الرئيسية كتاب وآراء “التحولات الدولية ما بعد أزمة كورونا: دراسة حول النظام العالمي الجديد”

“التحولات الدولية ما بعد أزمة كورونا: دراسة حول النظام العالمي الجديد”

كتبه كتب في 31 مايو 2020 - 10:09 ص

البشير الحداد الكبير جريدة البديل السياسي:


إن الأحداث الدولية في عصر كورونا، شملتها تغيرات عديدة، في مختلف المجالات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية. 
لقد أظهرت أزمة كورونا العيوب والنقائص التي يعاني منها النظام العالمي، فكم من دولة تصنف في قائمة الدول المتقدمة، أبانت لنا أزمة كورونا، أنها تعاني من الضعف، بل العديد منها، بدأ يستنجد، وفي المقابل، لاحظنا عدم اهتزاز بعض القوى، رغم تأثرها بالأزمة، لكنها سارعت، إلى مواجهة فيروس كورونا، وبالتالي إلى أي حد استطاعت أزمة كورونا تغيير خريطة العالم؟ وما هي ملامح النظام العالمي الجديد؟ 
لمعالجة هذا الموضوع فقد اعتمدنا التقسيم التالي:
المبحث الأول :الثنائية القطبية الجديدة والسيادة الوطنية للدولة
إن أزمة كورونا كباقي الأزمات التي مر منها العالم، فقد قلبت موازين القوى، وشلت إقتصادات الدول، نتيجة الإجراءات التي تم إتخاذها لمواجهة هذه الأزمة،فإذا كانت الأزمة الإقتصادية الدولية الأولى 1929 والحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الباردة والأزمة الإقتصادية الدولية الثانية لسنة 2008،أثروا بشكل كبير في الوضع الإقتصادي والإجتماعي للدول،فإن أزمة كورونا، قامت بنفس الشيئ، لكنها أثرت بشكل كبير في النظام العالمي. 
إذا كان العالم بعد سقوط جدار برلين سنة 1989،والوحدة الألمانية سنة 1990،وإنهيار الإتحاد السوفياتي سنة 1991،أصبح خاضعا لنظام الأحادية القطبية بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، فإن القرن الحادي والعشرون، أثبت العكس بأن آسيا لها دور مهم في العالم، ونقصد بآسيا بالدرجة الأولى، الصين والدول الصناعية الجديدة، وبالتالي مع أزمة كورونا، برز الدور الفعلي للصين في النظام العالمي، وهنا تنطبق المقولة الشهيرة ل"نابليون بونابرت" :"الصين مارد نائم فدعوه نائما لأنه إذا استيقظ هز العالم"، قبل الخوض في الدور الذي لعبته الصين في مواجهة فيروس كورونا، وما يدفعنا للجزم بأن العالم أصبح خاضعا لثنائية القطبية، بقياة دولتين:"الولايات المتحدة الأمريكية والصين"، لابد من إطلالة حول دولة الصين، التي تمثل 1/5 البشرية. لقد شكل القرن العشرين، قرن التقدم الصيني، بحيث اتجهت هذه الدولة نحو التحديث الإقتصادي والإجتماعي والسياسي والثقافي،فبعدما كانت الصين دولة منغلقة على ذاتها، أصبحت تتجه نحو الإنفتاح، وهذا سر نجاحها، ويعود الفضل في هذا التوجه، لزعيمها "دانغ زبيياو بينغ"،فقد قام بإصلاحات مهمة منذ سنة 1978،إنتقلت حينها الصين من دولة شيوعية اقتصادها ضعيف خاضع لسيطرة للدولة، إلى إقتصاد السوق، وبهذا حققت أعلى معدل نمو(12٪ في التاريخ) (1)،وبالتالي اندمجت في النظام العالمي، وغيرت أسلوبها، وكما قال كاتب أمريكي:"في الصين إيمان رجل بالإصلاح يقابله تنازل رجل آخر عن الماركسية" (2)،ولكن ما يميز الصين عن باقي الدول، أنها رغم اتجاهها نحو التحديث، لكنها حافظت على خصوصيتها، لأنها تؤمن بأنه لا تقدم بالإنسلاخ عن الهوية الوطنية، كما أن اختيار الصين التوجه نحو الإنفتاح الخارجي والإندماج في مسلسل الليبرالية، لأنها كانت ميقنة في تلك الفترة أن العالم سيصبح خاضعا للولايات المتحدة الأمريكية وليس للإتحاد السوفياتي، ومن ملامح ذلك، هو إنهزام الإتحاد السوفياتي (روسيا حاليا) في الحرب الباردة منذ ستينيات القرن الماضي،فحينما وضع الإتحاد السوفياتي قواعده العسكرية في كوبا كتهديد لأمريكا، حاصرت هذه الأخيرة كوبا، واضطر الإتحاد السوفياتي من الإنسحاب وإزالة تلك القواعد العسكرية،من هنا اكتشفت الصين أن الولايات المتحدة الأمريكية رقم صعب في العلاقات الدولية، ومنافستها تقتضي الإندماج مع التيار، وبهذا حققت الصين تحديثا صناعيا وزراعيا، وعلميا،وتكنولوجيا ودفاعيا، وهكذا وجدت الصين أن النموذج الغربي أفضل بكثير من النموذج السوفياتي، لكن ما يميز الإقتصاد الصيني هو أنه لم يتجه نحو إقتصاد السوق مائة في المائة، فهو إقتصاد يمزج بين إقتصاد السوق مع الحفاظ على الدور التدخلي للدولة، وهذا ما ميز الصين عن بقية دول العالم في ظل أزمة كورونا، فمعظم الدول الرأسمالية تضررت من هذه الأزمة، ورغم أن الولايات المتحدة الأمريكية في ظل أزمة كورونا، قامت بتنظيم رحلة فضائية كتأكيد منها أنها تحتل الرقم الأول في غزو الفضاء، لكن الصين كذلك رقم لا يستهان به في هذا الميدان، فكما هو معلوم أن الصين توظف في صناعة الفضاء وما يتبعها من مراكز أبحاث وصناعات مغذية أكثر من 100000 شخص؛ أكثر من 1/4 علماء ومهندسون، ويعمل هؤلاء في أكثر من 300 موقع وشركة ومركز أبحاث وجامعة (3).
لقد أثبتت أزمة كورونا أن الصين رقم صعب بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، فهذين البلدين وما تجمعهم من منافسة قوية حول ريادة العالم، جعل علاقتهما يطبعها طابع النزاع، مما دفع الرئيس الأمريكي "ترامب" لفرض عقوبات على الصين منذ سنتين(2018).
إن أزمة كورونا والسباق نحو إيجاد اللقاح، له أهمية بالغة، فبعدما أعلن الرئيس الأمريكي أن أمريكا تبحث عن اللقاح، فيه إشارة واضحة أن أمريكا،تبحث عن الحفاظ عن وجودها في منصب قيادة العالم، لكن في المقابل نجد أن الصين، أثبتت للعالم بأن النظام العالمي الجديد،ما بعد كورونا،ستكون الصين فيه، خصوصا ما قامت به الصين في ظل هذه الأزمة، وهذا يذكرنا ما قامت به الولايات المتحدة الأمريكية، ما بعد الحرب العالمية الثانية من خلال تقديمها لمشروع مارشال لمساعدة إحياء أوروبا، لكن في ظل أزمة كورونا، أوروبا لم تجد الولايات المتحدة الأمريكية بل وجدت الصين، فالعديد من الدول الأوروبية استفادت من الدعم الصيني لها، بالإضافة إلى دعمها لعدد من الدول في العالم، مما يفرض قيام الثنائية القطبية ما بعد أزمة كورونا، نستشف من هذا أن العالم ما بعد كورونا، سينقسم إلى شطرين،كما وقع ما بعد الحرب العالمية الثانية، المعكسر الشرقي بقيادة الصين وحلفائها(روسيا وكوريا الشمالية) والمعسكر الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، لكن من بين السيناريوهات المتوقعة ما بعد كورونا إنقسام الإتحاد الأوروبي أيضا، فالعديد من الدول منه، لن تنسى دعم الصين لها، وكما يقال "الصديق وقت الضيق"، ناهيك عن الأزمة التي يعاني منها الإتحاد الأوروبي من خلال إنسحاب عضو مهم (بريطانيا) هذه السنة.
من خلال أزمة كورونا والتدبير الجيد لمواجهة فيروس كورونا من طرف الصين ومساعدتها لعديد من الدول، نلاحظ أن الفكرة التي قالها "فرانسيس فوكوياما"،بخصوص نهاية التاريخ، أصبحت متجاوزة أو محدودة، لأنه حسب رأيه، بأن الديمقراطية الليبرالية تشكل نقطة نهاية للتاريخ، بعدما ألحقت هزيمة للإيديولوجيا المنافسة، لكن من خلال أزمة كورونا، وبروز الصين كقوة، نلاحظ أن الصراع الإيديولوجي لم ينتهي، فالصين رغم إتجاهها نحو إقتصاد السوق، ظلت متشبة بشيوعيتها،كما أن المفكر "صامويل هتنغتون" صاحب نظرية "صدام الحضارات"، قد أخطأ، حينما قال بأن الغرب سيطر على الحضارات، وعلى المؤسسات السياسية والعسكرية والإقتصادية، فأزمة كورونا،أثبتت أن المنافسة على قيادة العالم لازالت مستمرة.
إن العولمة كما هو معلوم تعني حرية تنقل السلع والبضائع ورؤوس الأموال بين الدول، لكن أزمة كورونا أثبتت محدودية العولمة، فإذا كان العالم بعد إنهيار الإتحاد السوفياتي سنة 1991، عرف انتشارا للعولمة، وتراجعا للدولة الوطنية، فإن المؤشرات قد تغيرت في أزمة كورونا، فتم إرجاع سيادة الدولة الوطنية(القومية) وهنا نجد أن المفكر "صامويل هتنغتون" كان محقا حينما قال بأن الدولة القومية أي الوطنية، ستظل هي اللاعب الأقوى على مسرح الشؤون الدولية، وهذا ما لاحظناه من خلال قيام العديد من الدول بإغلاق الحدود وإتخاذ إجراءات إحترازية لمواجهة فيروس كورونا.
بالفعل لابد من التذكير بأن دور الدولة منذ نهاية الحرب الباردة، وهو في تراجع، من خلال هيمنة العولمة، وأصبح التسليم باليد الخفية للسوق كما قال بذلك "آدم سميث"، بحيث لاحظنا منذ ذلك الوقت، تزايد عدد الشركات عبر الوطنية، وأنها تتخذ كل دولة، مجالا للإستثمار، كما أن هذه الشركات لا تلجأ إلى القضاء الوطني للدولة،بل تفضل التحكيم، مما ساهم في إضعاف سيادة الدولة، لكن مع أزمة كورونا،عادت سيادة الدول،بإعتبار أن السيادة مكون أساسي من مكونات الدولة.
لقد ساهمت أزمة كورونا في الرخاء الإقتصادي، ويعني هذا الأخير إنخفاض قيمة الأسهم في البورصة عن قيمتها الحقيقية، وبالتالي، لاحظنا بأن الدولة الصينية في أزمة كورونا قامت بشراء أسهم الشركات الأجنبية، لإنخفاض قيمتها، والرخاء الإقتصادي شيئ طبيعي، يحدث في كل أزمة مثلما حدث في الأزمة الدولية لسنة 1929.
وتجدر الإشارة أنه رغم بروز الدولة القومية بشكل قوي في ظل أزمة كورونا، لكن هذا لا يعني، بأن السيادة الوطنية ستستمر ما بعد أزمة كورونا، لأن هناك فاعلون مهمون في السياسة الدولية، ونقصد هنا، "صندوق النقد الدولي" و"البنك الدولي"،فالعديد من دول العالم، ستدخل في سياسة تقويم هيكلي جديد، تنفيذا للإصلاحات الإقتصادية والمالية التي يمليها هذين الصندوقين.
وبالتالي نلاحظ،أنه رغم أزمة كورونا،وتضرر الدول الغربية،وبروز الصين كقوة دولية قوية، سيكون هناك تنافس قوي بينها وبين الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال الثنائية القطبية، فالصين تمكنت من إثبات ذاتها.
المبحث الثاني: الأمم المتحدة وتحدي التنمية ما بعد أزمة كورونا
إن العالم بأسره وخصوصا الدول النامية، قد تضررت بشكل كبير من أزمة كورونا، فإذا كانت أزمة 1929 وأزمة 2008 قد سببوا كساد إقتصادي عالمي، فإن أزمة كورونا، بدورها ستسبب كسادا إقتصاديا، ستتأثر بسببه الدول النامية بالدرجة الأولى،وعليه فإذا كانت أزمة 1929 تمت مواجهتها بإعتماد سياسة الخطة الجديدة أو ما يعرف ب"النيوديل" فإن العالم مطالب اليوم بالبحث عن خطة أو إستراتيجية تسهل الإنتقال إلى نظام عالمي جديد، لكن الطريق سيكون صعبا على الدول النامية، خصوصا وأن معدل النمو سينخفض بشكل كبير، بالإضافة إلى تدهور الأوضاع الإجتماعية فيها، وبالتالي فمنظمة الأمم المتحدة مدعوة اليوم لوضع خطة جديدة لتحقيق التنمية المستدامة في قلب النظام العالمي الجديد.
إن قضية التنمية المستدامة صعبة التحقيق ما بعد أزمة كورونا خصوصا مع التحولات الإقتصادية والإجتماعية التي يشهدها العالم،وهو ما سيؤثر سلبا على مستقبل الأجيال المقبلة.
إن مصطلح التنمية المستدامة برز لأول مرة في مؤتمر "استكهولم" حول البيئة الإنسانية لسنة 1972،ثم في قمة الأرض بالبرازيل وبالضبط في ريو دي جانيرو سنة 1992،فالتنمية المستدامة في الدول المتقدمة أو حسب ما يطلق عليها بدول الشمال، تتم من خلال الإستهلاك المنخفض للموارد الطبيعية والبحث عن وسائل بديلة، بينما دول الجنوب أو الدول النامية فالتنمية المستدامة تتم من خلال الإستهلاك المرتفع للموارد الطبيعية من أجل تحسين المستوى المعيشي لسكانها، وبما أن أزمة كورونا،يصعب معها إنخفاض إستهلاك الموارد الطبيعية في الدول النامية، فإن الأمم المتحدة مطالبة بالبحث عن نموذج تنموي بديل أو جديد يضمن التنمية المستدامة للدول النامية ويحافظ على الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.
إن قضية التنمية هي صلب إنطلاق وإقلاع وقيام النظام العالمي الجديد، وبالتالي فعلى الأمم المتحدة وضع إستراتيجية محكمة والمساهمة بشكل فعال في إقرار النظام العالمي الجديد، من خلال تحقيق التنمية،لكن مسألة التنمية  تتطلب جهدا كبيرا من منظمة الأمم المتحدة، لكونها مرتبطة بالعديد من المجالات.
بالرجوع لميثاق سان فرانسيسكو المحدث لمنظمة الأمم المتحدة سنة 1945،والتي حلت محل عصبة الأمم، نجد في مادته الأولى، أنه من بين أهداف الأمم المتحدة حفظ السلم والأمن الدوليين، وبالتالي فشرط تحقيق السلم مهم لتحقيق التنمية في النظام الدولي الجديد ما بعد كورونا، خصوصا وأنها تواجه تحديات كثيرة، نظرا للعديد من الحروب والصراعات في المشرق العربي وفي إفريقيا(ليبيا واليمن وسوريا نموذجا) والتدخل الأجنبي في هذه الدول، يجعل مسألة تحقيق السلم صعبة جدا، وهذا التدخل يتعارض مع ميثاق سان فرانسيسكو الذي يقضي بمنع التدخل في السلطان الداخلي للدول، وبالتالي فلا تنمية بدون سلم.
ومن شروط تحقيق السلم ينبغي إعادة النظر في تركيبة مجلس الأمن، وبالضبط في الأعضاء الدائمي العضوية(5 دول) فألمانيا واليابان خرجوا من الحرب العالمية الثانية منهزمين، لكنهم اليوم، يشكلون قوة إقتصادية قوية في العالم، ولاحظنا كيفية تدبيرهم المعقلن لأزمة كورونا، وبالتالي ينبغي إدخالهما كذلك.
كما أن مسألة تحقيق التنمية في النظام العالمي الجديد مرتبطة كذلك بإصلاح النظام الإقتصادي للدول النامية،فالعديد منها يواجه مشاكل ما قبل كورونا(الديون و قلة الإستثمارات الأجنبية) وبالتالي ستكون المسألة صعبة عليهم ما بعد أزمة كورونا، لهذا وجب إيجاد إستراتيجية ترفع إقتصادات هذه الدول، ثم بالإضافة وضع إستراتيجيات محكمة تحافظ على البيئة وتحميها من التدهور، لأنه لا تنمية بدون مراعاة الجانب البيئي، دون أن ننسى الجانب الإجتماعي.
وبالتالي ينبغي إعادة النظر في مسألة التوازن الدولي بين دول الشمال ودول الجنوب، لأنه لا يعقل أن يستمر الوضع كما كان عليه قبل أزمة كورونا، دول الشمال يزدادون غنى، ودول الجنوب، يزدادون فقرا.
وتجدر الإشارة إلى مسألة مهمة،هو أن النظام العالمي الجديد،سيرتكز بالأساس على التكنولوجيا الحديثة في مختلف المجالات الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والتجارية والمالية والتعليمية، وبالتالي وجب على الأمم المتحدة مواكبة الدول النامية ومساعدتها من خلال وضع إستراتيجيات تساعدها على مواكبة النظام العالمي الجديد،فالتعليم سيكون عن بعد، المعاملات التجارية ستكون إلكترونية،  العملة ستكون رقمية بدل الأوراق، كما أن الإدارات سيتم الإستغناء عن المكاتب والإكتفاء فقط بالخدمات عن بعد، كما أن المواطنين لن يضطروا للذهاب للعمل، بل سيتم الإقتصار فقط على العمل بالمنازل، وبالتالي ستكون ما بعد كورونا ثورة رقمية ستترك بصمتها في النظام العالمي الجديد.
وكملاحظة حول الحديث عن التكنولوجيا، وجب تسليط الضوء على التجربة المغربية، بإعتبار أن المغرب عضو نشيط في المنظومة الدولية، فقد حرص بدوره على مسايرة النظام العالمي الجديد، من خلال استخدامه للتكنولوجيا في التعليم، وذلك من خلال "التعليم عن بعد" بل أكثر من ذلك هناك دورية لوزارة الداخلية تحث الجماعات الترابية على وضع بريد إلكتروني للتواصل مع المواطنات والمواطنين، تفعيلا للحق في الحصول على المعلومة، ونجد أن المؤسسة الملكية بقيادة صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله كانت تدرك منذ بداية القرن الحادي والعشرين بأنه قرن الثورة الوقمية والتحديث وأن النظام العالمي سيخضع لتطورات جديدة تتلاءم مع القرن الحادي والعشرين، بحيث لا يمكن التماشي مع هذا القرن بطريقة القرن العشرين، وبالتالي نلاحظ أن جميع الخطب الملكية السامية تحث المسؤولين بالتماشي مع الوضع الدولي الجديد، ولأنه كما يقال :"الحكم هو التوقع"، فإن جلالة الملك محمد السادس نصره الله كان يدرك تماما بأنه سيأتي وقت وتصبح الإدارة الإلكترونية هي الخيار الإستراتيجي الوحيد والأنسب لتسيير الدولة ومسايرة العالم،وسنستحضر مقتطفا من خطاب افتتاح البرلمان لسنة 2016،إذ قال جلالته حفظه الله :"… كما يتعين تعميم الإدارة الإلكترونية بطريقة مندمجة ، تتيح الولوج المشترك للمعلومات بين مختلف القطاعات والمرافق .
فتوظيف التكنولوجيات الحديثة، يساهم في تسهيل حصول المواطن، على الخدمات، في أقرب الآجال، دون الحاجة إلى كثرة التنقل والاحتكاك بالإدارة…".
وفي الختام بكل صدق وموضوعية، إن العالم ما قبل كورونا لن يكون هو العالم ما بعد كورونا، فالنظام العالمي سيشمله تغيير جذري، من خلال التركيز بالأساس على التكنولوجيا الحديثة، كما أنه سيواجه تحديا مهما ألا وهو التنمية المستدامة، ورفع إقتصادات الدول النامية، لكن هذا النظام العالمي الجديد، لن يظل خاضعا لنظام الأحادية القطبية، بل سيصبح خاضعا لنظام الثنائية، كما كان سائرا بعد نهاية الحرب العالمية الثانية،  والأمر هذه المرة مختلف تماما، فسابقا كان هناك الإتحاد السوفياتي ينافس الولايات المتحدة الأمريكية، أما الآن، فنجد دولة الصين.
المراجع:
1-ووبن،"الصينيون المعاصرون"،ترجمة الدكتور عبد العزيز حمدي، الكويت 1996،سلسلة عالم المعرفة، العدد 211،الجزء الثاني، الصفحة: 78-79.
2-الدكتور محمد الغربي،"القوى الإقتصادية الآسيوية وعلاقاتها بالعالم العربي"، الطبع طوب بريس-الرباط، الطبعة الخامسة 2017،الصفحة: 93.
نفس المرجع السابق،الصفحة: 107.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .