الرئيسية كتاب وآراء عيد الشغل وسؤال وضعية الصحة والسلامة المهنية بالمغرب

عيد الشغل وسؤال وضعية الصحة والسلامة المهنية بالمغرب

كتبه كتب في 2 مايو 2021 - 6:49 ص

بقلم: زكرياء المعلم الغزيزي: طالب باحث بكلية الحقوق بطنجة:

عيد الشغل بالمغرب… عيد بأي حال عدت يا عيد؟

كباقي دول العالم، وبسبب جائحة كورونا والظروف الصحية التي يمر بها المغرب وما أملتها من فرض حالة الطوارئ الصحية، لم يحتفل المغاربة باليوم العالمي للشغل والذي يصادف فاتح ماي من كل سنة، وهذا العيد هو فرصة لتقييم وضعية الصحة والسلامة المهنية بالمغرب. حيث يعتبر النهوض بشروط الصحة والسلامة في العمل وتأمين تغطية اجتماعية شاملة من أبرز معايير تحقيق العمل اللائق، خصوصا في ظل الوعي المتزايد بأهمية العناية بالرأسمال البشري، سواء في مجال التدبير العمومي أو تدبير المقاولات. إن الإجماع قائم على أن الإرتقاء بجودة الخدمات وتعزيز القدرة التنافسية للمقاولات في ظل تحديات العوملة رهين بالحفاظ على الرأسمال البشري وتثمينه وتمكينه من أفضل شروط العمل والإنتاج، أي بالحرص على توفير بيئة عمل سليمة وصحية ومستدامة.

وكبلد يطمح إلى البروز كدولة صاعدة التزمت بتحقيق أهداف التنمية المستدامة في أفق 2030 وعقدت العزم على تشييد نموذج تنموي جديد، يجد المغرب نفسه في مواجهة تحدي السعي إلى الإرتقاء بمعايير الصحة والسلامة المهنية باعتبارها رافعة اساسية للتنمية.

فما هو واقع وآفاق وضعية الصحة والسلامة المهنية بالمغرب؟

يعتبر المغرب من بين الدول في التي صادقت ووقعت على مجموعة من الإتفاقيات الدولية المتعلقة بحفظ الصحة والسلامة المهنية، وانطلاقا من القناعات الراسخة للحرص على الصحة والسلامة المهنية، صادق المغرب على الاتفاقية الصادرة عن مؤتمر العمل الدولي في يونيو 1981 والتي تسمى  اتفاقية السلامة والصحة المهنية، كما صادق على أخر اتفاقية متعلقة بهذا الموضوع ، اتفاقية المنظمة العمل الدولية رقم 187 بشأن الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين.

كما عمل على تطبيق مضامين هاته الإتفاقيات ضمن قانون الشغل المغربي، حيث نص المشرع المغربي في المواد 281، 282،287 وباقي الموارد، على ضرورة اتخاذ التدابيير اللازمة لحماية الأجراء أثناء العمل من الأضرار التي قد تلحق بصحتهم، بل ذهب أبعد من ذلك بالنص على ضرورة اتخاذ الإحتياط من الأضرار التي تشكلها الوسائل المستعملة في الإنتاج والأدوات.وعلى أن يحرص المشغل على نظافة أماكن الشغل، والحرص على شروط الوقاية الصحية، ومتطلبات السلامة اللازمة على صحة الأجراء، خاصة فيما يتعلق بأجهزة الوقاية من الحرائق والإنارة، والتدفئة والتهوية، ومياه الغسل،ومستودعات ملابس الأجراء ومغتسلاتهم.بالإضافة إلى الحفاظ على الإنارة والتهوية والتدفئة والماء الصالح لشرب…،كما منع شراء واستعمال بعض الآلات والمواد التي تشكل خطرا على صحة الأجراء. كما ألزم أن تكون الآلات وأجهزة التوصيل والأدوات الخفيفة والثقيلة…، مجهزة بوسائل للوقاية ذات فعالية معترف بها دوليا وأن توفر لهم أضمن شروط الأمان الممكنة تفاديا لما قد يترتب عن استعمالها من خطر الأجراء. كما رتب جزاءات مدنية وجنائية وغرامات على أرباب العمل الذين يخالفون ولا يحترمون مقتضيات قانون الشغل، والذي قد يصل إلى حد إغلاق المقاولة بصفة مؤقتة أو نهائية.

كما كرس الدستور المغربي عددا من الحقوق المدنية والإجتماعية ذات الصلة بالصحة والسلامة في العمل أبرزها الحق في الحياة (الفصل 20 .)كما ينص دستور 2011 على أنه ال يجوز المس بالسلامة الجسدية أو المعنوية لأي شخص، في أي ظرف، ومن قبل أي جهة (الفصل 22 .)وبمقتضى الفصل 31 ،يقر الدستور بالحق في العلاج والعناية الصحية والحماية الإجتماعية والتغطية الصحية والتضامن التعاضدي، بينما ي نص الفصل 71 منه على التأطير القانوني لعلاقات الشغل، والضمان الإجتماعي، وحوادث الشغل، والأمراض المهنية. كما تتضمن الترسانة التشريعية مدونة الشغل، وهي المرجع القانوني الأساسي الذي يؤطر الصحة والسلامة المهنية في القطاع الخاص.

كل هذه المقتضيات، ومقتضيات أخرى تبرهن على أن المغرب حاول إلى حد كبير ضمان صحة وسلامة الأجراء .

لكن الواقع يبين أنه رغم إقرار التشريعات الوطنية للحقوق الأساسية المتعلقة بالصحة والسلامة في العمل، فإن مدى تفعيلها على أرض الواقع يظل دون مستوى التطلعات. وذلك بالنظر لتدني مستوى قواعد الصحة والسلامة المهنية المعمول بها في جزء هام من النسيج الإقتصادي، خصوصا في المقاولات المتوسطة والصغرى والصغيرة جدا وفي بعض القطاعات بشكل خاص ، كقطاع البناء والأشغال العمومية والقطاع الفلاحي والقطاع غير المنظم حسب رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي للسنة 2020.

وتفيد وزارة الشغل والإدماج المهني أن عدد حوادث الشغل بالمغرب بلغت سنة 2018 أكثر من 50000 حادثة، تسببت في 756 حالة وفاة و13208 حالة عجز مؤقت و36561 حالة عجز دائم. وهو ما يعطي فكرة عن حجم الأضرار الإجتماعية والإقتصادية المرتبطة بغياب ظروف العمل اللائق وبحوادث الشغل، مع العلم أن تلك الأرقام لا تحيط بالحصيلة الحقيقية لحوادث الشغل بالمغرب، كما يظل جهاز مفتشية الشغل بالمغرب محدودا وقاصرا من أجل القيام بالمهام المنوطة به، بسبب ضحف الموارد البشرية والمادية المادية التي لا تسعفه في إنجلز مهامه على الوجه الأكمل.

ومن ثم وجب تدارك هاته المعضلات التي يعرفها قطاع الشغل بالمغرب، وذلك بالنهوض بثقافة الصحة والسلامة المهنية، وتطوير الحكامة في مجال الصحة والسلامة المهنية، إضافة إلى بناء منظومة معطيات وإحصائيات تدعم جهود تطوير الصحة والسلامة المهنية، وتطوير طب الشغل الذي يعد في المغرب مجرد طب صوري شكلي، لا يقوم بالمهام المنوطة به على أكمل وجه،

المراجع:

  • رأي المجلس الإقتصادي والإجتماعي والبيئي حول الصحة والسلامة في العمل،الصادر سنة 2020
  • إحصائيات وزارة الشغل والإدماج المهني حول حوادث الشغل بالمغرب لسنة 2018
  • دستور المملكة المغربية لسنة 2011
  • القانون 65.99 المتعلق بمدونة الشغل الصادر سنة 2003

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .