الرئيسية كتاب وآراء استغلال كورونا لتوطيد العلاقة ما بين حزب العدالة والتنمية واللوبيات الإقتصادية: مشروع قانون 22.20 نموذجا

استغلال كورونا لتوطيد العلاقة ما بين حزب العدالة والتنمية واللوبيات الإقتصادية: مشروع قانون 22.20 نموذجا

كتبه كتب في 30 أبريل 2020 - 12:54 ص

البشير الحداد الكبير – جريدة البديل السياسي:


أصبح حديث الساعة هو مشروع قانون 22.20 المتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي، وما أثاره من نقاش قانوني وبين عامة الناس، بين مؤيد ومعارض، وكما هو معلوم أنه كقاعدة عامة،في الأوقات الصعبة يسهل تمرير القرارات الصعبة.
بقراءة لهذا المشروع، نجد أنه يحمل جزءا من الإيجابيات، فيما يتعلق بمحاربة الإشاعات والأخبار الكاذبة، ومحاربة دعاة الفتنة والبلبلة، فهذا الشق جميع المغاربة بدون إستثناء يؤيدون الحكومة تماشيا مع الفصل 38 من الدستور الذي يؤكد على واجب المواطنات والمواطنين في الدفاع عن بلدهم وعن وحدته الترابية، وعليه فجميع الإشاعات التي تهدف للمساس بإستقرار الوطن سيتم محاربتها بعد المصادقة على هذا المشروع في قبة البرلمان وإصدار الأمر بتنفيذه، لكن ما أثار سخط المغاربة عامة هو الشق المتعلق بتضييق الحريات والحقوق الأساسية، فإذا تمت المصادقة على هذا المشروع سيصبح من الممنوع إنتقاد الشركات والسلع التي تنتجها، وهذا فيه ضرب لمبدأ الحريات التي جاء بها دستور 2011 (1)، خصوصا أن المغاربة بعد الخطاب الملكي السامي التاريخي 9 مارس 2011 تفاءلوا بمغرب جديد بعهد جديد من الحريات والحقوق الأساسية، وهذا ما تم بالفعل،فبعد صدور الدستور الجديد في يوليوز 2011، زاد تفاؤل المغاربة أكثر فأكثر، وتنبأوا لمستقبل زاهر، فإذا بهم يتفاجأون بهذا المشروع الذي يعتبر وصمة عار لن نقول على الحكومة وإنما على حزب العدالة والتنمية، لأنه الحزب الذي وثق فيه المغاربة ومنحوه تصويتهم، فكيف لحزب يدعي الحرية والديمقراطية في هياكله الحزبية وفي مبادئه أن يتبنى مشروعا كهذا ويضرب الفصلين 25 والفصل 28 من الدستور والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية عرض الحائط.
وفي إطار تنوير الرأي العام الوطني، فهناك من وجه الإتهام لحزب الإتحاد الإشتراكي ونسبوا إليه أنه من قام بتقديم هذا المشروع، لذا نقول بكل صدق وموضوعية، لا داعي لتغليط الرأي العام، فالأمور واضحة، والدستور واضح وضوح الشمس، فهذا المشروع قانون 22.20 نابع من إتفاقية بين اللوبيات الإقتصادية وحزب العدالة والتنمية، لأنه هو من يقود الحكومة وليس حزب الإتحاد الإشتراكي، ولتوضيح الأمور أكثر فأكثر، فحزب الإتحاد الإشتراكي بقراءة موجزة لتاريخه،فهو انبثق من رحم الحركة الوطنية، التي كانت تدافع جنبا إلى جنب المؤسسة الملكية من أجل استرجاع استقلال المغرب، فكيف أن يقبل المنطق أن يتبنى حزب الإتحاد الإشتراكي لهذا المشروع، وتاريخه كله مبادئ ونضال من أجل حقوق الإنسان متشبتا بإخلاصه الوفي للمؤسسة الملكية تحت شعار "الله-الوطن-الملك"، ولتوضيح الأمور أكثر فأكثر، فكما قلنا أن الدستور المغربي واضح، وهنا نقصد، أنه بموجب الفصل 47 من الدستور نجد أن جلالة الملك حفظه الله يعين رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر إنتخابات أعضاء مجلس النواب، وبالرجوع للحكومة المغربية نجد أن رئيس الحكومة من حزب العدالة والتنمية لأنه تصدر الإنتخابات، ودستور 2011 مختلف عن الدساتير السابقة فهو أحدث مؤسسة رئيس الحكومة، معنى هذا أنه يعتبر رئيسا على جميع الوزراء، وبالتالي فحزب العدالة والتنمية في شخص رئيس الحكومة هو من تبنى هذا المشروع وليس حزب الإتحاد الإشتراكي،وهناك من قال أن وزير العدل الذي ينتمي لحزب الإتحاد الإشتراكي هو من قدم هذا المشروع، هنا ينبغي أن نوضح الأمور حتى لا يسقط الجميع في المغالطات وما تم ترويجه، هناك فرق ما بين أن تكون عضوا في حزب معين(سياسي) وعضوا في الحكومة(وزير)،فالسيد وزير العدل معين من طرف جلالة الملك حفظه الله وبإقتراح من رئيس الحكومة تفعيلا للفصل 47 السالف الذكر، وتماشيا مع الفصل 93 من الدستور فإن الوزراء مسؤولون عن تنفيذ السياسة الحكومية كل في القطاع المكلف به وفي إطار التضامن الحكومي، كما أنهم يقومون بأداء المهام المسندة إليهم من طرف رئيس الحكومة ويطلعون مجلس الحكومة على ذلك، وبالتالي نجد أن هذا الفصل واضح ولا يحتاج للتوضيح، فتقديم وزير العدل لمشروع قانون 22.20 هذا لا يعني أنه من أعده لأنه لا يعقل وزير إتحادي، حزبه متشبع بالمبادئ وحرية التعبير أن يتبنى مشروعا كهذا يقمع الشعب في ممارسة حرية التعبير على الشركات، وإنما في حقيقة الأمر وحسب الفصل 93 فإن وزير العدل ينفذ فقط البرنامج الحكومي الذي يقوده حزب العدالة والتنمية،معنى هذا أكثر أن هذا المشروع ليس له صلة بحزب الإتحاد الإشتراكي، وإقدام الوزير الإتحادي على تقديمه ما هو إلا تفعيلا للفصل 93 من الدستور.
ما أثار إستغراب الحقوقيين، هو خروج وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية ومحاولته تبرئة حزبه، فلماذا لم يعارض هذا الوزير الذي ينتمي لحزب العدالة والتنمية هذا المشروع أثناء إنعقاد المجلس الحكومي، وكأنه يريد أن يوصل فكرة مفادها أن حزب العدالة والتنمية ليس هو المسؤول عن هذا المشروع، وهذا عبث في حد ذاته، لأنه من يرأس الحكومة؟ حزب العدالة والتنمية، من قام بإعداد البرنامج الحكومي؟ حزب العدالة والتنمية، إذن لا داعي لتغليط الرأي العام ومحاولة نسب هذا القانون لحزب الإتحاد الإشتراكي، فهو لا علاقة له به، ووزير العدل يقوم بتنفيذ التعليمات المتضمنة في البرنامج الحكومي لا أقل ولا أكثر، فهذا المشروع هو نتيجة تحكم اللوبيات الإقتصادية في حزب العدالة والتنمية نتيجة الضعف الذي يمتاز به هذا الحزب، فالدستور الجديد الذي جاء تجسيدا للإدارة الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، يحتاج لطبقة سياسية قوية تتماشى مع الألفية الثالثة، وهذا المشروع في حد ذاته نتيجة ضعف أطر حزب العدالة والتنمية، وأنهم يحاولون من خلال هذا المشروع إقبار المعارضة، فكل من يعارض حزب العدالة والتنمية سيكون مصيره السجن، فهذا الحزب بكل بساطة يريد أن يربح الإنتخابات من خلال تطبيق سياسة التكميم، فنتيجة الضعف الذي يعاني منه هذا الحزب في التسيير الحكومي، وما يتعرض له من إنتقادات بناءة، فهو يريد إقبار  كل من يعارضه.
جائحة كورونا،الكل كان ينتظر من هذا الحزب الذي يتزعم الحكومة،أن يبتكر الحلول لإنقاذ المغرب من التداعيات السلبية لهذا الفيروس،فإذا به يستغل هذه الجائحة لإرضاء اللوبيات الإقتصادية وإقبار معارضيه.
إن المغرب في فترة فيروس كورونا وجد خادمه الأول صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله يحاول جاهدا بمعية رجال الدولة والسلطات العمومية حماية الشعب من الأضرار الإقتصادية والإجتماعية، من خلال إحداث صندوق تدبير جائحة كورونا وإصدار أوامره المولوية السامية لمساعدة الفقراء وضمان العيش الكريم لهم، بينما الحكومة بقيادة حزب العدالة والتنمية تحاول إرضاء اللوبيات الإقتصادية وخدمة مصالحها، فليس هناك معنى أن تمنع مواطنا من إنتقاد منتوج لشركة معينة،وكما قالت الصحافية الكندية نعومي كلين :"إن المطلوب من الديمقراطية أن تنجز لنا انتقالا ديمقراطيا وليس انقلابا للشركات متعددة الجنسيات"(2)،وفي نفس السياق يؤكد السياسي اليساري الكندي روميو بوشار أن الأحزاب السياسية صارت الوسيلة المميزة التي يعتمد عليها اللوبي الاقتصادي من أجل مراقبة القرارات المتخذة من طرف النواب" (3)،كما نجد أن  جون ماينر كينز يقول: "كل رجال السياسة ينفذون توصيات اقتصاديين لا يعرفونهم ولا يعرفون أسماءهم وفي غالبيتهم رحلوا منذ القدم، دون معرفة ذلك"(4)،وبالتالي ينبغي على حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة أن يتراجع وأن يعدل هذا المشروع وأن يصب في مصلحة الوطن والمواطنين، فجلالة الملك حفظه الله دائما يؤكد على وضع المواطن في صلب أي مشروع وأي عملية تنموية، فالمواطن سيقف مع محاربة الإشاعات و ضد كل ما يضر بمصلحة الوطن والمواطنين، ولكنه لن يقف مع قمع حرية التعبير بمنع إنتقاد الشركات.
الهوامش :
1-ظهير شريف 1.11.91 الصادر بتنفيذ دستور 2011 بتاريخ 29 يوليوز 2011، الصادر في الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر بتاريخ 30 يوليوز 2011، الصفحة 3600.
2-الدكتور "المنتصر السويني"،"حكومة العدالة والتنمية والتحالف مع اللوبي الاقتصادي والمالي" ،مقال منشور بجريدة هسبريس، تاريخ التصفح: الأربعاء 29 أبريل 2020 على الساعة السادسة مساءا.
3-نفس المرجع السابق.
4-نفس المرجع السابق.

تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .