الرئيسية كتاب وآراء من وحي الحي “الحومات والمداشر ” رقم 19/21…من أوراق مهملة فوق الرفوف …بقلم ذ.محمادي راسي

من وحي الحي “الحومات والمداشر ” رقم 19/21…من أوراق مهملة فوق الرفوف …بقلم ذ.محمادي راسي

كتبه كتب في 12 أبريل 2021 - 12:56 ص

بقلم ذ.محمادي راسي -جريدة البديل السياسي :

 

من أوراق مهملة فوق الرفوف 

 /””””””””””””””””””””””/

 

من وحي الحي “الحومات والمداشر ” رقم 19/21

/””””””””””””””””””””””””””””””””””””””/

              “بــــــــــــوقــــــــانا”

            &&&&&&&&& BOCANA

                                               &&&&&&&

 

علـــــــــــــى عتــــــــــبــــــــــة “بــــــــــو قـــــانـــــــا”

/””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””””/

 

                   كان الولوج إلى “بوقانا” يتم ؛1)عبر” ثامشت ” بالأرجل / السيارة / الدراجة العادية / الدراجة النارية / الشاحنة  / الدواب / عربة يجرها الحصان أو البغل ؛وقد أدت العربة دورا مهما في عهد الاستعمار إلى السبعينيات في نقل الأسماك والطماطم والبطيخ الأحمر من “بوقانا “إلى بني انصار ومليلة  ،  ونقل الروث أو السرجين إلى “بوقانا” حيث العراص  المعدة للبذر والغرس ،2) عبر طريق لزب وراء مبنى “سيتولاسار” إلى حيث قبر سيدي يحي ،3) عبر قطع البحيرة الصغيرة بالأرجل ــ للاختصار ــ  من  المكان المعلوم المعروف ب؛ “إسزوي “أو “كوخو” ، تفاديا للمكان الذي يشكل خطرا من حيث الغرق ،ولأنه مليء بالمطامير التي  ترجع إلى عهد قديم حينما  كانت البحيرة أرضا يابسة ،4) عبر الميناء الصغير المتواجد تحت البلدية  ــ  من بني انصار إلى  ” بوقانا ” ومن “بوقانا ” إلى بني انصار ـــ بواسطة القوارب المستخدمة بالمجاديف أو  القلاعة أو الشراع ، في ملكية أهل” بوقانا “المشتغلين بالصيد بين آونة وأخرى ،وفي وقت العزلة وهيجان البحر الأبيض ، قصد التبضع ونقل الأسر للتزاور وصلة الرحم  .

           ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

                   تغنى بها المغنون إلى أن اكتسب البيت الآتي شهرة على الصعيد المحلي والجهوي  والوطني عبر الأثير وقنوات “التلفزة ” الوطنية ؛

بوقانا  بوقانا  أمن   ذيزيزاون ///  ألا نتش  ذربحر أتويد  إمطاون .

يؤدى تارة  على إيقاع “للا يار/ للابويا،” وتارة  على إيقاع “كعكع يازبيدة “.

                  “بوقانا ” كلمة إسبانية هي ترعة تؤدي إلى خليج أو جون ، أطلقت على “إغزار أقذيم ” الذي انسد طبيعيا ثم انفتح في موضع بعيد  طبيعيا فيما بعد، بسبب الحوادث الجغرافية ،  وزيد فيه أثناء جرف قاعه وقاع البحر ، ثم فتح آخر جديد بواسطة وكالة “مارتشيكا ميد” في مطلع هذا القرن بعرض حوالي ثلاثمائة متر ، وبطول يربو عن كيلومتر ..

                  ويقال؛ حي “بوقانا” خطأ ، والصحيح هو  “ثيزرث “الممتدة من ميناء بني انصار إلى “إغزر بوقانا “المنسد كان حدا فاصلا بين “ثيزرث و المهندز “حيث “ثربيت و أشندق” ،ولما فتح  مضيق جديد في القرن الماضي انضم “المهندز “إلى ” ثيزرث “، وفي بداية  هذا القرن لما فتحت الترعة الجديدة بواسطة وكالة “مار تشيك “أصبح “المهندز”منفصلا مرة ثانية عن” ثيزرث ” يصل  إلى قرية أركمان ، أو” رربع أنشبذان “،” ثيزرث “هو الاسم القديم بالأمازيغية تعني بالعربية الجزيرة ولكنها هي شبه جزيرة أو برزخ ،في إحدى الخرائط القديمة كتب عليها بالإسبانية ؛أولاد زهرة ،نسبة إلى أولاد زهرة الذين كانوا في هضبة أسفل جبل “كوركو” ،وفوق أولاد العربي ،هذه الأسر التي نزحت إليها كانت قليلة ،ثم أتت إليها أسر من “إقيشاح ” أسفل “إياسينن “،ومن “إعمرانن” بفرخانة بين أواخر القرن التاسع عشر، وأوائل القرن العشرين للاشتغال بالصيد البحري التقليدي ، والإسبان أطلقوا على “ثيزرث “اسم restinga وتعني فرضة ،وهي عبارة عن شريط رملي تشرف على البحر المتوسط قبلة ، وعلى البحيرة الصغيرة غربا ،وقد قام  فيلق من الجيش الإسباني مكون من 45000 ألف جندي بالاستيلاء على “ريستنغا ” ورأس الماء و”كبدانة “و”أطلايون= تلاوين أو تمكارت “، ولكن لقي مقاومة عنيفة في يوم 18و20و23يوليوز 1909م .

                   “بوقانا “أو “ثيزرث ”  بها مدرسة /كم /الابتدائية ، و مسجد متواضع بناه أهل” ثيزرث “في القرن الماضي ، ثم تم إصلاحه وتوسيعه في بداية هذا القرن من طرف المحسنين وأهل” ثيزرث” ، وبعد جهد جهيد وأخذ ورد، تم الترخيص للساكنة بأداء صلاة الجمعة “الخطبة ” ، تفتقر إلى مستوصف، وقسم للمستعجلات ،وطريق معبد لتسهيل المواصلات ،ويلزم إحداث خط ؛بني انصارـــ “ثيزرث “، وتزويد المنازل بالإنارة والماء الشروب ، وإحداث ميناء صغير بالقرب من منازل الصيادين ، ودار المرأة لمحو الأمية وكسب تجربة وخبرة في مجال الخياطة والطرز والصناعة التقليدية.  

                        “ثيزرث ” تعاني التهميش والإقصاء في فصل الشتاء ،وخصوصا أثناء هيجان البحر،تكون منعزلة عن المدينة ،  يعرفونها صيفا للاستجمام وللاصطياف ….  تتكون اليوم من ثلاثة مداشر ، الأول “إعمرانن ” الذين كانوا بجوار “إغزار أوريري” جهة البحر المتوسط ، ورحلوا إلى جهة قريبة من البحيرة و”إغزار أقذيم “، الثاني قرب المسجد فيه أولاد زهرة و”إقيشاح ” و”بوقيشو” في جهة وسطى بين البحيرة والبحر المتوسط ، الثالث “إيقيشاح “وأولاد زهرة وبعض النازحين من جهات  مختلفة بعيدة  ، بجوار البحيرة اختلطوا بالمصاهرة والجوار. 

          1)  شاطـــــــــــــئ “ثيـــــــــــــــزرث “/البحر الأبيض 

 

             أرض الطفطاف  سجسجية فضية بصدفها ومحاراتها وحلزونياتها ، ذهبية برمالها ،جميلة بسمائها الزرقاء الصافية الناصعة الناطعة  صيفا ، هي لوحة طويلة على شكل  شريط أو لسان واقفة بأشجار الأثيل والباهرة  والرتم والنخيل ،وجوقة موسيقية بأصوات  النوارس  والتمّ والزمّج والنحام واللوّاء والأمواج والرياح  ،لوحة ذات حركة بين المد والجزر، على مدار اليوم ليل نهار بالدوام والاستمرار، بدون تعب وكسل و ملل وكلل ،إنها من سنن الطبيعة ،يعجز الإنسان  عن القيام بها، مهما أوتي من قوة وفطنة  وحذق وحذلقة  وانضباط ومواظبة .

                        شاطئ “ثيزرت ” أفضّل هذا الاسم  على اسم  شاطئ “ريستنغا وبوقانا “، عهدي به يناهز  خمسين سنة ، كلما شطأت عليه إلا وتذكرت الأجداد والأقارب وبعض الأسر والمعارف من فرخانة ؛”إقيشاح “،”إعمرانن “،ومن بني انصار  أولاد زهرة ، اشتغلوا بالصيد التقليدي ، ؛الشبكة التقليدية الأولى ،والشبكة الشاطئية شبكة الجر؛ النساء في صف والرجال في صف آخر ، في ذلك العهد تأتي الشبكة مليئة بالأسماك …تذكرت الأماكن التي تغيرت بعوامل التعرية ، وهيجان البحر واقترابه  شيئا فشيئا ، أين “طوريطا ” ، أين ” إغزر أقذيم” /إغزر أوريري / إغزر “بوقانا” قديما / أين الثكنة العسكرية التي أقامها المستعمر في عهده /  أين “ثعرورث ثمقرنت ” وغيرها من الكثبان الرملية العالية  ، والكثبان الصدفية التي كانت  تقف سدا منيعا في وجه الأمواج  العاتية ، أين “أشندق ” و”ثربيبت “، وأين ما طمسه الإنسان ؛قبر سيدي يحي والمقبرة ، والمستوصف ، ومركز الجمارك ،وكوخ “خينيس “، وما نهبه من رمال إلى أن فقد الشاطئ شخصيته الطبيعية ،زيادة  على الحوادث الجغرافية والعوامل الطبيعية ، وعوامل التعرية …؟؟؟،ثم يضاف إلى ذلك استغلاله من طرف البعض ، فلم يعد ملكا  عموميا  ، بل أصبح ملكا  خاصا تابعا للخواص ،قد يكون المصطاف أو السائح أو المتنزه مقيدا، وهو يذهب إلى الشاطئ للبحث عن الهدوء والحرية والاستمتاع بجمال البحر ،  علاوة على  المتهورين الذين يتخذون مزكأ  ليقلقوا  راحة الأسر الباحثة عن الهدوء والراحة والاستراحة ،لنسيان العمل اليومي خلال السنة ، والرتيب المخيم على هذه المدينة التي لا تعرف إلا الصخب والفوضى والسيبة أنى اتجهت ، بغياب المراقبة والأمن ، مع أن هذا الشاطئ الجميل  هو المتنفس الوحيد لأهل بني انصار، كانت له هيبته ووقاره ،يذهب إليه الفقير والغني ،واليوم باسم “الموضة “والحداثة والسخافة و”التخربيقية” و”ثوبوهرية ” و”تقرقوبية “، يريد المعربدون والمفسدون أن يردوه قبيحا مشينا لفرض وتحقيق الذاتية الطائشة، بسلوكات حمقاء رعناء من صنع الشيشة والمخدرات والقرقويي وو….ويريدون أن يحولوا الشاطئ إلى ملاه ليلية ومواخير في الهواء الطلق … ؟؟؟. 

اليم ذاكرة تاريخية  عتيقة عرف معارك عديدة ،وأقواما كثيرة ، حتى قيل إن الفينيقيين وصلوا إلى مليلة خطأ ،لأنهم أرادوا الذهاب إلى اسبانيا للبحث عن الأرانب في إسبانيا ،حتى كلمة I-span-ya  بالفينيقية  تعني  أرض الأرانب ، على أرجح الأقوال ، لأن هناك  من يقول  تعني أرض المعادن والله أعلم ،  وبالقرب من الميناء هناك هيكل لباخرة قديمة حافل بالأسماك رأيته وأنا في رحلة صيد مع أهلي ، لا أتحدث عن باخرة مزوجة القريبة من الشاطئ ،وهي اليوم لا يرى هيكلها كما كان من قبل ببضع سنوات ،ولفظ  البحر في القرن الماضي بعض البواخر كالباخرة المليئة بالتفاح ،  وصل التفاح إلى السكة الحديدية الفرنسية أسفل  البلدية وحتى النساء تغنين بذلك : 

أميمونت نعويشة  موقبوز  نتفاح ،،،أمنع ذيس أميمون غرك أذشرح 

 

ولفظ أيضا باخرة مليئة بالقمح وفيها نظمت شاعرة مغمورة  هذه الأبيات :

إسوذد   أوسميض ،

يمخروض   ذيربحر .

يندرد   أغربو،

أفرينا   ثخسر .

رحكند  غرس   يوذان ،

 عذرنس   أعمار .

أكنتث    ذيثفقونت ،

 شا   ينو   شا   يدر.

 يسكد   غرس   أرمخزن ،

 ينس   أويد     أتنزر .

ثسكد   غارس  أرقبطان ،

أ ترثرف     نرعسكر .

وأيضا سفينة “سانت أنا ”  قذفتها الرياح إلى ساحل بني انصار ،والباخرة المليئة بالتبغ من نوع “دونهيل” وبعضا من قوارب الصيد .

         عرفت “ثيزرث ” ــ منذ ظهورها  لأنها  حدث جغرافي ـــ بسبب هيجان  البحر فيضانات قديمة عديدة ،  وما زالت تعرفها  خلال فصل الشتاء كلما هاج البحر،،،،   كبدت خسائر مادية  تجلت في نفوق الدواجن والماشية ،وضياع ما غرس في العرصات ، وفي إحدى  فيضانات الأربعينيات  اختلطت مياه البحر مع مياه الأمطار يصعب الخروج والمشي ، والبعض أصابهم العطش وقد شربوا من ماء المطر الذي ينزل من السطح عبر “ثجّست”الشبيهة بالحلفاء أو الدوم كانت تستعمل في سقف  سطوح البيوت التي كانت من طين ووحل وخشب وأعمدة الباهرة وغيرها  ،لانعدام المياه العذبة التي  كانت في آبار لا يتعدى عمقها مترين تصفيها الرمال،ولكن غمرتها وغطتها مياه البحر بسبب الفيضان   ،  كانت ساكنة “ثيزرث ” دائما تحس بالخطر، كما حدث في نهاية  فبراير وبداية مارس 1990م ،كانت المياه تصل إلى بعض المنازل فهيئت القوارب  لأجل الرحيل ،  والسلطات المحلية غائبة لا تقوم بزيارات تفقدية للاطلاع على أحوال الساكنة ….؟؟؟ الساكنة   دائما حينما تحس بالخطر  تقوم باحتياطات واستعدادات للرحيل إلى بني انصار ، لأنها أخذت العبرة من فيضانات البحر السابقة ،  وتقول في هذا الشأن الراوية : 

لويزة    نعمار،

أعدس   انتمروشت .

 أمنع   ذيس  أقدور،

 ربحر   أقيوشت .

الرايس    محند ،

عرقبد    إجنتخسي .

 ربحار   أقيسفيد ،

يوض   سيذي  أعري .

                        

                  كما شاهدت مناورات ومعارك بحرية وخصوصا في  1936م الحرب الأهلية ، حينما هاجم الإسبان مليلة من البحر عبر باخرة “خايمي الأول” …في عهد الحماية سقطت طائرة “بثمجحت ” بشاطئ “ثيزرث “مات الطيار متأثرا بجروح في وجهه ولسانه  وهو في طريقه إلى المستشفى وفي ريعان شبابه ،مرت  ستة أشهر عن زواجه ،سقطت الطائرة  بالقرب من “إغزار أ وريري ” الذي انسد كما انسد “إغزار أقذيم” قبله  في 1936م  ، سقطت طائرة أخرى في البحر على متنها خمسة  جنود  اسبانيين كلهم نجوا ، بإغاثة من أهل “ثيزرث” العارفين بالسباحة وأمور البحر ، وقد سأل أولئك  الجنود أهل السكان  عن البلد الذي سقطوا فيه ….وطائرة أخرى سقطت في البحر قرب “كماديرو”  على متنها ثلاثة جنود وأنقذهم أيضا سكان “ثيزرث “، وغيرها من الأحداث  التي لا نعرفها ،بغياب التوثيق ، وهذه الروايات يرويها القدماء من أهل” ثيزرث “بعضهم حضروا في مكان سقوط الطائرات الثلاث…. والبحر كلما هاج وفاض  يلفظ /خلال أواخر القرن الماضي وبداية هذا القرن / جثثا للمهاجرين بسبب الهجرة السرية ، ورزما مليئة بالحشيش بسبب تهريب المخدرات ….

2) شاطـــــــــئ “ثيـــــــــزرث “/البحــــــــــيرة 

 

            البحيرة مصدر رزق للصيادين،ومصدر إلهام ووحي بهدوئها وسكونها للكتاب والشعراء والرسامين والمتأملين  ،وفي غورها وقعرها درر وصدف وجمان وسلج ،إن الحديث ذو شجون والحديث عن البحيرة يجرني إلى التعريف بها لفظا ومضمونا ؛فهي تمتد من بني انصار إلى قرية أركمان  أو” رربع أنشبذان “على طول يقدر ب27كلم ، ومساحتها تقدر ب114  كلم مربع ،وعمقها بالتقدير يختلف حسب الأماكن من :01إلى 20مترا ،،،،  والله أعلم لأن هناك تقديرات مختلفة ،،،، وهي الوحيدة بخصائصها المتميزة في شمال إفريقيا ، وتسميتها القديمة ؛سبخة بوعارك ، والسبخة في اللغة ؛أرض نز وملح أو ما لم يحرك ولم يعمر ،وكذلك ما يعلو الماء كالطحلب ،إلا أن النصارى أطلقوا عليها ؛البحيرة الصغيرة    mar chica   منذ القرن العاشر الهجري، وقد أنثوها وصغروها بقولهم ؛chica لأن   aللمؤنث  ،و o للمذكر ،  وتصغير البحر في اللغة الإسبانية   هوmarcito   أو marcillo    والبحيرة تصغير للبحرة ،أما البحر فتصغيره هو أبيحر ، وقد عرفت غزوات ومعارك خلال العهود القديمة وعهد الحماية ،وقد حاول بعض المجاهدين ردم مدخل سبخة بوعارك للحد من جولات رؤساء البحر الأتراك ، كما عرفت مضايق صغيرة ،حفرتها مياه البحر في الشريط الرملي المعروف ب “ثيزرث” بالريفية ،وريستنغا بالإسبانية .              

                      إن المضيق أو المجرى القديم الذي كان يوصل مياه البحر الأبيض إلى البحيرة ؛انسد طبيعيا حوالي سنة 1936م على لسان القدماء ،وكان به الجمارك للمراقبة ،وموقعه كان قريبا من    quemadero ، كما سماه الإسبان الذي هدم ولا أثر له اليوم ،  ثم انفتح المجرى الثاني وهو ما يعرف “ببوقانا ” ،إلا أنه انسد في الثمانينات إلى أن ظهر المجرى بجوار” ثربيبت” طبيعيا  الذي عرف فيما بعد  توسعا بالحفر ، ثم المجرى الذي أحدثته وكالة ؛”مار تشيكا مد”  القريب من “المهندز” بعد  الحفر طولا وعرضا وعمقا ليجري التيار المائي بانسياب سريع ،ولتمر القوارب من البحيرة إلى البحر الأبيض  المتوسط ، ويحكى أنه حينما جفت البحيرة  كثر الملح  وعميت الحيتان، فقيل لذلك الحدث الجغرافي ؛”عام أوبوري ” في  1940م  حسب معظم الروايات ،  بسبب ركود وفساد مياه  البحيرة  الآسنة ،ثم كثرت النواميس التي غطت مصابيح مدينة الناظور فجعلتها  تعيش في الظلام ليلا وخصوصا مصابيح الشوارع .

 

خــــــــــــــــاتمــــــــــــة 

 

         “ثيزرث” اليوم فيها ثلاثة  “مداشر” ،عرفت نموا ديموغرافيا من حيث السكان ، وتزايدا من حيث العمران ،  في القديم كانت عبارة عن أسر قليلة متعاونة وخصوصا فيما يخص الصيد التقليدي شبكة الجر ، الرجال في صف والنساء في صف آخر ، وكان هناك تشاور مع رئيس الصيادين ، بعقد جلسات  فيما يخص  اختيار أماكن الصيد في البحيرة بالتناوب والتفاهم في جوي ديمقراطي ، كانت أعراسهم بسيطة جوها التعاون ، الفرح والغناء حاضران لغياب التنشيط والملاهي و”التلفزة”  في ذلك العهد ، لذلك يتوقون بشغف وشوق إلى تلك الأعراس ،ويستعدون استعدادا كاملا تاما بدون تردد وحيرة ،  للحضور فيها  مع المشاركة  الفعلية لنسيان الحياة القاسية بحرا وبرا والرتوب والملل .  

الصيادون القدماء في القرن الماضي عانوا كثيرا ، وقاسوا طويلا ،من شظف العيش ووعورة مهنة الصيد ،ومصارعة الأمواج بالمجاديف ، لا بالمحركات كما هو اليوم ، ربيعا / صيفا / شتاء /خريفا ، عاشوا بسطاء متواضعين ،وماتوا بسطاء منسيين ، بعيدين عن “الموضة “والبهرجة ، قانعين راضين تاركين الصنعة ؛كخياطة الشباك ورتقها ، وجلفظة أو جلفطة السفن ،وفلاحة الأرض، وغرس الأشجار، وبذر البذار وغيرها ،لأولادهم الذين لم يحافظوا عليها كما كانت سابقا ،”الصنعة كتعيش وقيل كزيد في العمر “.

      وقلت في” ثيزرث “سابقا: ” ثيزرث البقعة المنسية المغمورة ،في الصيف تضحك معها ولها الدنيا ،وفي الشتاء تبكي وحدها ، هي تاريخ وذاكرة، حباها الله طبيعة خلابة ساحرة، تتكشف في الرمال الذهبية والصدف المختلفة الأصناف والألوان ….وإذا قدر لك أن تسير والشاطئ  ،فستشاهد كيف تفنى الأمواج في الرمال بين المحارات المتراكمة ،وقدماك تدوسان الصدف فتحدث أصواتا كالصحنين في يدي الغجرية الراقصة ،وستعاين أنواعا من الطيور كالنحام واللواء والبط وغيرها ، والنوارس تحوم وتغوص في الماء لتنقض على الحيتان بمناقرها ،وإذا توغلت في الأجمة فستعثر على أوكار للطيور وأجحرة للأرانب ،وأوجرة لليرابيع ،والأعشاب والحلزون  المتعلق بها وبأشجار الرتم والآثال والباهرة ،ولكن ؛حذار من العقارب والرتيلاوات والأفاعي …..إن ثيزرث سيسحرك جمالها ، وستلهمك طبيعتها الجذابة ، وسيبهرك فضاؤها الناصع ، وبحرها الذي يتغير من هدوء إلى هيجان ، ومن مد إلى جزر ، بسيمفونيات أمواجه  الخالدة الأصيلة ، وكذا سكون البحيرة في الليل ،لكل ما ذكر؛سترجع إليها في رحلة أخرى أو رحلات عديدة ، ولكن؛ سيحصل لك ما قيل في الذي ينزل إلى النهر يوميا في الكرتين والقرتين ؛”إنك تقع في النهر مرة واحدة ،ولا تقع مرتين ” . 

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .