الرئيسية كتاب وآراء من وحي الحي “الحومات والمداشر” 20/21…حــي عبــد المــــؤمـن

من وحي الحي “الحومات والمداشر” 20/21…حــي عبــد المــــؤمـن

كتبه كتب في 29 أبريل 2021 - 8:10 م

بقلم ذ.محمادي راسي

من أوراق مهملة فوق الرفوف

من وحي الحي “الحومات والمداشر” 20/21

حــــــــــــي عبــــد المــــــؤمـــــن

 

حي عبد المؤمن هو “مدشر” آيث الحاج أعراب  وإيبوحوثن ،بجنوبه يوجد الحاج أمحمذ جديد ،و آيت موح  الجيلالى ، وأضرضور ، و مدشر آيث بلقاسم  إيمونكا “، كان به منازل تعد على رؤوس الأصابع ، وعرصات  مسيجة بالأحجار والصبار، مخصصة للزرع والغرس ، وأراض شاسعة لزرع القمح والشعير، غربا يحده أولاد عيسى ،وقبلة  الطريق المؤدي إلى مدرسة مولاي بغداد ، وشمالا “إغزار نرحاج محند”، حمل اسم حي عبد المؤمن حديثا ، حينما دشنت المدرسة  الابتدائية الموجودة في قلب “المدشر”  والتي أطلق  عليها اسم مدرسة عبد المؤمن ،نسبة إلى عبد المؤمن بن علي الكومي  ،من قبيلة كومية إحدى  القبائل الأمازيغة  ، وإن كان ينسب نفسه إلى العرب من مضر كما تذكر بعض المراجع ،ولد بالقرب من تلمسان وتوفي بسلا  ،درس الفقه والسيرة النبوية ،ومن مؤلفاته كتاب الأغذية ، وقد لقب بأمير المؤمنين خلال الإعداد لمعركة البحيرة ،لما  أمّره المهدي بن تومرت على جيش الموحدين فقال :”أنتم المؤمنون وهذا أميركم “، وقد أنزل الهزيمة تلو الهزيمة بالمرابطين ،طرد الصقليين من الساحل الإفريقي واحتل الأندلس ، وفي عهده اتخذ مدينة مراكش  عاصمة ليحكم منها  الدولة الموحدية …المؤرخون  أدرى بالروايات التاريخية ….، فأهل مكة أدرى بشعابها .

واجه أهل هذا الحي والجيران صعوبات وعراقيل كثيرة  في غياب الإنارة ،والصرف الصحي ،والماء الشروب ، وفتح الشوارع  والمواصلات ؛ فلا مناص من قطع طرق لزبة، حيث الأحجار والمغروسات  والصبار والسدر والحسك والعوسج ، للوصول إلى “المداشر” والمنازل ، بالإضافة إلى الطريق المؤدي إلى مولاي بغداد الذي كان يسمى ب “أبرذ انرمحج”غير معبد تمر به الشاحنات والسيارات والعربات والدراجات النارية والعادية والساكنة … كان بمثابة الطريق الرئيسي ، وفي بداية هذا القرن أصبح معبدا …..

تصعب المواصلات  حين تفيض الأودية  التي لا يمكن قطعها ….والتلاميذ في ذلك العهد كانوا بدورهم يواجهون عراقيل كثيرة ؛/مادية /صعوبة المواصلات /انعدام الإنارة / الظلام المطبق الذي  يعم الحي بأسره …. ، يصعب الاهتداء إلى الطريق ليلا والسير فيه لأنه  مليء بالأحجار، في المنازل يستهلك الشمع الذي كان يوضع فوق الشمعدان أو المنارة ،  والفتيلة أو الذبالة التي كانت توضع في إناء به زيت  ،وكذلك  القنديل  أو  المصباح المزود بالبترول قصد الإنارة ليلا….   كان بالحي  مسجد متواضع يسمى ب “ثمزيذا نرحاج أعراب ” ،نسبة إلى والد المقدم المعروف ،وهو من أعيان “المدشر” ، ب “رمقدم نعمار” رحمه الله ، كانت “المداشر” لها هيبتها وحرمتها ووقارها  في أيام القناعة والبساطة والتواضع ، وفي غياب الكماليات وحتى الضروريات في بعض الأحيان .

منذ الخمسينيات كان هذا الحي عبارة عن منازل متناثرة متباعدة  مبنية بالحجر والطين ، سقوفها من خشب وقصب  وطين ، وبعضها أقفرت كأنها لم يكنها أحد ، و”مداشر” مكونة من أسر قريبة بالنسب والمصاهرة ، وفي وقتنا الحالي عرف الحي  تزايدا من حيث السكان والعمران ، بتوافد الأسر من المدن المغربية البعيدة   والقريبة التي استقرت بهذا الحي كما في باقي الأحياء ،بحكم البحث عن الشغل ، أو في مختلف الوظائف بحكم التعيين ، وقد عرف الماء الشروب والإنارة وفتح الشوارع في أواخر القرن الماضي وبداية هذا القرن ، وما زال في حاجة إلى تحسينات ليرقى إلى المستوى المطلوب المنشود ، وقد حاولت بعض الجمعيات النهوض بهذا الحي والعمل على تنظيفه وتنقيته من الأزبال ليكون جميلا وأنيقا…. لذا نظمت جمعية حي عبد المؤمن للتنمية المستدامة نشاطا بيئيا يتجلى في تنظيف الحي ، وصباغة ألأرصفة والجدران ،  تحت شعار؛ “حي جميل للجميع “، كما قامت بنشاط مماثل في مدرسة عبد المؤمن الابتدائية .

أطفال صغار شاركوا في تنظيف الحي  ، وبعض من تلامذتنا سابقا  قاموا بصباغة الأرصفة ، وهذا السلوك سلوك  جيد محمود ،  وعمل تطوعي مشكور ،يخدم  الحي والساكنة ،وفيه أجر عظيم ،والصور والفيديوهات شاهدة على ما أقول .،أجل ؛ أطفال صغار يقومون بإحراق الأزبال والنبات الشائك بالعوسج ، بعض الشباب من معارفنا وأهلنا تغمرهم الفرحة وهم يشاركون في حملة “زيرو ميكا “،وكتبت إحدى الجرائد الإلكترونية ببني انصار مقالة في شهر  أكتوبر 2016م تحت عنوان :”جمعية حي عبد المؤمن ببني انصار؛ تكسي حيها حلة جديدة في مبادرة تستحق التشجيع والتنويه ” ؛  “اكتست أرصفة وحواش وجدران حي عبد المؤمن ببني انصار في الآونة الأخيرة حلة جديدة ، أعادت للحي السكني رونقه وجماليته، بفضل المبادرة الحسنة التي فعلتها جمعية حي عبد المؤمن ،أخذتها على عاتقها ، ونزلت بسواعد مجموعة من الشباب لصباغة الأرصفة ،وتزيينها بالألوان ، وتنظيف الشوارع ، وتلوين الجدران بالرسومات المعبرة ” . وحول هذه المبادرة علقت بما يلي ؛”دورنا جميعا هو المحافظة على الأحياء بالنظافة والتصدي والدحض والدحر…، ورفض كل سلوك خبيث صادر عن المتهورين الذين يريدون تخريب المدينة ، وتشويه منظرها ،وكذا جميع أحيائها ، ويدعون العظمة ، وأنهم هم السلطة ، وهم الحاكمون في غياب السلطات المحلية والأمنية ، تحية حارة إلى حارة عبد المؤمن،وإلى كل من ساهم في تنقيتها وتنشيطها ، ما أحوج هذه المدينة إلى هذه الثقافة والتربية على  الجمال والخير والحق والنظافة …ااا ،  أفضل بكثير من “الشيشة والقرقوبي “، والسموم الفتاكة التي غزت هذه المدينة البريئة والتي ستدمر وستسحق مستقبلا؛ أطفالنا وشبابنا صحيا وجسميا وعقليا “.

مزيدا من الحملات التحسيسية والتوعوية ، والمساهمة بالنظافة للقضاء على الأوساخ ،والتغلب على سلوك الشر والحقد والهدم والقبح الذي لا يقوم به حتى الحيوان ، وحماية الحي من اللصوص والنشالين ، ومن الذين ينشرون السموم ، يقدمونها للأطفال والشباب  في سرية ،ليكسبوا أموالا بطريقة غير مشروعة ، وهي  كلها حرام وسحت ومنكر…، فلا بد من التفكير في إحداث مكتبة صغيرة للأطفال والشباب والرجال قصد المطالعة ، وحديقة لأجل التنزه والترويح عن النفس ،وتحسين وضعية المقاهي التي يجب أن تحمل صفات المقاهي الحسنة المعهودة سابقا ، لتؤدي دورها الترفيهي  الإيجابي والاجتماعي في التواصل بين أفراد الحي وروادها ، كما أدت دورها الثقافي والأدبي والسياسي والنضالي قديما ،وكذا أندية  للثقافة والتسلية ،لأجل ممارسة أنشطة فكرية ؛ك “الشطرنج “و”الداما ” و”النرد “والزهر و”أبرتشيس “،وقراءة الجرائد وحل الكلمات المتقاطعة المسهمة /المترجمة /المفقودة  /المربكة /الضائعة /الحرف المتوحد /الألغاز / “السودوكو” / وغيرها من الوسائل التي تعمل على استخدام العقل والمخ للوقاية من مرض “الزهايمير” ، بناء على ما ذكرته  بعض القنوات التلفزية الأجنبية في إحدى  نشراتها الإخبارية ،  إن بعض الدول المتقدمة تقدم جرائد مجانا، وتعرض أيضا مجانا كتبا في الشوارع للقراءة في ركن قريب  من العمارات و الحدائق والساحات  ، وحتى سيارة الأجرة فيها كتب للقراءة ،  يقرأها الراكب أثناء قطع الطريق ، كأن لا وقت للعب واللهو ، فالقراءة القراءة ..ااا  ، الرياضة الرياضة …اااا ، اللعب اللعب المجدي ..ااا ـــ فالطفل يتعلم وهو يلعب ـــ   جسمك والسموم الفتاكة  …ااا، وقد قال الفيلسوف فرنسيس بيكون :”القراءة تصنع إنسانا كاملا ، والمشورة تصنع إنسانا مستعدا ، والكتابة تصنع أنسانا دقيقا “.

إن جمال الحي يجلب الساكن والعابر والسائح ؛  جمال الأزقة والشوارع والحدائق ،جمال القول المعروف والبر والشفقة والرحمة والإيثار ،  والنظافة تساعد على الحيوية والإقبال والنشاط ، تحمي البيئة من التلوث ،  تقضي على الروائح الكريهة المنبعثة من الأزبال التي تزكم الأنوف ، تقذي العيون ، تشمئز منها القلوب ،تمجها النفوس ….  الهدوء له دور فعال في استقرار الساكنين بالحي  ، والأخلاق تعمل على تماسك الساكنة وخلق جو التواصل والحوار والتفاهم ، وبها يتم التوصل إلى حل معضلات ومشكلات الحي .

إن الجمعيات المتواجدة بالحي ؛ نال لها  أن تنظر بالتعاضد والتآزر ـــ بدون غل وإحن وتناحر ـــ فيما ينتظر الحي من تحسينات وضروريات وأمن ،مع أخذ الحيطة والحذر لما ستأتي به الأمطار مستقبلا حينما تكون غزيرة  ،  وفي فضح  كل سلوك يستفز الساكنة ،  وكل فساد ودعارة وتجارة في سموم فتاكة ، وأصوات  مزعجة ليلا تقض مضاجع الساكنة ،  الحي هو في الحقيقة مدينة صغيرة ،ف “المدشر” أو الحي هو بمثابة الأب للمدينة ،لأنه  أسبق منها، علينا أن نتشبع بثقافة المحافظة على الملك العام ، مدارسه /مساجده /ساحاته / حدائقه /شوارعه …، إلى جانب ثقافة احترام الجيران صغيرهم وكبيرهم ، ومساعدة ضعيفهم  وفقيرهم  ومريضهم ولو بالكلمة الطيبة والقول المعروف ،وثقافة تغيير المنكر ،ونقد كل سلوك مقيت ،  فمن يؤذي الجار جزاؤه جهنم .

إننا اليوم في حاجة إلى الجمعيات للدفاع عن مطالب الساكنة ،وحاجيات الحي و “المدشر” و”الحومة ” والقرية والمدينة … ، بالفعل لا بالقول ، يلاحظ أن شخصا ما قد يؤسس جمعية … غرضه أن يكون رئيسا فقط ثم ينام ، ففي نظره أن الهدف هو الظفر  بلقب الرئيس ،كالفوز بالكأس ،أو الميدالية، أو الوسام ، أو الظفر بشهادة التقدير  ، أو نيل جائزة ما ….  ، متأثرا بالمثل الإسباني ؛”اكتسب الشهرة ثم اذهب لتنام “، crea fama y échate a dormir ،علينا أن نفكر دائما في الرفع من مستوى حينا في جميع النواحي ، فمستوى حينا هو الذي يدل على مستوانا في جل الميادين؛ الفكرية والثقافية والرياضية والصحية والاجتماعية والاقتصادية….

خـــــــــــــاتمـــــــة

إننا لا نعرف إلا الشيء القليل عن أحيائنا وحتى مدينتنا ، حبذا لو قام أهل الحي بإنشاء لوحة أو لوحات تذكارية تشير إلى ما يتميز به الحي ، وتاريخ ظهوره كحي ،والعمل على حفظ  صوره  القديمة والحديثة ، إن الجانب التاريخي منعدم في هذه المدينة …اااا ، هذا حظنا وقدرنا نعيش في مدينة بلا أرشيف ،بلا تاريخ ،بلا ذاكرة ،بلا مكتبة   لنذهب إليها للقراءة والتثقيف ، والتزود بالعلم،  وتدوين المعلومات في الكراسة ، للرجوع إليها بعد النسيان ، جبلنا على الجلوس في المقاهي ،والتسكع في الشوارع بدون هدف وغاية ، إلى أن أصبحت عقولنا فارغة خاوية ، لا نقرأ ،لا نكتب ،لا نرسم ،لا نبدع ، فأصبحنا مستهلكين نجتر، نكرر ،نقلد …لا ننقد ،لا ننتج ،لا  نخترع ….وهلم لاءات ….وهلم …اجترارات وانسياقات وانحرافات وانجرافات مع تيارات تؤدي إلى “تشرميلات ” ومحرمات وسرقات واختلاسات واختلالات …ونحن نائمون كنوّم أفسس  …….ااا؟؟.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .