الرئيسية ضيف البديل انفجار مرفأ بيروت وانفجارالدولة العربية ….. محاولة للفهم

انفجار مرفأ بيروت وانفجارالدولة العربية ….. محاولة للفهم

كتبه كتب في 13 أغسطس 2020 - 1:20 م

بقلم:احمد تواغد – جريدة البديل السياسي :

كان توقيع 36الف لبناني ولبنانية لعريضة تطالب بعودة الاستعمار الفرنسي للبنان بعد 77سنة من الاستقلال حدثا غير مسبوق ومثار استغراب الكثيرين..

يذكر ان فرنسا هي من عملت على تاسيس لبنان الكبير سنة 1920 عقب اتفاقية سايكس بيكو (1916) القاضية باقتسام ممتلكات الدولة العثمانية(الرجل المريض). وحصل منهاعلى الاستقلال في22نونبر1943 .ينقسم المجتمع اللبناني الى 18 طائفة اكبرها ثلاث :المارونيون (وهم مسيحيون كالكاثوليك والاورثوذكس والاقباط…)والسنيون والشيعة المسلمون(اضافة الى الدروز والعلويون والاسماعيليون.ويقتسمون الادوار السياسية فيما بينهم عبر توافق على اقتسام المناصب السياسية والوظائف حسب عدد اعضاء. كل طائفة : رئيس الدولة ماروني و رئيس الحكومة سني ورئيس البرلمان شيعي.

وتعتبر اللغة العربية اللغة الرسمية الا ان اللغة الفرنسية تلعب دورا تربويا وثقافيا هاما حيث تنتمي لبنان الى مجموعة الدول الفرانكفونية(كلنا يعرف الروائي المشهور امين معلوف) الى جانب اللغة الانجليزية (الجامعة الامريكية ببيروت).

 يحد لبنان جنوبا بدولة إسرائيل المحتلة على مدى 79كلم مما يجعله ملجأ للفداءيين وللنازحين الفلسطينيين ضحايا سياسة التهجير الإسرائيلي ومعظمهم سنيون كما يجعله ساحة حرب مستمرة مع اسرائيل التي لا تزال تحتل مناطق بالجنوب اللبناني وشرقا وشمالا بسوريا 376كلم مما يجعله وجهة لللاجئين السوريين الذين بلغ عددهم مليون ونصف ومعظمهم كذلك سنيون مما يهدد التوازن الطائفي داخل لبنان ،وشرقا بالبحر الابيض المتوسط حيث يشرف على جزيرة قبرص(الاتحاد الاوربي).

اشتهر لبنان بلقب سويسرا العرب ليس فقط لغلبة الجبال على تضاريسه بل لكونه مركزا للابناك وقطبا ماليا وعرفت عاصمته بيروت بباريس الشرق الاوسط كما اشتهر بتعدد الاجناس والديانات والثقافات وتعايش كل الاطياف في بلد الحرية.ولذلك كان منطلق النهضة الفكرية الحديثة في العالم العربي (ظهرت به اول الة طباعة عصرية وبه تم وضع اول قاموس للغة العربية وشعراء المهجر والمساواة بين الرجل والمراة والموسيقى والطرب العصريين ومعارض الموضة…)

     لكن موقعه في منطقة عدم استقرار سياسي جراء الصراع العربي الاسرائيلي جعل هذا الاخير يشن عليه غارات حربية ويتوغل داخل اراضيه اكثر من مرة ويحتل اراضي بجنوبه(البقاع ) كما جعله مقصدا اللاجئين الفلسطينيين والسوريين وكذا الفداءيين،كما ان النظام الطائفي جعل الاقتتال بين طوائفه مستمرا فعرفت لبنان الحرب الاهلية بين 1975و1990انتهت بصلح الطائف  ؛مما حمل كثيرا من مواطنيه على الهجرة الى دول الخليج وغرب افريقيا واوربا.وهو اليوم يعرف ازمة مالية خانقة وازمة صحية بعد انتشار كورونا وازمة إجتماعية جسدها الحراك الشعبي حيث ان نصف سكانه يعيشون تحت عتبة الفقر  وازمة مؤسساتية ناتجة عن نظام الطائفية والاغتيالات السياسية والتدخل الاجنبي ممثلا خاصة في سوريا ومن يواليها  ودول الخليج خاصة السعوديةوفرنسا والولايات المتحدة الامريكية.

  وياتي اليوم انفجار مرفأ بيروت ليعمق هذه الازمات حيث اعطى فرصة للتدخل الاجنبي في محاولة لتدويل القضية وتزامنت زيارة الرئيس الفرنسي ماكرون بتوقيع عريضة من طرف 36 الف لبناني ولبنانية تدعو الى عودة الانتداب الفرنسي مؤشرة على يأسهم من امكانية اي توافق بين الطوائف وبناء الدولة الوطنية على اساس غير طائفي  كما كان فرصة للفرقاء الطائفيين  للتراشق مما قد ينذر بحرب اهلية جديدة وأخرج الشباب الغاضب الى الشارع للمطالبة باقالة الحكومة ومحاسبة المسؤولين عن الكارثة.

فهل سنشهد مستقبلا شعوبا عربية اخرى ترى ان الاحتلال الاوربي ارحم من بني جلدتها و تندم على كل تضحيات حروب التحرير و تطالب بعودته؟

 

بقلم:احمد تواغد

فاس في 09\8\2020

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .