الرئيسية كتاب وآراء صبـــاح الخـــير….يا بني انصار ؟؟

صبـــاح الخـــير….يا بني انصار ؟؟

كتبه كتب في 14 يونيو 2020 - 4:35 ص

بقلم ذ.محمادي راسي – جريدة البديل السياسي:

إننا نصبح على الرين والكناسة …..

فمتى سنصبح على خير …..؟.

           بمنظومتنا وطبعنا مستحيل …مشكلنا أعقد من ذنب الضب ،ولن نصبح على خير …حتى يرد الضب …..ااااا

متى ستسعد عيوننا برؤية الاخضرار والرونق والصفاء ؟….

إن البشرية جمعاء شرقا وغربا وشمالا وجنوبا تجمعها كلمات استفتاحية أثناء الشروع في العمل ؛ كالبسملة أي الاعتماد والتوكل على الله ، وتواصلية كالتحية والسلام ،وأهلا وسهلا وصباح الخير،وأحيانا يكون التواصل بالإشارة والرمز ….

وكل تحية تناسب زمنا معينا أثناء اللقاء حتى في الوداع وأثناء النوم نقول : [تصبح على خير ]ويرد الآخر [وأنت من أهله ]وبالأمازيغية  أصباح أرخير  وترقيذ أرخير، والمؤذن في صلاة الفجر يقول :[أصبح  ولله الحمد ].

          الصباح أول النهار ،ويوم الصباح أي يوم الغارة ، تقول لقيتهم غداة الصباح أي الغارة ،وأتيته ذا صباح أو صبوح  أي بكرة ،والصبوح كل ما أكل أو شرب غدوة ،ويقابله الغبوق ،والعرب  يقولون: أنعم صباحا ،أو أنعم الله صباحك ،وعم صباحا،  [قيل أمر من  /وعم /  وقيل من /نعم : ]أي :طاب عيشك في الصباح ،وصبحك الله بالخير، وفي التشاؤم والتطير: صباح الله لا صباحك .

                         إن الليل بسدوله وظلامه يبعث على القلق والتشاؤم ،كأنه رمز للسجن والعدم والسكون لذلك يتوق ويشرئب الإنسان إلى الصباح وهو رمز للانعتاق والتحرر من دياجير الليل،والصباح كله نور في الشروق ،والنهار كله ضوء والكائنات  ضياء، خلاف  الليل لا تحبه إلا الوطاويط ،أما  امرؤ القيس فكان متشائما رغم أنه يرجو انجلاء الليل وإقبال النهار، ومع ذلك يرى الصباح كالليل :

ألا أيها الليل الطويل ،ألا انجلي

              بصبح وما الإصباح منك بأمثل .

،فالصبح عنده ليس بأفضل لأنه يقاسي الأمور ليلا كما يعانيها صباحا،وهذا بشار بن برد وهو أعمى يقول متسائلا :

خليلي ما بال الدجى لا تزحزح ..

                   وما لعمود الصبح لا يتوضح؟

أضل النهار المستنير طريقه..

                 أم الدهر ليل كله ليس يبرح ؟

وطال علي الليل حتى كأنه …

                     بليلين موصول فما يتزحزح

   القنوات الوطنية والأجنبية في برامجها تهتم بالصباح وما يحدث فيه من جديد ،والإذاعة الوطنية في الستينات كانت تبث برنامج صباح الخير،  يبدأ بمقطع  غنائي لسيدة الطرب أم كلثوم : ياصباح الخير ياللي معانا…..والقناة الثانية حاليا فيها برنامج صباحيات يتناول مختلف الجوانب والحالات والظواهر ……

                من المسلم به أن الصباح ينسلخ من ظلام الليل بقدرة الله العلي القدير ،بدوران الأرض حول نفسها  بنظام مستمر محكم ، يبعث على النشاط بعد الراحة ، ،ولا ننسى أن الله عز وجل جعل الليل لباسا والنهار معاشا للتوازن بين العمل والراحة ، فالقلوب إذا كلت عميت ،ولابد لها من الاستراحة والترويح،وإن كان الليل عند البعض هو السهر والدندنة إلى أن يتبلج الصبح ،وعند المؤمنين قيام وركوع وسجود وتضرع إلى الله ،وقوله تعالى :"والليل إذا عسعس والصبح إذا تنفس " ،أي أن الليل يدبر بظلامه ، والصبح يقبل ويهب بنسيمه اللطيف ،والليل كربة ،والصبح فرجة ، وإزالة لغمة الليل ،وبشرى للأنفس والحياة ،وحتى للطيور والحيوانات وباقي الكائنات ،وإن كانت الخفافيش تفضل الليل لأنها لا تبصر في النهار، إن الصباح هو انطلاق واستئناف للعمل بنشاط وحيوية واستعداد لما يأتي في المستقبل .

      في مدن العالم تستقبل الصباح ببشاشة وترحاب ،النسيم العليل الممزوج بالروائح الذكية العطرة المنبعثة من الزهور والورود،  يحثك أكثر على المشي في الشارع وأنت ذاهب إلى عملك ،أو إلى المقهى لتناول وجبة الفطور ،الشوارع نقية أرصفتها متلألئة ، الناس يمشون بهدوء ونظام إسوة بالنخب المثقفة ، والفضل يرجع إلى المسؤولين الواعين  العاملين على تسيير المدينة ،والمجتمع المدني نفسه يساهم في الحفاظ على محيطه، وعمال النظافة القائمين بواجبهم ، والذين يقومون بتنقية  شوارع مدينتهم ليلا،  ليجدها المواطنون نظيفة في الصباح ، فلا تسمع إلا صباح الخير والفل والقرنفل والياسمين …..

             أما نحن في بني انصار فننفر من الشوارع لأنها مليئة بزجاج مكسر ،وما هو مكسر من فواكه جافة  ، وما هو مقشر من  خضر وغيرها  ،ثياب متسخة رثة ممزقة يتركها المتشردون في الشوارع ، وأوراق متسخة يرمي بها أصحاب [التنفيحة] ،وبصق ومخاط ،وناموس وذبان ،وعظام تأتي بها كلاب ضالة، براز وسرجين وسلح ،أرصفة محفرة قد تعثر أو تزل ،  وقد يحدث لك توعك أو شيء آخر ….فتصبح  في المستوصف بدلا من الاستمرار في المشي أو الذهاب إلى العمل ،  وأكياس بلاستيكية ملوثة ، روائح عطنة مزكمة للأنوف ،لا تستطيع أن تمشي بتمهل عليك أن تسد خياشيم منخريك ، ثم بعد ذلك  تسكرك وتفقد وعيك ،فما عليك إلا أن تهرول ، فلا تستطيع أن تتكلم ،ولا أن تقول لمعارفك والمارين بك صباح الخير ،لأنك في حالة قلقة ،فالعين لا تسعد ، والنفس تتقزز ولا تنشرح ولا تبهج ،والأنف لا تستنشق ذلك النسيم الصباحي المنبه للعقول والألباب والمنسم برائحة الورود الفواحة الذكية ،وحتى الأذن تتعرض للتلوث ، لأنها لا تسمع إلا القذع والخناء من القول،  وهي في فترة استقبال الصباح بالأذكار والأنغام والقول الجميل ، فجميع الحواس تشمئز ….إن هذه المناظر القذرة تساهم في تلوث المدينة وفضائها، وتهيج أعصابك بالإضافة إلى أعصاب العمل والمنزل والمقاهي والشوارع …..فهذا تلوث آخر ليس كالدخان والغازات …..إنك تفكر في الهرب وهو أحق ،ولا تقول صباح الخير… وإنما تقول للمارين  وأنت قلق صباح الأزبال.و…..وتطلق ساقيك للريح .

          أضنتنا الكتابة عن فضاء بني انصار ولكن دون جدوى، كأنها صيحة في واد ،ولكن من كثرة التألم والظلم لا نيأس من اجترار وتكرار نفس الحديث عن الظواهر المشينة التي أصبحت عادية عند البعض ،ــــونحن بدورنا نساهم في هذا التلوث  ـــ إننا نريد التطهير من سلوكات التواكل[ وماعليهش ]ومن الظالمين ….ومن ذوي النفوس الشريرة….. والذين لا يريدون الخير لهذه المدينة الفتية ، وبفضل هذه الكتابة وباقي الكتابات الأخرى ، نرى البعض من المنتخبين يتوخون الحيطة والحذر ،ويريدون عدم الترشح خوفا لما سيأتي في المستقبل من حسابات وعقوبات ،بل إن البعض أعلنوا انسحابهم من ميدان السياسة وخيرا وحسنا فعلوا ……ألم يان لبعض المتلاعبين بمصالح المدينة والمواطنين أن ينسحبوا ويولوا وجوهم وجهة أخرى ،لأنهم غير قادرين على تحمل المسؤولية ،وهم عاجزون عن التسيير الإداري من خلال ما يمارسونه من مهام،.ومن  خلال ملاحظات السكان وما هو معاين وملموس …..لأن تسيير الشأن المحلي يتطلب: التجربة والدربة  والدراية القانونية ،والثقافة الإدارية والتربوية والجمالية ،والمبادرة والمساهمة والحضور والمعاينة والتفعيل، وضبط النفس والتريث وعدم الاندفاع ،ومراقبة فضاء المدينة وما يجري فيه  …… لتكون مدينتنا في المستوى المنشود…… وليتسنى لنا أن نقول صباح الخير …بدلا من صباح الكناسة والخشارة .وو….ااااا

 

                                             5 نوفمبر 2011م

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .