الرئيسية كتاب وآراء قراءة حول مشروع قانون 22.20

قراءة حول مشروع قانون 22.20

كتبه كتب في 29 أبريل 2020 - 2:20 ص

البشير الحداد الكبير – جريدى البديل السياسي:


بخصوص ما يدور في الفلك الفيسبوكي حاليا حول "مشروع قانون" 22.20"، سأبدي رأيي بكل حياد وموضوعية:
 حينما كتبت أول مقال عن كورونا باللغة الفرنسية المنشور ب"جريدة البديل السياسي"، كنت قد أشرت لنقطة مهمة أنه في الأوقات الصعبة يسهل تمرير القرارات الصعبة، لأننا في الظروف العادية لن نستطيع تمريرها، وأتذكر إحدى محاضرات أستاذنا "الدكتور عبد السلام لزرق" أطال الله في عمره، في مادة "القانون الدولي الإقتصادي" ،حيث أشار لنا لمسألة مهمة كنا بصدد الحديث عن "موضوع الشركات متعددة الجنسية" وقد قال لنا أن الدولة العميقة هي هذه الشركات.
نجد أن أعلى سلطة بالبلاد صاحب الجلالة الملك محمد السادس أعزه الله، منذ ظهور فيروس كورونا، وهو يحاول جاهدا إنقاذ المغرب من تبعاته السلبية على الشعب المغربي، إذ قرر جلالته حفظه الله، إحداث صندوق تدبير جائحة كورونا،لدعم الإقتصاد الوطني ومساعدة الفئات المعوزة والفقيرة وتجنيب فقدان مناصب الشغل ومساعدة الطاقم الطبي بإقتناء المعدات وتجهيز البنيات التحتية الملائمة لمحاربة هذا الفيروس اللعين، وبموازاة ذلك نجد تدخل رجال الدولة والجيش والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة والوقاية المدنية للوقوف بجانب الشعب لمحاربة هذا الفيروس تحت القيادة الرشيدة لجلالة الملك نصره الله.
في المقابل، نجد أن الحكومة عوض أن تبتكر الحلول الفعالة لإنقاذ المغرب من الركود الإقتصادي والتخطيط الإستراتيجي لتجنيبنا التداعيات الاجتماعية والاقتصادية ما بعد كورونا، نجدها للأسف تقدم مشروع قانون مخالف للدستور(الفصل 25) بالضبط ولباب الحريات والحقوق الأساسية عامة، والغريب في الأمر أنه من تقدم بهذا المشروع، ينتمي لحزب الإتحاد الإشتراكي، معادلة ليس لها حل أو منطق، هذا المشروع ما هو إلا تعبير للحكومة خاصة وللأحزاب عامة عن فشلها في التسيير في ظل هذه الأزمة وما بعد هذه الأزمة، ولمن أراد أن يفهم الضعف الحزبي أدعوه لقراءة مقالي السابق المعنون ب"الأحزاب السياسية بين الأمس واليوم:ماذا تغير؟"، هذا المشروع وإن كان يحمل في بعض مقتضايته محاربة دعاة الفتنة والبلبلة، فإنه يحمل في مقتضيات أخرى المساس بالحقوق والحريات، فكيف للمنطق أن يسود في هذه المعادلة، أن تقول مثلا هذا المنتوج لا يعجبني أو تقدم إنتقاد بناء للشركة حتى تطور قدراتها، ستجد نفسك في السجن، لماذا؟ ألا يعد هذا ضربا بحرية التعبير، الدستور المغربي واضح وضوح الشمس، هناك مقدسات، نعتبرها خط أحمر، لكن أن تأتي بمشروع قانون وتقول للمغاربة، لا ينبغي عليكم إنتقاد شركة معينة، فهذا عبث، على الأحزاب السياسية أن تبحث عن الحلول الناجعة لإنقاذ المغرب من تبعات فيروس كورونا، خصوصا ما بعد رفع الحجر الصحي، لا أن تصوغ نصوص لا علاقة لها بالدستور ولا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
إن جلالة الملك حفظه الله منذ إعتلائه عرش أسلافه المنعمين وهو يدعو إلى تبني منطق المقاربة التشاركية وإعتبار الشعب طرف مهم في البرامج والمشاريع، فمنذ خطاب 12 أكتوبر 1999 تبنى جلالته نصره الله مفهوما جديدا للسلطة،أتساءل ما موقع حقوق الإنسان في مشروع القانون الذي أعدته الحكومة، من خلال هذا المشروع يتبين لنا مدى تحكم أهم لوبي كما أشار إلى ذلك "الدكتور حميد النهري" أطال الله في عمره، في إحدى محاضراته "القانون الضريبي"،في القرار السياسي، وهو لوبي "إتحاد مقاولات المغرب" ، فهذا المشروع واضح وضوح الشمس من صاغه ، ليس الحكومة وإنما هذا اللوبي لحماية مصالحه الإقتصادية.
ليس هناك بلد في العالم يمنع مواطنيه من إنتقاد المنتوجات والسلع، فما محل الحكومة من الإعراب، هل تريد أن تفرض على الشعب زمان ما قبل النهضة الأوروبية أم ماذا؟ 
وفي الأخير، نقول أن هذا المشروع حتى وإن خرج لحيز الوجود، نظرا لأن الحكومة تملك الأغلبية داخل البرلمان، فسيتم الطعن فيه أمام المحكمة الدستورية.

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .