الرئيسية كتاب وآراء ربـــيـــع فـي” ثـــيــزرث “و” ثــيــزرث ” في الـــربــيـع أو” بــــــوقـــانــا”

ربـــيـــع فـي” ثـــيــزرث “و” ثــيــزرث ” في الـــربــيـع أو” بــــــوقـــانــا”

كتبه كتب في 8 يونيو 2021 - 5:24 ص

بقلم ذ.محمادي راسي:

//قيل ؛”الأم ربيع الحياة في حضنها النعيم والأمان ،وصحبتها هي الأجمل في الزمان ، ولا ننكر أن الحب فطرة ،وأن أول حب للإنسان هو حب الأم “.//

“ثيزرث ” بمثابة الربيع من الزمان ،مكانا وموقعا هي  كواسطة العقد تقع  بين بحرين ؛البحر الأبيض  المتوسط والبحيرة ، لوحة طبيعية فذة منفردة جامعة مانعة ، تفترّ  وتتلألأ صباح مساء ،الماء يترقرق دوما ، بين الهيجان والفتور والاضطراب والغلّينة والفيضان ، وبين المد والجزر، كأنها في أخذ ورد، وإقبال وإدبار ، وإحجام وإقدام ، لوحة ذات أصوات موسيقية طبيعية ؛  سيمفونيات الأمواج ، وشقشقة وزقزقة الطيور ،  وبألوان مختلفة  متحولة  بين أبيض وأحمر وأزرق وأرمد وأسود ، “ثيزرث ” بقعة ذات منازل متواضعة  بسيطة  تحتاج إلى الرعاية والتنمية  والإعمار والتهيئة ،وإصلاح بنيتها التحتية ،   أهلها عانوا من شظف العيش والتهميش  وقلة الوسائل والإمكانات ، والحرمان من الضروريات ….يلزم تشجيع أهلها من حيث الاستثمار في مختلف الميادين ،وخصوصا في  ميدان السياحة  والصيد ،لتشغيل الشباب العاطل ، وخلق فرص الشغل ،  ومن أجل التنمية والازدهار تماشيا مع برنامج النموذج التنموي الجديد الذي يفكر في الحاضر بمنهجية  واقعية عملية محكمة ، ويفكر في المستقبل بطريقة دقيقة  علمية رياضية ،وبنظرة اجتماعية جغرافية اقتصادية ،وبإقامة  دراسات مستقبلية استشرافية  ، مادامت “ثيزرث ” يحبها السياح من مختلف الدول ومن جهات قريبة ونائية من  وطننا العزيز ،وما دامت أيضا قبلة  للشعراء والكتاب والحالمين والرومانسيين والحالمين والعشاق والمصطافين ، ومحبي الرحلات الاستكشافية والتثقيفية والترفيهية … //.

“ثيزرث” حدث جغرافي نتج عنه شبه جزيرة سميت ب”ثيزرث”، ثم البحيرة الصغيرة بعد تراجع اليم ، لولا بعض  الترع لاتصلت تضاريسها  بقرية أركمان ،   منبسطة سهلة الولوج إلى شاطئ الدأماء،هي دائمة في حوار وصراع  منذ عهد قديم مع البحرـــ بل منذ أن وجد هذا الكون ـــ   تخاف أن يبتلعها بين آونة وأخرى بسبب المد والفيضان والدرادير الباطنية  الشبيهة بالأعاصير ، لأن كل عام البحر يبتلع رمالها إلى أن جعلها نحيفة في بعض الأماكن ، أرضها  بين دمدام وسجسج ووعس وفرفح ، أرض ولخة ورخة ذات نز وأحواض على ضفة البحيرة الصغيرة ، وذات رمال وعسة عسجدية تتخللها كثبان سهلة ، وأرض وتيرة بحلزونيات وصدف ومحارات  مختلفة الأشكال على ضفة البحر الأبيض المتوسط ، على طولها امتد شجر الأثيل الأصيل ،وشجر الصفصاف الدخيل ، والرتم والباهرة والنخيل ،يوشع الشجر والبقل في فصل الربيع ، أشجار الرتم والدفلى  تفوح منها رائحة ذكية زكية رغم مرارتها ،إنها لوحة طبيعية بألوان مختلفة متداخلة بين أبيض يقق ، وأحمر قان ،وأصفر فاقع، وأزرق صاف ،وأخضر مدهام  ،لوحة فريدة من نوعها وشكلها وزخرفها ومضمونها ،فيها حركة البحر المستمرة السرمدية ، فيها أصوات  الأمواج والطيور والرياح  وحفيف الأشجار،هي سيمفونية مستمرة أبدية بين الضعف والقوة ، بدون توقف ليل نهار ، سيمفونيات تسحرك نهارا ،وتلهمك ليلا ،  تلهم الشعراء والرسامين والفنانين ، وتبهج الناظرين والمتنزهين والساكنين والعابرين الذين أضناهم الغناظ والملل والسأم، وضجيج المدينة ورتوبها ،  وسلوكات المتهورين والمتعجرفين المرفوضة .

الربيع يذكرني بقصائد  شعرية رائعة خالدة من نظم كبار الشعراء  شكلا ومضمونا ،معنى ومبنى ، بيانا وبديعا ،تدرس  في المدارس  الثانوية بالتحليل والنقد ،  لم يكتف الشعراء بوصف ما ظهر فوق الأرض ، وإنما فكروا فيما  صنعته وصاغته بطون الأرض لظهورها ،كما دعوا إلى التفكير في الكون وحالة النحيرة العجيبة المزركشة ،بمختلف الألوان  في هذا الفصل الفتي رمز الحركة والنشاط والحيوية ، قصائد دفعتني إلى النظر في طبيعة “ثيزرث” في ربيعها إلى طبيعتها الفريدة من نوعها ؛ الرمال /الكثبان /الأشجار/ الأعشاب/ الحيوانات/ الطيور/ الحشرات … وفي شروق الشمس وغروبها وانعكاس أشعتها  على أديم اليم والبحيرة ،تلكم البحيرة صباحا تكون كمرآة طبيعية لامعة ناصعة البياض ، تنعكس على وجهها أشجار ومنازل بني انصار و”ثيزرث “، أفكر في ذلك الانعكاس  المتلألئ صباحا المصحوب بالهدوء ، يذكرني ببصريات  ابن الهيثم وانكسار الضوء ،كما أتأمل ذهب الأصيل الجميل الجذاب  الذي يجري على لجين ماء البحيرة  في وقت غروب الشمس، وفي الليل أنظر إلى مصابيح الأعمدة الكهربائية لبني انصار وأطلايون المنعكسة على وجه البحيرة ، كأن سماء ركبت فيها ،المنظر يرجع بي إلى العصر الأدبي العباسي  فتذكرت قصيدة البحتري في وصف بركة المتوكل ؛

إذا النجوم تراءت في جوانبها // ليلا حسبت سماء ركبت فيها

حينما أنظر إلى طبيعة “ثيزرث “أنسى كل شيء، حتى جائحة كرونا التي شغلت الدنيا ،  فأسافر إلى عالم آخر في زمان  لا ينتمي إلى الفصول الأربعة، وإلى مكان لا ينتسب إلى هذا العالم . وحينما أنظر إلى السماء أرى أقمارا اصطناعية وهي تعبر الفضاء في اتجاهات مختلفة ،كما تذكرت الكوكب الذي مر بالقرب من الأرض بحجم برج إيفيل ــ كما ذكرت القنوات التلفزية الأجنبية ـــ في 5مارس 2021م يحمل اسم إله الشر المصري ، وعبوره القادم المتوقع سيكون في  2029م يؤدي إلى تصادم مع الأقمار الاصطناعية التي تدور حول الأرض، يتعلق الأمر بكوكب اسمه “أبوفيس”99942 ” على اسم إله الشر المصري القديم المذكور أعلاه ، والله أعلم ،ونجاح مروحية “انجينويتي ” المثبتة تحت” الربوت” الجوال” بريسفيرنس”الذي وصل إلى المريخ في فبراير الماضي من هذه السنة ، ساهم في هذا العمل أو الإنجاز الناجح كمال الودغيري العالم المغربي ،كما مر نيزك عبر القارة الأوروبية في 17أبريل من هذه السنة بمسافة 17كلم في الثانية ، كما فكرت مليا في كوكب  زحل الذي يستغرق 29سنة في كل  دورة واحدة حول الشمس،          في الاحتكاك بالطبيعة نكتسب معلومات جديدة ،ونتعلم  دروسا فريدة ،لا توجد في الكتب بعد ، إنه عالم عجيب غريب ،وعلم لا ينتهي ، لأنه حينما ينتهي العلم يبدأ الجهل ،والتجربة هي أم العلوم ، أسرار كثيرة لا نعرفها ،كل يوم تظهر أشياء جديدة ، أقمار وشموس وكواكب …. كما تظهر أوبئة جديدة  غريبة ….عش رجبا تر عجبا …عش تر ما لم تر …مهما تعش تره .

كلما حل فصل الربيع نتذكر جميعا  الربيع العربي ،الربيع الأوروبي ،ربيع الأمم أو ربيع الشعوب ،ربيع براغ ، ثورة القرنفل في البرتغال في 25 أبريل ، غرق الباخرة “تيتانيك” في 14أبريل 1912م ، ربيع فلسطين في هذا الربيع الحالي؛ فيه قصف اليهود قطاع غزة  بدون حياء ومراعاة  أواخر أيام شهر رمضان المعظمة ،ودون احترام عيد الفطر ، إن الإسرائليين في هجومهم على الفلسطينيين  العزل وهم نيام  في منازلهم  ،وقتل أطفال أبرياء ،وهدم المنازل وتخريب المؤسسات والمنشآت  تعتبر هذه الأفعال الشنيعة غدرا وجريمة ، فقد قتلوا أفرادا ينتمون إلى أسرة واحدة ، ولم يتركوا فردا واحدا ، هذا السلوك لا يقوم به إلا الأنذال والجبناء ،وليس من أخلاقيات الحرب ، فنانون عراقيون رسموا لوحات فنية تضامنا مع فلسطين ، بغض النظر عن المقالات والقصائد الشعرية التي تفضح سلوكات الصهاينة من جميع الأقطار العربية وحتى الأجنبية  …..” مانديلا “قال بهذا المعنى”؛ إن أفضل  السلاح لتغيير العالم هو التربية “، زيادة على ما يدعو إليه الملوك والقادة والرؤساء الحكماء ، من أجل الحوار والتفاهم والصلح ، ونشر السلام واحترام الأديان وقبول الآخر، ثمة أيام عالمية خصصت للتذكير والتحسيس ؛ /اليوم العالمي للمحافظة على التراث الفلسطيني / اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني / اليوم العالمي لحفظ السلام /اليوم العالمي للطفولة  …. متى سيتعظ الإسرائليون لنشر السلم والأمن واحترام الإنسان وبنائه من جميع النواحي باعتباره كائنا حيا اجتماعيا ، يحس ويشعر ويعيش وينمو كباقي الكائنات الحية ؟؟؟،أرى أن هذه الأيام العالمية لا يفعّلونها  ولا يهتمون بها ،فهي عبارة عن حبر على ورق ….؟؟.

فصل الربيع يحتل المرتبة الثانية بعد فصل الخريف ، من حيث الأيام العالمية ؛من يوم 21مارس اليوم العالمي للشعر/ اليوم العالمي للغابة /اليوم العالمي لمحاربة الميز العنصري/ إلى 20يونيو اليوم العالمي للاجئين بإفريقيا ، هي أيام للتنبيه والتحسيس والتذكير والاهتمام  بما يحيط بالإنسان ،لأنه جزء من الطبيعة ، والفصول الأربعة ظاهرة طبيعية تسير بنظام وفق الزمن المحدد  ، وكل فصل له مميزاته المناخية ، وكل فصل بمنتوجاته  الفلاحية  التي تكون في أوقاتها المعينة من حيث الظهور  والنضج والطعم والمذاق … من حبوب وثمار وفواكه   وخضر…إذا نضجت في  غير وقتها ذهبت  لذتها ،وفسد  طعمها  .

عانت الإنسانية جمعاء من جائحة كرونا التي حيرت الأطباء والعلماء ، وفرقت بين الأحباب والأصدقاء ـــ  إلى أن بلغ عدد الوفيات في العالم  أزيد من ثلاثة ملايين ، وبلغ عدد الإصابات أزيد من أربعين ومائة مليون إصابة ــــ    فزرعت الخوف في الناس، ثم أيمت  نسوانا، وأيتمت ولدة وولدانا ، وشردت أسرا ، وساهمت في فقدان الشغل في مختلف المجالات ، وخلقت  الذعر والرعب  في الأسر والعائلات ،وأضنت الأطباء والممرضين والممرضات ، وأحدثت الأزمات الاقتصادية لأرباب المقاهي والمصانع ولأهل مختلف المهن الحرة    والمقاولات ،وسببت في أمراض عقلية وفي أزمات نفسية ،وانهيارات عصبية ، ونشرت القلق والحزن واليأس، و ساهمت في الحرمان من زيارة الأهل والأقارب والتباعد والنفور  ….

لقد مرت اليوم سنة ونصف تقريبا على  ظهور جائحة كرونا ، دفعت البشرية إلى البحث والتفكير  والاختراع والابتكار ، والاتعاظ وأخذ العبر ،وعدم الثقة في الزمان ، وفي مارس من هذا العام ؛ فكرت مدينة ” قادس” في إعطاء الدروس للتلاميذ في الهواء الطلق بشاطئها المتوسطي،كما دفعت أيضا  أهل الاقتصاد بوطننا إلى التفكير في تدبير معيشة العاملين المحرومين من أجورهم في مختلف القطاعات والمهن ، وفي الدنمارك أنشأوا متحف السعادة لنسيان الجائحة ،وفي الرباط نظم معرض للصور الفوتغرافية حول كرونا علقت على  الجدران في الهواء الطلق، وفي متحف للصورة الفوتغرافية بالرباط ،كما فكروا في تلقيح جديد عبر الأنف بجرعة واحدة في 2022م ، وفي20ماي قاموا  بتطوير جهاز إلكتروني للكشف عن غير  المصابين ب كوبيد 19 ، ورياضيا ـــ كروياـــ  فكروا في مشروع إنشاء الدوري “السوبير “الأوروبي ” بسبب جائحة كرونا للربح أكثر، وحل المشاكل الاقتصادية ،ولكن هذا المشروع ما زال  بين أخذ ورد بسبب الخلافات …ودفعت جائحة كرونا الإنسان إلى التفكير في الطرق الجديدة التي سيعيشها في المستقبل القريب على كوكب الأرض ،رغم أنه وصل إلى عهد الثورة الصناعية الرابعة والثورة الرقمية الثانية …..

أصبحنا ننفر و نفر من المقاهي  بعد أن كنا نتردد عليها يوميا، للترويح عن النفس والتسلية والاستراحة والمزحة  والتثقيف والتأمل ،وبجانبنا سوملة قهوة فوق الطاولة ، بين رشفة وأخرى تنبه عقولنا وتنشطها ، وقيل في القهوة ؛”القهوة صديقة الفكرة” ،وهي المشروب المحبوب عند جميع الطبقات الاجتماعية  كيفما كانت درجتها ومستواها الثقافي والفكري  والمهني والمادي والمعنوي  ….

إن الأصدقاء اليوم يسألون؛ يتساءلون؛ يبحثون عن أصدقائهم في أي مقهى يجلسون، وإلى أين يذهبون ،بينما هم في الدار عاكفون ؟، يحنون إلى الدردشة والمناقشة والسؤال  عن الأحوال ،واسترجاع ذكريات  الزمن الجميل ،غاضين الطرف عن الخلافات والحزازات ،  بعد غياب طويل ،لأنهم لم يجدوا أمامهم ولو صديقا واحدا ،بسبب الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي من جراء كوبيد 19 ، وتذكرت أبياتا لبشار بن برد الشاعر العباسي وكان على حق في قوله  رغم مرور قرون من الزمن ؛

إذا كنت في كل الأمور معاتبا //

صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه

فعش واحدا أو صل أخاك فإنه

مقارف ذنب مرة ومجانبه

إذا أنت لم تشرب مرارا على القذى

ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه.

وختاما ؛

عود إلى العنوان ؛ ــــ ربيع في ثيزرث ،وثيزث في الربيع ــــ والعود أحمد، وقول الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه “لولا أن الكلام يعاد لنفد ” ، وفي الإعادة إفادة ، وفي التكرار إلحاح  وإثبات  وإقرار،فأقول ؛                                                                   “ثيزرث ” هي ربيع الزمان ،ورمز الريعان والهدوء والأمان ، كل ما فيها أصوات وأنغام موقعة طبيعية ،حتى صوت  زمن الفصول الأربعة فيها يتغير، وملامحها تـنتقل من حزن وكمد وشحب وكدر وكدو إلى فرح ونشاط ،وتفتح  البراعيم ووشع البقل والشجر” والنبات ، فصل الربيع موسم تفريخ الطيور المهاجرة في حياة طبيعية فطرية ، تلك الطيور التي تجود علينا  بأعذب الأصوات والألحان ، فتفرج عنا كربتنا ،وتشرح صدورنا ،وتبهج قلوبنا ، وتسعد أبصارنا بأجمل الأشكال والألوان ، “ثيزرث ”  تكون جميلة خلابة بمناخ يجمع بين أواخر فصل الشتاء ،وأوائل فصل الصيف ، ريف الطغم  يكون خاليا ،يساعد على القيام برياضة المشي في الهواء الطلق على أنغام أمواج البحر، بوقع منسجم بين القوة والضعف والحسيس والهمس  بدون جوقة ،تلك الأنغام تسافر معها أحيانا ، كأنك تستمع إلى إحدى سيمفونيات بيتهوفن أو موزار… ، وتشجعك على المزيد من المشي ،والاستماع إلى همس الطبيعة ، والاستمتاع بالمناخ المعتدل والمناظر الساحرة ،جميع الحواس  ـــ حتى الذوق ـــ تشارك في رحلتك إلى” ثيزرث ” التي لابد من الرجوع إليها ،لأن فضاءها مفعم  بالصوت والحركة والنغمة  والنسيم العليل البليل ، ثم تمتاز بتغير منظرها من خلال البحر والبحيرة  أثناء المد والجزر، وبطبيعتها العجيبة الجذابة  إلى جانب الشمس الساطعة وصفاء السماء .

لا استطيع  أن أنسى” ثيزرث” وقد عشت فيها طفولتي ،وهي أرض الأجداد والأهل والأقارب ،وأكلت من خيراتها البرية اللذيذة ذات الرائحة الزكية ، والخيرات البحرية المتنوعة الطرية ،وشربت من مائها العذب بين البحرين ،تصفيه الرمال بطريقة طبيعية ،أغرفه بالدلوــ  إن لم أقل أغرفه بيدي ــــ  من آبار لا يتعدى عمقها مترين ، نرجو من الله أن يحفظ هذه التربة المعطاء ، ويحفظ وطننا العزيز من كل شر ومكروه، ويرفع عنا هذا الوباء الذي فرق بين الأسر ،وقهر العالم ، وجعل المدن والشوارع والحدائق والساحات والباحات والحجرات الدراسية والمسارح وغيرها خالية ، وأحدث أزمات اقتصادية واجتماعية ،وسبب في البطالة والعطالة وأمراض نفسية وعقلية ،علاوة على الملل والسأم والضجر والضيق والحزن ، ويحفظنا من الزلازل المتكررة بناحية الدريوش والناظور وغيرهما  في هذه الأيام ، وفي البحر الأبيض المتوسط  جهة جزيرة البوران أو البرهان التي تتعرض لهزات بحرية ك”تسونامي “، بعض مدن البحر الأبيض المتوسط ستغمرها المياه وسيحدث لمدينة “قاديس ” ما حدث لها  في 1755م كما ذكرت القناة السادسة الإسبانية في يوم ثالث يونيو  2021م  والله أعلم ،لا علم لنا متى ستحدث الأشياء بالضبط ،مصداقا لقوله تعالى :”إذا زلزلت الأرض زلزالها ،وأخرجت الأرض أثقالها ،وقال الإنسان مالها ، يومئذ تحدث أخبارها ،بأن ربك أوحى لها ” صدق الله العظيم .

وبمناسبة حلول اليوم العالمي للبيئة  في خامس يونيو من كل عام ؛ويحل في فصل الربيع ، على البشرية جمعاء أن تهتم بالبيئة بالمحافظة والرعاية والعناية والنظافة ، واحترام الشوارع والحدائق والأنهار والبحار والمحيطات والآبار والحيوان والبشر والشجر ، ولا بد من مواجهة التغيرات المناخية وإنقاذ البيئة وما في الفضاء لأن الجو يتلقى أطنانا من الملوثات بسبب اتساع ثقب الأوزون مما يؤدي إلى  ارتفاع درجة الحرارة ، وارتفاع منسوب مياه البحر ، وكذلك تلويث البحر برمي مخلفات المصانع ، وتفجير القنابل الذرية فيه ، إن الإنسان نفسه يهلك البيئة ، هناك أيام عالمية تحل في فصل الربيع لها علاقة بالطبيعة ،يلزم احترامها بإحيائها بتنظيم ندوات تحسيسية محلية ،تخصص لجميع أفراد المدينة أو القرية بغض النظر عن الصعيد الوطني والدولي ، وكذلك يلزم استغلال مادة علوم الحياة والأرض في إشراك التلاميذ ،وتكليفهم بالبحوث  حول البيئة والحيوانات والنباتات والأشجار……. من أجل  كسب معارف ومعلومات جديدة ،والقيام برحلات ميدانية خارج جدران المدرسة ، فالحياة أيضا هي مدرسة ،ومن الأيام العالمية في فصل الربيع التي لها علاقة بالطبيعة ؛ اليوم العالمي للغابة 21مارس / اليوم العالمي للماء 22مارس /يوم الأرض 30مارس /اليوم العالمي  للملاحة الكونية 12أبريل  / اليوم العالمي للتلوث السمعي 27أبريل / اليوم العالمي للشاي 21ماي /اليوم العالمي للتنوع البيولوجي 22ماي / اليوم العالمي للبيئة 5يونيو / اليوم العالمي لمحاربة التصحر 17يونيو / وغيرها من الأيام التي لها علاقة بالأرض والسكان والمجتمع والمؤسسات والصحة والأمراض …… في مختلف الفصول الباقية ،ولا ننسى اليوم العالمي للتمريض الذي يكون في 12ماي ،وبهذه المنسبة لابد من التنويه والافتخار بالأطباء والممرضين وعلماء الأوبئة بما قاموا به من مجهودات جبارة ،وتضحيات جسيمة ،من أجل إنقاذ معظم المصابين بجائحة كرونا التي حلت بنا في السنة الماضية ، والإشادة هذه السنة بعملية التلقيح التي مرت وتمر وستمر بحول الله بنظام وانتظام وانضباط وهدوء ، والإشادة بالسلوك الحسن الذي يمتاز به المشرفون على عملية التلقيح ، ولا بد من توجيه الشكر إلى الشعب المغربي قاطبة على موقفه من هذه الجائحة ، يتجلى في الصبر والتحمل والتكافل والتضامن والتآزر والمواساة  ، والتقيد بقواعد الحجر الصحي ، ولا بد من توجيه الشكر إلى صاحب الجلالة الملك محمد السادس ملك المغرب الذي فكر في مواجهة هذه الجائحة في وقت مبكر،فتم بتعليماته السديدة ،ورعايته السامية ،إحداث الصندوق الخاص بتدبير جائحة فيروس كرونا كوفيد 19 ، كما جعل التلقيح مجانا لجميع المغاربة وحتى الأجانب المقيمين بالمغرب، بدون ميز وفرز،وقد شرع في عملية التلقيح  في جميع أنحاء المغرب النائية والقريبة وفي جميع المدن والقرى بدون استثناء ، وستتم مستقبلا في ظروف حسنة بحول الله وقوته ، وكل من سار على الدرب وصل ، وأول الغيث قطر ،إن البدء صعب ،كالبناء صعب ولكن فيه عز وشرف ، والهدم سهل فيه ذل وهوان ،  و”سعادة الحياة تكون في  البدء ” كما قيل .

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .