الخلالة والمصاحبة والألفة ، فأصبح البعض منا مصحبين ،ونطلب لهم أن يكونوا مصحوبين أو مصاحبين معافين ، وقد عانوا الكثير ،وهذه السطور التي أكتبها أريد أن تكون كشفاء من الألم ، ونسيان القلق والضيق ، وكفسحة من الأمل لدحر الهم والغم ،وكما قال  روذريغو راي روسا :”الكتابة متعة تساعد على تكبد عناء الحياة “.

جير، سرت والشاطئ الجميل في وضح الصبح ،إنها رحلة بسيطة كلفتها غير مكلفة ، وفي سيري شاركت فيه جميع الحواس، ونالت رجلاي نصيبهما من المشاركة في تحمل  مشقة المشي بقطع ثمانية كيلومترات ذهابا وإيابا ، بينما العين  كانت تنعم وتسعد برؤية الغزالة وهي في  واضحة النهار الوضاح والتي سحرتني  فصحرتني ثم صخدتني ،كانت  ترسل أشعتها فوق مياه الطغم الزجاجية  البلورية المترقرقة المتلألئة ذات زبد ورغوة ، فازدادت زهرة و زهارا وهزهزا ، كأنها تبتسم أو ترقص للسماء أو تحاورها بلغتها الخاصة  ، والأمواج المتدفقة المترادفة المندفعة كأنها في سباق كسباق الخيول ، تضعف حينما تصل إلى ريف البحر ثم تفنى في الرمال ، والأذن يسحرها صوت الأمواج الذي يحدث ضجيجا مقبولا،أفضل بكثير من ضجيج بعض بني أبي البشر الذين يلوثون المحيط والبيئة والحي والمدينة  ….وحتى الأنف كان يشم رائحة البحر التي تشبه أحيانا رائحة النباتات البرية ، أما اللسان من جهة الذوق فيعرف ملوحة المياه عن طريق السباحة ، واليد أيضا تشارك من جهة اللمس  ، إن الجسم بأكمله شارك في هذه الرحلة الترويحية ؛قلبا وعقلا وشعورا وإحساسا وخيالا وذاكرة…. كلها عناصر أساسية في الإبداع والخلق والتذكر واسترجاع الذكريات ….في هذه الرحلة غابت الحلزونيات  والصدف والكثبان التي كانت على شكل سور أو خندق مرتفع،  يقي من فيضان وهيجان البحر ، لقد انمحى أثر الكثيب  العالي المشهور المعروف عند أهل ثيزرث ب”ثعرورث ثمقرنت” ، بسبب نهب الرمال ، كان أبناء بوقانا القدماء يتدحرجون من أعلاه  إلى أسفله ،وهم يلعبون  كأنهم في حديقة طبيعية بدون سياج وحارس وديدبان ، وبجواره كان “كيماديرو” المهدم لم يبق منه أي شيء ، وأين مقهى “ميامي”  نسبة إلى شاطئ “ميامي “الذي كان يمتد إلى “ذيكي ” ، بالقرب من الحدود الوهمية ،؟ وأين قبر سيدي يحي وبعض القبور التي  لم يبق لها أثر …؟؟؟؟ ، اندثرت معالم وأدوات كثيرة كانت شاهدة على أهل بوقانا ، ومؤرخة لأعمالهم ونشطاهم في مجال الصيد والغرس والجلفظة أو الجلفطة وطريقة خيط  الشباك ورتقها ، لقد بقيت  أثرا على عين ،  وغابت أشياء كانت جميلة في القرن الماضي ، من حيث المنظر والمظهر والسلوك  والحياء والحشمة والكلام والنظافة ، لأن بعضا من شبابنا يتناولون  السموم والأقراص المهلوسة “القرقوبي ” جعلتهم وتجعلهم غير واعين بما يقولون من أقوال بذيئة ،وبما يقومون به من سلوكات  مخجلة مشينة ليس فيها أدب وحلم واحترام للآخر ، وأحيانا فيها الشجار و”التشرميل ” والقتل على شيء تافه ، وأحيانا تؤدي إلى الغرق في اليم بادعاء الشجاعة والقوة والمهارة في السباحة…اا والبحر من الثلاث التي ليس فيها  أمان  ؛البحر والسلطان والزمان ، نعم للترفيه والترويح والاستمتاع بالبحر والمناظر الطبيعية ولكن في حدود ، إن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده .

تركت تلك الأصوات المنبعثة من المصطافين ؛فيها طلاقة وحرية وصخب وصياح ولجب ، بعدما أن قيدتها جائحة كورونا التي هي في ازدياد وتحور وتحول إلى دلتا التي تنتشر بسرعة ، بل حرمت الناس من رؤية الأهل ….. ولا ندري ماذا سيأتي مستقبلا …؟؟، نرجو الخير والأمن والصحة للبشرية جمعاء، فمثل هذه الأوبئة الفتاكة مفعولها أكثر من الحروب المدمرة …اتجهت إلى مقهى “بويرتو” ،وأنا في اعتقادي أن التقي بالأستاذ الطاهر الحموتي  الصديق الحميم ،لأجل إحياء العهد القديم ـــ ونحن في زمن التقاعد ـــ وتذكر الأيام السابقة وخصوصا ؛” يوم 19يناير 1984م في مدينة الناظور، ــــ ولا ننسى يوم 20يناير 1984م صباحا في بني انصار ــــ  حينما خرجنا من الثانوية ؛ثانوية محمد الخامس للتعليم الأصيل ، ونحن راجعون إلى بني انصار ، وما رأيناه ونحن في طريقنا من دماء وجرحى ….، ننتقل من شارع إلى آخر بالاختباء ، كأفلام  طيكساس ، وما سمعناه من أزيز الرصاص ـــ لقد ولدنا من جديد ـــ  وتذكر زمن مهنة المتاعب ؛التدريس والإدارة ، ولكن من سوء الحظ  هو أيضا خرج في رحلة رياضية لما اتصلت به هاتفيا ….كنت غريبا ــــ أكاد أن أكون  كفتى مغاني الشعب ـــ في ذلك المقهى الذي لم يكن حافلا بالأصدقاء  كما كان في السابق … كان عبارة عن صالون أدبي ، تعقد فيه ندوات وجلسات ومناقشات وسجالات بين  الأصدقاء في قضايا فكرية وسياسية وأدبية وشعرية واجتماعية وحال المدينة والبيئة …..بل فكر البعض في إنشاء المقهى الأدبي بهذه المدينة المنسية المهمشة اليتيمة المريضة التي ترجع القهقرى ،ولا تستطيع السير إلى الأمام في مختلف المجالات ….. ربما في الانتخابات القادمة في الثامن من شتمبر المقبل  2021م وهو يوم التصويت أو الاقتراع …….، ستكون المدينة في وضعية حسنة  ، إذا كان الاختيار في محله بجد ووعي …..فالاختيار النزيه هو الذي  سيقود هذه المدينة إلى الازدهار والتقدم  في جميع الميادين ، وسيعمل على التفكير في المواطن والمداشر والقرى والأحياء والمدينة والمرضى والأطفال الذين هم رجال الغد والمستقبل والفقراء والعجزة وذوي الاحتياجات ، وما تفتقر إليه المدينة من حاجيات ومؤسسات وضروريات ،ثم القضاء على الوعود العرقوبية والمحسوبية والزبونية والتسويفية والإهمالية والإمهالية والتماطلية والانتظارية ، ورفض النهج القديم الذي أكل عليه الدهر وشرب ، يعرفه الصغير والكبير ، ودحق (المدرسة السياسية القديمة ) المعهودة الفاشلة إداريا /تدبيريا / تسييريا/ ميدانيا / سياسيا /اجتماعيا /ثقافيا /اقتصاديا /صحيا /فنيا /جماليا /خطابيا / ارتجاليا /  كتابيا /تواصليا/ حواريا في الجلسات والدورات  …. ، ويلزم ترك المجال  للشباب المثقفين الواعين ……ولا نريد أن نقول ـــ ونكرر ونردد كما العادة ــــ عن هذه الانتخابات ما قاله المتنبي عن العيد ؛

عيد بأية حال عدت يا عيد // بما مضى أم بأمر فيك تجديد . ؟

لأننا تعبنا وهرمنا ومللنا من الاستماع إلى الشعارات الزائفة المتجاوزة التي لم تعد صالحة لانتهاء مدة صلاحيتها ، والاستماع إلى الاسطوانات المشروخة التي تقف كما يقف حمار الشيخ في العقبة ، وكما تقف السيارة المعطبة من حيث المحرك والهيكل والعجلات والمهمادات ،فلا تستطيع السير إلى الأمام ولا إلى الوراء ، وما ذا ستنتظر من فاقد الشيء والأمي والجاهل  ؟؟؟،  وهل ستعتمد على القرملة والرويبضة ….؟؟؟،

قفلت راجعا كالذي رجع بخفّي حنين ، مهموما حزينا ،ثم زادتني بعض السلوكات غما وكمدا ، ولكنني استفدت رياضيا من حيث المشي ، ونمت نوما عميقا، نسيت كل ما رأيته وأنا في سيري إلى بني انصار من سلوكات متناقضة ،وما عاينته وأعاينه  في أحياء بوقانا  التي تحتاج إلى الماء وتهيئة الشوارع  وترصيفها وتغطيتها بالإنارة ، ثم الطريق الجديد  يجب تهيئته وإصلاحه من جديد ،لأنه تعرض للتآكل  وظهور الحفر إضافة إلى الغبار الذي تثيره عجلات السيارات والرياح القوية …..وعلينا جميعا نحن القاطنين أن نتحلى بسلوك التمدن والتحضر ، والقول المعروف والمعاملة الحسنة ،  وأيضا أن نبتعد عن  سلوك الحسد والحقد والتعصب والبغض، والأنانية العمياء ،والجهالة الجهلاء ، والرعونة الهوجاء ،فالأخلاق الفاضلة هي عنوان البقاء والاستمرار والحوار والتحضر  والتماسك والترابط والتواصل .

وبعد ؛ هذه ارتسامات وانطباعات حول رحلة لم تكن مبرمجة ومنتظرة ،ولم تكن في الحسبان ، جاءت بطريقة عفوية فورية ، أملتها نفس أضناها الضجر والملل والسأم واليأس والقلق ـــ رغم فصل الصيف المساعد على التجوال ــــ  من جراء الظروف التي نمر بها ،ويمر بها العالم بسبب جائحة كورونا التي قتلت أرواحا ،وأيمت نسوانا ،وأيتمت ولدة، وحرمت الكثير من العمل والشغل ،وفرقت بين الأحباب والجيران ، وأبعدت الأصدقاء والمعارف والأهل والخلان ، ومحت سلوكات التواصل والتزاور والتقارب ،وأصبح الإنسان يعيش قلقا وجلا مقيدا ، يميل إلى العزلة  والانزواء والانطواء ، يشتاق ويحن إلى عيش  الحياة السابقة العادية  ، حياة التنقل والتجوال و الترحال ، والجلوس في أي مكان، والذهاب إلى الأسواق والمسارح ،والحضور في الأعراس  والحفلات والمهرجانات والمآتم ، والقيام بالزيارات والرحلات وغيرها من المعاملات الحسنة  والسلوكات الحميدة …،حار في هذه الجائحة  العلماء وزادت المتحورة دلتا 1.617.2.B في الانتشار السريع والانتقال بسرعة بين الناس ،بعض الدول تعرضت  للموجة الخامسة ،لذا تريد أن تزيد جرعة ثالثة في سبتمبر القادم 2021م بحول الله ،من بينها؛ /فرنسا / روسيا /انجلترا /أوروغواي /إسرائيل/،  وإسبانيا تحاول صنع لقاح “إيبرا ” سيفعّل في 2022م بعد الترخيص ؟، بل بعض الدول تدعو إلى أن يكون اللقاح سنويا  مع احترام التدابير الاحترازية باستمرار ،  على المواطن أن يواظب على التباعد ،ويلتزم بارتداء الكمامة وغسل اليدين أو التعقيم ، كما أن الأطباء وعلماء الأوبئة والخبراء يطالبون بالتلقيح عاجلا مع تلقيح الذين لم يلقحوا بعد، للقضاء على هذه الجائحة التي أحدث أزمات في جميع الميادين ؛صحيا واقتصاديا واجتماعيا وصناعيا و فلاحيا وسياحيا وبشريا وتعليميا وفنيا …. ينضاف إلى هذه الأزمات أن الإنسان اليوم؛ يميل إلى الثقافة الذكية الناعمة بدون عناء ولأي  وكد واجتهاد ،ثقافة  تعلم الإنسان الكسل والتواكل ،ولا تحفزه على البحث العميق في ميدان الطب والعلم ،وإيجاد الدواء الناجع للأمراض المزمنة ، والقضاء على الأوبئة الفتاكة ،ومقاومة الفيروسات الجديدة القتالة …، وأطفالنا يمكثون طويلا أمام شاشة الهاتف وشاشات أخرى  وهم يلعبون كثيرا ، لا يبحثون ولا يجتهدون ولا يبتكرون ولا يبدعون ،يقضون وقتا طويلا  في التفاهات لا جدوى منها ……    ثم الجائحة التي يواجهها العالم اليوم هي  ظاهرة الدوباتيا التي تتجلى في الألعاب الإلكترونية ، معاقرة الخمرة  في كل مكان ؛في الشوارع وأماكن خاصة عن طريق الحفلات ، اليناصيب بجميع الأصناف والأنواع ،الإدمان  على القمار، والمقامر المغامر  هو دائما في انتظار الذي يأتي ولا يأتي طوال الأسبوع ، وهذا الميل إلى اللعب يؤدي إلى أمراض عقلية، يدمر الحياة وينغصها ، يجعل الإنسان منحوسا مشؤوما ، من كثرة الشغف والمداومة والمواظبة بدون توقف على لعب الزهر وغيره من الألعاب التي تهيج الأعصاب ،  علاوة على تناول جميع أنواع المخدرات  الفتاكة التي تهلكه ، ولا تسعده ولا تنقذه من الكوارث الطبيعية ،إن كل ما حل وجد من جديد من أوبئة وأمراض غريبة ليس لها  علاج ، جميعها تحتاج إلى دراسات وتحليلات ،   فإذا كان الإنسان لا يجتهد يعيش على الثقافة الناعمة والذكية وما تنتجه السمكرة …أظن أنه سيعجز عن مواجهة كل غريب ظهر من فيروسات وأمراض وظواهر طبيعية وأشياء أخرى تحدث في هذا الكون ….فاليوم ؛ الاجتهاد الاجتهاد .ااا ،لا مجال للراحة ، يلزم القيام بدراسات مستقبلية ؛اقتصادية /جغرافية /فلاحية / مناخية ….،الإكثار من المستشفيات والمدارس والمصانع ، التفكير في بناء الإنسان وخدمته ،لأجل الكرامة ،والعيش الكريم ،والتمتع بالحقوق ، والحق في العمل القار، والسكن اللائق ، علينا جميعا أن نسلك سلوكا جديدا  فيه  أخذ العبرة ،وقبول العظة ،وتوخي الحيطة ، وتلقي الدروس الجديدة في الحياة ، لنيل الخبرة والتجربة والدربة والدراية …. فالحياة مدرسة ، والأم كذلك ، فكم من منجب في العلم لما تلقى الحياة لم ينجب ، بجل ؛أن نسلك سلوكا جديدا فيه جدية واحتراز واحتياط وتفكير في المستقبل ـــ  فالتجربة هي أم العلوم ــــ وما سيأتي من أيام صعبة مليئة بأوبئة جديدة غريبة قد لا ترى بالعين ، وعلى الإنسان أن يتواضع في تصرفاته مع الناس ،لأنه أحيانا يطغى ويبذر الأموال في التافه ، ثم يتفجس ويتعجرف ولا يفكر في عجاريف وتصاريف الدهر، يكون كالفرعون ؛من الطاغي إلى المهلوك الغريق الذي أغرق أعماله بالمعاصي  ،ونيرون ؛من المتجبر إلى  المنتحر، وقارون ؛من المتكبر العنيد إلى  المفلس الذي ذهب الله بثروته …ااا، وكم من إنسان كان غنيا ثم أصبح فقيرا ، بل أصبح متسولا يحرس السيارات ويغسلها …..، وبسبب هذه الجائحة التي لم تكن في الحسبان ….ااا ،كم من إنسان باع متاعه وأثاثه لأجل الأكل والقوت اليومي لعياله وأهله …ااا،وختاما ؛ نطلب من الله أن يحفظنا ويحفظ  جميع البشر من كل شر ومكروه ،فخير الأمور الوسط ، وحب التناهي شطط ،وخير الأمور أوساطها وأحمدها مغبة ،والأعمال بخواتيمها ، وأحيانا نباشر أعمالا لا علم لنا بها بالادعاء والتفاخر والتباهي ،فينطبق علينا قول ؛”قتلت أرض جاهلها “.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .