الرئيسية كتاب وآراء “المحكمة الرقمية بين إكراهات الواقع و الممارسة و نجاعة العدالة الرقمية”

“المحكمة الرقمية بين إكراهات الواقع و الممارسة و نجاعة العدالة الرقمية”

كتبه كتب في 3 سبتمبر 2020 - 9:36 م

محمد البغدادي، باحث في مركز الدكتوراة، تخصص القانون الخاص، كلية الحقوق بطنجة – جريدة البديل السياسي:

 

 إن الكلام عن تحديث ورش العدالة الرقمية يقتضي أولا توفير الأرضية اللازمة لحماية المعطيات القضائية من أي مساس واعتداء عليها، وخاصة وأن المغرب انخرط بشكل كبير في التحول الرقمي منذ دخول شبكة الانترنيت سنة 1995 بفعل تأثيرات نظام العولمة وتداعيات التقدم التقني والعلمي والتطور التكنولوجي خاصة في الشق المرتبط بتكنولوجيا المعلومات والاتصال من أجل الحفاظ على حقوق المرتفقين عموما والمتقاضين تحديدا و تبسيط الإجراءات القضائية وتسهيل الولوج إلى محاكم  المملكة وتحسين جودة الخدمات وتحقيق متطلبات فعالية ونجاعة العدالة الرقمية بما يضمن ويمكن المتقاضين من الإطلاع على مآل ملفاتهم وتتبعها في ظرف زمن قياسي وبأقل كلفة.
  والعدالة الرقمية كما يعرفها لدى معظم المهتمين في الشؤون القانونية والقضائية بأنها استخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصال في تحقيق الولوج المستنير لمرفق العدالة وتسهيل التواصل بين مختلف الفاعلين ميدان القانون والقضائي ( القضاة، كتاب الضبط، المهن المساعدة للقضاء)، حيث تتمثل الفوائد الرئيسية لنظام العدالة الرقمية في زيادة كفاءة النظام القضائي، والحد من التكاليف وتقليص أمد الخصومات القضائية، وكذا تبسيط الإجراءات والمساطر القانونية، والزيادة في إنتاجية المحاكم، والتقليل والحد من فرص الفساد والرشوة، كما أن قيام المحكمة الافتراضية بعقد جلساتها عبر مؤتمرات الفيديو يقرب العدالة من المواطنين خصوصا القاطنين في المناطق النائية ويذلل الصعوبات المتعلق بالاختصاص المكاني إذ أنه في مجال العدالة الرقمية يعفي المتقاضين من الانتقال إلى المحاكم
وهذا النظام يحد كذلك من اكتظاظ المحاكم.
   ورغم الجهود والإسهامات الكبيرة التي تقوم بها وزارة العدل بشراكة مع المجلس الأعلى للسلطة القضائية و رئاسة النيابة العامة في أفق تحقيق رهان المحكمة الرقمية سنة 2021، لاسيما من خلال قراءة حصيلة المحاكمة عن بعد إبان الطوارئ الصحية بالمغرب التي انطلقت يوم الاثنين 27 أبريل   وإلى غاية 24 يوليوز 2020 ، فإنها تفعيلها يعتريها صعوبات وإكراهات سواء على مستوى الواقع المتردي لمنظومة العدالة ببلادنا أو على مستوى الممارسة القضائية والتي تحد من تحقيق نجاعة
العدالة الرقمية.
  ويمكن إجمال هذه الصعوبات والإكراهات التي تشوب العدالة الرقمية فيما يلي:
-غياب الشرعية القانونية للمحاكمة عن بعد مع العلم أنها كانت منصوص عليها في توصية 9 من ميثاق إصلاح منظومة العدالة ببلادنا سنة 2013.
-انعدام بنية تحتية رقمية كبيرة سواء المتعلقة بتلك المخصصة بحفظ المعلومات و الأرشيف الالكتروني والذي يتطلب كلفة باهظة كل ما يتعلق بالأمن المعلومياتي إلى جانب شراء بعض الخوادم والحواسب وشبكات الربط.
-على مستوى تنصيص التبليغ الالكتروني داخل مشاريع قانون التنظيم القضائي وقانون المسطرة المدنية وقانون المسطرة الجنائية ومدونة  الأسرة.
-على مستوى تنظيم الإدارة القضائية سواء الإدارة المركزية أو التنظيم الداخلي وتوحيد كتابة الضبط في فرنسا  بناء على وجود برنامجية لتدبير القضايا الجنحية.  
-على مستوى الموارد البشرية والكفاءات، فلابد أن نتحول من التوظيف التقليدي الذي كان يعتمد على الكفاءات القانونية إلى توظيف لكفاءات أخرى ذات تكوينات متخصصة ونوعية من ذلك المهندسين والتقنيين وتدبير المشاريع وغيرها.
-على مستوى توفر ميزانية ضخمة للتحول الرقمي، فلا تحول رقمي بدون تخصيص ميزانية خاصة لهذه المشاريع.
-على مستوى أخذ بعين الاعتبار التحول الرقمي الشركاء كالمحاكم والقضاة وكتاب الضبط والإداريين وجميع الفاعلين في الحقل القضائي.
-إدارة الكترونية لإجراءات والمساطر والتي تمكن من معالجة آنية واستغلالها وتفادي تكرار العمل اليدوي عن الإجراءات المتكررة عن الدعامات الورقية ، وهو ما مكن من تحسين ظروف العمل والتخفيف العبء عن العاملين  الرفع من الجاهيزية والتحفيز وأيضا وفر مجموعة من اللوائح القيادة ومؤشرات لتحسين الإدارة القضائية وتحسين الزمن القضائي أي تقصير مجموعة من الآجال.
– تبادل المعلومات والوثائق عن البعد.
– خدمات عبر الخط.
-الموازنة بين الكلفة والمردودية واختيار العروض التي فعلا تستجيب لحاجيات القطاع، فالكلفة العالية.
للتجهيزات والمعدات والأنظمة والبرمجيات يجب أن تتكون حاضرة لدى المدبر حتى لا يقع التبذير عوض التدبير.
-الأمن المعلومياتي وسلامة المعطيات ضد الفيروسات.
-تدبير  التغيير ومشكل مقاومة التحول  وقبول تغيير منظومة العدالة في العمق والعمل على تدبير العلاقات بين المهني القانوني القضائي وبين التقني المهندس والمعلومياتي.
-يجب الاشتغال على الحد من التخوف لدى العديد من الفاعلين الذين يخافون من فقدان سلطة اتخاذ القرار في تدبير الشأن القضائي داخل المحاكم.
-إعادة النظر في قدرات التي يجب أن يتوفر عليها الفاعلين في الحقل القضائي لكي يساير النحول الرقمي.
-إعادة  التوزيع السلط والمواقع والأدوار كالمهنس والتقني الذي يصبح صاحب السلطة داخل المحكمة الرقمية.
-التأهيل والتكوين الأعمق والأشمل كاستعمال الحاسوب والبرمجيات.
-معالجة استباقية للمخاطر كالمعلومات والتحول الرقمي مثله مثل أي  العمل الإنساني سيؤدي أيضا إلى بعض الانزلاقات وإلى بعض المخاطر.
-عدم علم ومعرفة المتقاضين بجميع وسائل التكنولوجيا سواء تعلق الأمر التقليدية أو الحديثة.
 واعتبارا لأهمية المحكمة الرقمية ومدى نجاعتها في تحقيق العدالة بمختلف مجالاتها وأهدافها، فإن السؤال الكبير الذي مازال وسيزال يحير البعض المختصين والمهتمين في الشأن القضائي والقانوني ألا وهو: هل المغرب يتوفر على بنية تحتية رقمية كبيرة لتحقيق رهان المحكمة الرقمية سنة 2021؟  وبعبارة أخرى، هل المتقاضين في مستوى الوعي والإدراك الجيد في الدخول مثل هذا التحدي الكبير بفعل تأثير التطور التقني والعلمي و التكنولوجي وتداعيات العولمة و الاقتصاد والاستثمار؟.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .