الرئيسية كتاب وآراء “مجلس المنافسة دعامة أساسية لنجاح النموذج التنموي الجديد”

“مجلس المنافسة دعامة أساسية لنجاح النموذج التنموي الجديد”

كتبه كتب في 6 أغسطس 2020 - 9:38 م

"البشير الحداد الكبير " – جريدة البديل السياسي:


يلعب مجلس المنافسة دورا هاما في الحياة الإقتصادية بإعتباره صمام أمان يضمن التنافسية النزيهة بين المقاولات ويحارب جميع أشكال الممارسة المنافية لقواعد المنافسة الحرة ويعمل على تنظيم ومراقبة عملية التركيز الإقتصادي.
إن دستور 2011 (1) الذي جاء تجسيدا للخطاب الملكي التاريخي 9 مارس 2011،جاء بمستجدات مهمة أساسها إعادة العلاقة ما بين الدولة والمواطن وجعل المواطن في صلب أي عملية تنموية، ولعل دسترة مجلس المنافسة في الباب الثاني عشر من الدستور المعنون ب "الحكامة الجيدة" لخير دليل على ذلك، فهذا المجلس يعتبر أحد دعائم الحكامة الجيدة.
وبالتالي إلى أي حد سيساهم مجلس المنافسة في إنجاح النموذج التنموي الجديد؟
لمعالجة هذا الموضوع فقد اعتمدنا التقسيم التالي:
المبحث الأول: مجلس المنافسة بين التأصيل الدستوري والقانوني
إن توجه المغرب الليبرالي وإقتصاد السوق يتضح جليا من خلال الفقرة الثالثة من الفصل 35 من دستور 2011، إذ تضمن الدولة حرية المبادرة والمقاولة والتنافس الحر، ومن أجل تفعيل هذه المقتضيات الدستورية المحصنة دستوريا،لابد من مؤسسة قوية تتمتع بكامل الإستقلالية والصلاحية، حيث أن المغرب أعاد النظر كليا في مجلس المنافسة من خلال الدستور الجديد والقانون 104.12(2) المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة والقانون 20.13(3) المتعلق بمجلس المنافسة،بحيث كانت مكانة هذا المجلس ضعيفة في القانون السابق 06.99(4)،لكن دستور 2011 تدارك الموقف من أجل تدشين مرحلة جديدة، حيث أن المغرب سلك نفس نهج دولة فرنسا ألا وهو تقوية مجلس المنافسة. 
إن التنصيص على مجلس المنافسة ضمن باب الحكامة الجيدة وضمن مؤسسات الحكامة لإشارة واضحة من المشرع الدستوري أن هذا المجلس من أهم الركائز التي يعتمد عليها نظام الحكامة.
لقد حدد المشرع الدستوري في الفصل 166 مهام مجلس المنافسة والمتمثلة بالأساس في تنظيم منافسة حرة ومشروعة بضمان الشفافية والإنصاف في العلاقات الإقتصادية، لاسيما عبر تحليل وضبط وضعية المنافسة بالأسواق ومراقبة الممارسات المنافية لها والممارسات التجارية غير المشروعة وعمليات التركيز الإقتصادي والإحتكار.
جاء القانون 20.13 بمستجدات مهمة ارتقت بمجلس المنافسة إلى مؤسسة تقريرية قوية، فحسب المادة 9 من هذا القانون يتألف المجلس مما يلي:
+الرئيس وأربعة نوابه؛
+ثمانية أعضاء مستشارين.
ولشرح من هم النواب والأعضاء المستشارين، هناك قاضيان نائبان للرئيس،ثم 4 أعضاء يتم إختيارهم على أساس الكفاءة في الميدان الإقتصادي أو المنافسة، واحد منهم يكون نائبا للرئيس، كذلك 3 أعضاء يتم إختيارهم نظرا لأنهم يزاولون أو زاولوا مهنة الإنتاج أو التوزيع أو الخدمات، ثم عضوان متخصصان في مجال القانون واحد منهم نائبا للرئيس، وعضو متخصص في حماية المستهلك، نلاحظ أن المشرع المغربي نوع من هيكلة مجلس المنافسة لضمان الشفافية والنزاهة والإستقلالية والمصداقية.
وبالرجوع للمادة 10 نجد أن الرئيس يعين بظهير لمدة خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، والتعيين بظهير مسألة طبيعية لأن الملك بموجب الفصل 42 من الدستور الجديد  هو الذي يسهر على حسن سير المؤسسات الدستورية،أما الأعضاء يتم تعيينهم بمرسوم لمدة 5 سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة، بالنسبة للقضاة  بإقتراح طرف المجلس الأعلى للسلطة القضائية تماشيا مع الفصل 113 من الدستور، وبالنسبة للأعضاء الآخرين بإقتراح من السلطات الحكومية المعنية.
وبالرجوع للمادة 16 من القانون 20.13 نجد أن مجلس المنافسة يضم مصالح التحقيقات والأبحاث يسيرها المقرر العام والمقررون العامون المساعدون يتم تعيينهم من طرف رئيس مجلس المنافسة، علاوة عليهم يتم تعيين المقرر والباحثين من طرف الرئيس بإقتراح من المقرر العام بعد استطلاع رأي المجلس.
يتم تسيير المصالح الإدارية والمالية للمجلس من طرف الأمين العام الذي يعين بظهير.
يجتمع المجلس في جلسة عامة أو لجان دائمة أو في فروع،تتألف اللجنة الدائمة من الرئيس والنواب الأربعة، لا تعتبر اجتماعات المجلس ولا تكون مداولاته صحيحة إلا بحضور ثمانية أعضاء على الأقل من بينهم عضو من القضاة، وحسب القانون الجديد 20.13 نجد حضور الإدارة في شخص مندوب الحكومة الذي يعين بمرسوم بإقتراح من السلطة الحكومية المعنية لكن حضوره إستشاري رغم إمكانية طلبه إدراج مسألة في جدول إجتماعات المجلس.
ومن أجل ضمان النزاهة والشفافية في عمل مجلس المنافسة، اشترط القانون 20.13 على الرئيس ونوابه من غير القضاة بموجب المادة 11،أن يتوقفوا عن مزاولة المهن في القطاع الخاص والتوقف عن المشاركة في الأجهزة الإدارية سواء في المؤسسات العامة أو الخاصة الهادفة إلى تحقيق الربح، بل أكثر من ذلك نجد أن القانون السالف الذكر أكد في مادته 11 أنه يجب على الأعضاء إخبار الرئيس بالمصالح التي يتوفرون عليها والمهام التي يزاولونها في النشاط الإقتصادي، وضمانا لمصداقية عمل المجلس تؤكد نفس المادة أنه لا يجوز لأي عضو التداول في أي قضية له مصلحة فيها وينبغي التصريح بالممتلكات تفعيلا للفصل 158 من الدستور الجديد.
إن مجلس المنافسة أصبح مؤسسة تقريرية، يحارب الممارسة المنافية لقواعد المنافسة الحرة والنزيهة ويراقب عمليات التركيز الإقتصادي، لكن هذا لا يعني أن دوره فقط تقريري، بل له  أيضا دور إستشاري ويبدي آراء، بحيث بالرجوع للمادة 5 من القانون 20.13 نجد أن اللجان الدائمة بالبرلمان والحكومة والجماعات الترابية وغرف التجارة والخدمات والصناعة والصناعة التقليدية والفلاحة والصيد البحري،والمنظمات المهنية والنقابية أو هيئات التقنين القطاعية أو جمعيات المستهلكين المعترف لها بالمنفعة العامة يمكنهم طلب الإستشارة من المجلس ويبدي رأيه داخل أجل 30 يوما ويمكنه طلب تمديد هذا الأجل في حدود 30 يوم، كما أن هناك إستشارة وجوبية محددة في المادة 7 من القانون 20.13، ويمكن للمجلس إبداء آراء في ميدان المنافسة وينشر رأيه بالجريدة الرسمية.
وبالتالي نلاحظ أن القانون الجديد 20.13 وسع من إختصاصات مجلس المنافسة من أجل ضمان التنافسية الحرة ومحاربة جميع أشكال التدليس والإحتكار والممارسات المنافية لقواعد المنافسة الحرة. 
المبحث الثاني :دور مجلس المنافسة في إنجاح النموذج التنموي الجديد
إن النموذج التنموي الجديد الذي نحن مقبلون عليه من أهم ركائزه إصلاح النظام الإقتصادي،فخطاب العرش لسنة 2020 كان واضحا، حيث أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله أكد أن يكون الإقتصاد المغربي قوي وذو قدرة تنافسية، ولبلوغ هذه الغاية أكد جلالته حفظه الله أن يتم تقوية القطاعات الإنتاجية حتى تنهض من جديد وتستطيع توفير مناصب الشغل، وبما أن النسيج الإقتصادي المغربي مكون من 95٪ من المقاولات الصغرى والمتوسطة فقد أكد جلالته على تحفيزها ودعمها من خلال التمويل وهذا الخطاب شبيه بخطاب العرش لسنة 2018 الذي دعا فيه جلالته لدعم المبادرات الجادة كما أن ما يميز عهد جلالة الملك محمد السادس أن أسلوبه يرتكز على القول والفعل، ويتجلى الفعل في التمويل، ففي خطاب العرش لهذه السنة أكد جلالته أنه سيتم ضخ حوالي 120 مليار درهم في الإقتصاد الوطني،كما سيتم إحداث صندوق للإستثمار الإستراتيجي مهمته دعم الأنشطة الإنتاجية، ومواكبة وتمويل المشاريع الاستثمارية الكبرى بين القطاعين العام والخاص، في مختلف المجالات. ويجب أن يرتكز هذا الصندوق، بالإضافة إلى مساهمة الدولة، على تـنسيق وعقلنة الصناديق التمويلية،وفي نفس الإتجاه نجد أن جلالة الملك قد أطلق هذه السنة البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات،وفي خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2019 دعا جلالته حفظه الله القطاع البنكي بدعم المقاولات الشابة. 
أمام كل الإجراءات التي ذكرناها نجد أن مجلس المنافسة يبقى هو صمام أمان نجاح التنافسية الشريفة والحرة والنزيهة، فرغم أن تكون هناك مقاولات وتمويل لابد من أرضية تؤمن التنافس الحر وهذه الأرضية هي مجلس المنافسة. 
إن القانونين 20.13 و104.12 حددا مجموعة من الصلاحيات التي ستمكن مجلس المنافسة من ضمان التنافسية الحرة بين المقاولات مما سيعود بالنفع على الإقتصاد الوطني، ومن جملة هذه الصلاحيات نذكر أن مجلس المنافسة يحارب جميع الممارسات المنافية لقواعد المنافسة الحرة، وهذه الممارسات حددها القانون 104.12 في مواده 6 و7 و8،ولضمان فعالية محاربة هذه الممارسات فقد حدد القانون 20.13 الآليات المتمثلة في الإحالة إلى مجلس المنافسة من طرف المنشآت وكذا الإدارة والهيئات المحددة في المادة 5 من القانون 20.13، كما أن القانون 20.13 منح حرية المبادرة للمجلس في النظر في هذه الممارسات بإقتراح من المقرر العام دون إنتظار الإحالة من طرف الهيئات السالفة الذكر،بل أكثر من ذلك نجد أن القانون 104.12 يعطي لمجلس المنافسة إمكانية الإحالة إلى النيابة العامة وتطبيق مقتضيات المادة 75 التي تنص على عقوبة الحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة من 10 آلاف درهم إلى 500 ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط، لكل شخص ذاتي شارك على سبيل التدليس أو عن علم مشاركة شخصية وحاسمة في تخطيط الممارسات المشار إليها في المادتين 6 و7 من القانون 104.12 أو تنظيمها أو تنفيذها أو مراقبتها، كما يساهم هذا المجلس في تحسين السير التنافسي للمقاولات في الأسواق من خلال توصيات يوجهها إلى الإدارة بموجب المادة الرابعة من القانون 20.13.
بالإضافة إلى محاربة الممارسات المنافية لقواعد المنافسة الحرة ضمانا لتشجيع التنافسية النزيهة بين المقاولات،فقد أوكل المشرع المغربي أيضا لهذا المجلس مهمة مراقبة عملية التركيز الإقتصادي، بالرجوع للقانون 104.12 نجد أن المشرع المغربي لم يعطي تعريفا محددا للتركيز الإقتصادي وإنما حدد أركانه بموجب المادة 11 من القانون السالف ذكره وتتمثل في الإندماج وإحداث منشأة مشتركة ثم المراقبة والتأثير الحاسم، بل أكثر من ذلك نجد أن مجلس المنافسة لا يراقب أي عملية تركيز وإنما فقط التي تتوفر فيها الشروط المحددة في المادة الثامنة من المرسوم 2.14.652(5) إذ يجب أن يساوي أو يفوق رقم المعاملات الإجمالي العالمي، دون احتساب الرسوم، لمجموع المنشآت أو مجموعات من الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين الأطراف في عملية التركيز مبلغ 750 مليون درهم.
يجب أن يساوي أو يفوق رقم المعاملات الإجمالي، دون احتساب الرسوم، المنجز بالمغرب من طرف اثنين على الأقل من المنشآت أو مجموعات الأشخاص الذاتيين أو الاعتباريين المعنيين بعملية التركيز مبلغ 250 مليون درهم،
كما أن المادة 12 من القانون 104.12 قدد حددت ذلك،إذ يجب على كل المنشآت أطراف عملية التركيز أن يحققوا مجتمعين أكثر من 40 في المائة من البيوع أو الشراءات أو العمليات الأخرى، على سوق وطنية للأموال أو المنتجات أو الخدمات الوطنية.
وبعد تحقق هذه الشروط ينبغي تبليغ مشروع التركيز الإقتصادي لمجلس المنافسة تحت طائلة فرض غرامة تهديدية حسب المادة 19 من القانون 104.12، يتم تحديد هذه الغرامة في نسبة 5٪ من متوسط رقم الأعمال اليومي دون احتساب الرسوم وبالنسبة للهيئات التي ليس لها نشاط في شكل رقم المعاملات فإن الغرامة التهديدية تحدد في مبلغ أقصاه خمسة آلاف درهم حسب المادة 40 من نفس القانون، كما يملك مجلس المنافسة سلطة توقيع الجزاءات عبر فرض غرامات مالية بالنسبة للأشخاص المعنويين في نسبة 5٪ من رقم المعاملات دون احتساب الرسوم وبالنسبة للأشخاص الذاتيين تصل العقوبة لحد أقصى هو  خمسة ملايين درهم،بالإضافة أن مجلس المنافسة يملك سلطة إتخاذ التدابير التحفظية وإصدار الأوامر.
بالنسبة لمشروع التركيز الإقتصادي يخضع لفحص مبسط وفحص معمق إن اقتضى الحال كل هذا لضمان التنافسية الحرة والنزيهة بين المقاولات وعدم الإحتكار من أجل نموذج تنموي ناحج وفعال ومتوازن، فالفحص البسيط يبت فيه المجلس في مدة 60 يوما يمكن تمديدها لمدة 20 يوم إذا توصل المجلس بتعهدات ويمكن أيضا طلب التوقيف لمدة 20 يوما قصد استكمال التعهدات مثلا، عموما المدة ستكون 100 يوم، أما الفحص المعمق فمدة البت هي 90 يوم و30 يوم إمكانية طلب التمديد إذا توصل المجلس بتعهدات و30 يوم إمكانية طلب التعليق قصد استكمال التعهدات مثلا، وبعد كل هذا يتخذ المجلس قرار إما بالرفض أو بترخيص عملية التركيز الإقتصادي، وإذا سكت وبعد مرور مدة 20 يوم المحددة في المادة 18 من القانون السالف الذكر يعتبر وكأنه قبل بالترخيص. 
 أكد جلالة الملك في خطاب العرش لسنة 2013 أن القضاء لا ينحصر دوره فقط في إحقاق الحقوق ورفع المظالم بل أيضا في توفير بيئة ملائمة للإستثمار، ولهذه الغاية نجد أن قرارات مجلس المنافسة خاضعة لرقابة القضاء المغربي،إذ يمكن الطعن فيها ضمانا للنزاهة والشفافية،وعليه فحسب المادة 44 من القانون 104.12، فإن القرارات المتخذة من طرف مجلس المنافسة لاسيما الفقرة 5 من المادة 15 والبند 3 من المادة 17 والمادتين 19 و20 والقرارات المتخذة من طرف الإدارة حسب المادة 18،يتم الطعن فيهم داخل أجل 30 يوما أمام الغرفة الإدارية بمحكمة النقض، أما باقي القرارات الأخرى المتخذة من طرف مجلس المنافسة يتم الطعن فيها أمام محكمة الإستئناف بالرباط.
نلاحظ أن المشرع المغربي أعطى صلاحيات واسعة لمجلس المنافسة من أجل ضمان المنافسة المشروعة بين المقاولات ومواجهة جميع أشكال الممارسة المنافية لقواعد المنافسة الحرة. 
خلاصة:
رغم الصلاحيات الممنوحة لمجلس المنافسة، في شهر يوليوز من سنة 2020 أصدر الديوان الملكي بلاغا مفاده أن جلالة الملك توصل بمذكرتين حول قرار مجلس المنافسة بخصوص التواطئات المحتملة لشركات المحروقات وتجمع النفطيين بالمغرب، حيث أن المذكرة حددت غرامة مالية بنسبة 9٪ من رقم المعاملات السنوي المحقق بالمغرب بالنسبة للموزعين الثلاثة الرائدين وبمبلغ أقل بالنسبة لباقي الشركات حيث أن هذا القرار صوت عليه 12 عضو في المقابل صوت معارض، أما بالنسبة للمذكرة الثانية جاءت مناقضة للمذكرة الأولى قضت بفرض غرامة مالية بنسبة 8٪. من رقم المعاملات السنوي دون تمييز بين الشركات ودون الإشارة إلى أي توزيع الأصوات، هنا يتجلى التناقض، بل أكثر من ذلك أن بعض أعضاء المجلس رفعوا ورقة لجلالة الملك يبرزون من خلالها أن تدبير ملف المحروقات تميز بتجاوزات مسطرية وممارسات من طرف الرئيس مست بجودة ونزاهة القرار الذي اتخذه المجلس، وبالتالي لاحظنا كيف تفاعلت المؤسسة الملكية في تدبير هذا الملف وذلك بتكليف لجنة التحقيق تتكون من رئيسي البرلمان بإعتبارهما ممثلي الشعب وكذلك بإعتبار أن مجلس المستشارين يضم التمثيلية الإقتصادية، ثم كذلك رئيس المحكمة الدستورية بإعتبار هذه المحكمة هي المكلفة بحماية الدستور، ثم والي بنك المغرب بإعتباره الساهر على الإستقرار النقدي والبنكي، ثم الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات بإعتبارها المؤسسة العليا بالمملكة المكلفة بمراقبة المالية العمومية وضمان ودعم الشفافية والنزاهة والحكامة الجيدة والمحاسبة بأجهزة الدولة حسب الفصل 147 من الدستور، ثم الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها بإعتبارها من أهم مؤسسات الحكامة الجيدة المعنية بمهام المبادرة والتنسيق والإشراف وضمان تتبع تنفيذ سياسات محاربة الفساد والمساهمة في تخليق الحياة العامة وترسيخ مبادئ الحكامة الجيدة وثقافة المرفق العام بموجب الفصل 167 من الدستور ويتولى مهمة التنسيق بين أعضاء اللجنة الأمين العام للحكومة، نلاحظ أن الإختيار الملكي لهذه اللجنة يظهر مدى حنكة وفطنة وعبقرية المؤسسة الملكية.
إن الرعاية المولوية لمجلس المنافسة نظرا لدور هذا المجلس في تعزيز وتقوية النسيج الإقتصادي الوطني نحو إقتصادي تنافسي قوي من أجل نموذج تنموي ناجح.
إن التدخل الملكي بتشكيل لجنة لتدبير ملف المحروقات جاء في إطار الفصل 42 من الدستور بإعتبار أن الملك هو الحكم الأسمى بين المؤسسات الدستورية ويسهر على احترام الدستور وحسن سير المؤسسات الدستورية ويصون الإختيار الديمقراطي والحقوق والحريات، فالملك من خلال تشكيل هذه اللجنة يؤكد أن القانون فوق الجميع بل أكثر من ذلك يريد إصلاح جميع الإختلالات حتى تكون المرحلة المقبلة خالية من الأخطاء وقد قال جلالة الملك أعزه الله في خطاب ثورة الملك والشعب لسنة 2019:"…فالمسؤولية مشتركة، وقد بلغنا مرحلة لا تقبل التردد أو الأخطاء، ويجب أن نصل فيها إلى الحلول للمشاكل ، التي تعيق التنمية ببلادنا.
وهنا أقول، بأننا لا ينبغي أن نخجل من نقط الضعف، ومن الأخطاء، التي شابت مسارنا، وإنما يجب أن نستفيد منها، وأن نتخذها دروسا لتقويم الاختلالات، وتصحيح المسار… " فجلالة الملك هو الساهر على حماية مؤسسات الدولة وبما أن مجلس المنافسة له مكانة مهمة في النموذج التنموي الجديد، فيريد جلالة الملك رسم خارطة طريق واضحة خالية من الإختلالات قائمة على المسؤولية والإقلاع الشامل كما أكد على ذلك جلالته في خطاب العرش لسنة 2019،بمعنى أن التدخل الملكي واضح ويحمل إشارة كما سبق أن أكدها جلالته في خطاب العرش لسنة 2017 وهي تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة حتى تشتغل جميع المؤسسات الدستورية بكل احترافية ودقة وتضمن بذلك الفعالية والنجاعة، كما أن الإهتمام الملكي بمجلس المنافسة هو إشارة واضحة من جلالته بترسيخ قيم ومبادئ الحكامة الجيدة في النموذج التنموي الجديد. 
الهوامش:
1-ظهير شريف 1-11-91 الصادر بتنفيذ دستور 2011 ة، بتاريخ 29 يوليوز 2011،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر،بتاريخ 30 يوليوز 2011،الصفحة: 3600.
2-ظهير شريف 1-14-116 الصادر بتنفيذ القانون 104.12 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة بتاريخ 30 يونيو 2014،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6276 بتاريخ 24 يوليوز ،الصفحة: 6077.
3-ظهير شريف 1-14-117 الصادر بتنفيذ القانون 20.13 المتعلق بمجلس المنافسة بتاريخ 30 يونيو 2014،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6276 بتاريخ 24 يوليوز ،الصفحة: 6095. 
4-ظهير شريف رقم 1-00-225 الصادر  بتنفيذ القانون رقم 06.99 المتعلق بحرية الأسعار والمنافسة بتاريخ 5 يونيو 2000،الصادر في الجريدة الرسمية 4810 بتاريخ 6 يوليوز 2000،الصفحة: 1941.
5-مرسوم رقم 2.14.652 الصادر بتطبيق القانون رقم 104.12 المتعلق بحرية الأسعار و المنافسة بتاريخ 1 دجنبر 2014،الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6314،بتاريخ 4 دجنبر 2014،الصفحة: 6230.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .