الرئيسية البديل الوطني كلمة الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال اليوم الدراسي حول ” مكافحة الابتزاز الجنسي ” يلقيها بالنيابة الدكتور محمد الخضراوي مدير المكتب الفني بمحكمة النقض

كلمة الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال اليوم الدراسي حول ” مكافحة الابتزاز الجنسي ” يلقيها بالنيابة الدكتور محمد الخضراوي مدير المكتب الفني بمحكمة النقض

كتبه كتب في 7 ديسمبر 2019 - 6:19 م

جريدة البديل السياسي :  محمد الهروالي

كلمة الرئيس الأول لمحكمة النقض الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية خلال اليوم الدراسي حول " مكافحة الابتزاز الجنسي "

يلقيها بالنيابة الدكتور محمد الخضراوي مدير المكتب الفني بمحكمة النقض الخميس 05 دجنبر 2019 بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة بالمعهد الملكي للشرطة بالقنيطرة والصلاة والسلام على سيد المرسلين وعلى آله وصحبه أجمعين الحضور الكريم؛ ​

اسمحوا لي أن أعبر لكم في مستهل هذه الكلمة عن اعتزازي بالمشاركة في هذا اليوم الدراسي التحسيسي حول موضوع ذي راهنية مجتمعية وأخلاقية كبرى ويثير الكثير من الأسئلة والإشكالات القانونية والقضائية والتقنية ويستدعي تعزيز آليات الحكامة والتنسيق والتعاون بين عدد من السلط والأجهزة والمؤسسات وطنيا ودوليا.

​ فكل الشكر والتقدير للسيد المدير العام للأمن الوطني الفاضل المحترم عبد اللطيف حموشي على هذه المبادرة المتميزة التي تعبر عن إيمان حقيقي بأهمية المقاربات التشاركية في تدبير القضايا المجتمعية الهامة والأساسية .

​والشكر موصول لكافة الشركاء والمتدخلين الذين سيتيحون لنا بفضل مداخلاتهم العملية الوازنة، وضع وتطوير آليات استراتيجية لمكافحة هذه الظواهر الإجرامية الخطيرة . السيدات والسادة؛ ​ لقد أفرز الإستخدام السيء للتطور والتقدم العلمي والتقني في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات وشبكة الانترنيت أنماطا مستحدثة من الجرائم المعقدة سواء في طرق ارتكابها أو في وسائل كشفها، وأضحت تشكل خطرا يؤرق المجتمع الدولي والوطني على حد سواء ومنها ظاهرة جرائم الابتزاز الجنسي الذي يعتمد مرتكبها على تهديد وترهيب ضحيته بنشر صور أو مواد فلمية أو تسريب معلومات سرية تخصه مقابل دفع مبالغ مالية أو استغلال الضحية للقيام بأعمال غير مشروعة.

​وهي ظاهرة بدأت للأسف الشديد تزداد بنسبها ومعدلاتها في ظل تنامي عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي والتسارع المشهود في إعداد برامج المحادثات المختلفة وضعف آليات الرقابة والضبط والتوجيه. ​ ظاهرة يصعب حصر حجمها الحقيقي بالنظر إلى أن عددا من الضحايا يستسلم لطلبات المبتز خشية الفضيحة أو التشهير بل ومنهم وصل إلى درجة اليأس وأقدم على إيذاء نفسه أو حاول الانتحار ووضع حد لحياته بدلا من تقديم شكاية ومواجهة من يريد ابتزازه وتهديده. ​وهي أيضا جريمة لم يسلم من مخاطرها فئة عمرية أو شريحة اجتماعية معينة أو بلد معين بل تتجاوز في عدد من الحالات الحدود الوطنية حيث يتورط في ارتكابها طرف أجنبي مما يعقد عملية البحث وجمع الأدلة وتعقب الفاعلين ومحاكمتهم. ​ كل هذا يجعلنا أمام وضع يسائل منظومتنا الحمائية في جوانبها التشريعية والقضائية والأمنية والتقنية وكذا الأسرية والإعلامية والتربوية ويطالبنا بضرورة تشخيص موضوعي لهذه الظاهرة ودراسة دقيقة للتطور الذي تعرفه آلياتها وتحديد مكامن الضعف والخلل في بنيتنا وتدابيرنا المرصودة للوقاية من هذه الجريمة والكشف عن مرتكبيها وردعهم. ​ إننا اليوم أمام تحدي تكريس الأمن المجتمعي في بعده الأخلاقي والرقمي والحقوقي، وهو ما يقتضي منا مواجهة هذه الجرائم بالتعبئة الشاملة لكل مواردنا وقدراتنا في إطار مخطط استراتيجي متكامل محدد الأولويات واضح الرؤية ودقيق الأهداف.

الحضور الكريم؛ ​إن السلطة القضائية اليوم ومن موقعها الدستوري والتزاماتها القانونية والأخلاقية عملت على تكريس الأمن القضائي في مفهومه الواسع من خلال مواجهة الآثار السلبية للاستعمال السيء لتكنولوجيا المعلومات وللأنظمة " الذكية " وذلك من خلال مجموعة من الآليات والمداخيل. ​وهذا يبدو جليا من خلال العديد من الإجراءات والقرارات والأحكام والإجتهادات التي استند فيها قضاتنا على حجج مستمدة من وسائل الإتصال الحديثة، محاولين من خلال هذا التوجه سد الطريق على مرتكبي جرائم الإبتزاز وإصدار عقوبات ملائمة رادعة في حقهم. ​ وهو توجه قضائي سيتم إبراز بعض جوانبه وأبعاده خلال الجلسة العلمية لهذا اللقاء ويعكس مدى انفتاح السلطة القضائية واجتهادها الخلاق من أجل سد كل الثغرات حتى لا يفلت الجناة من العقاب.

​والأكيد أنه لا بد من بذل المزيد من الجهود على مستوى تكوين كل المكلفين بإنفاذ القانون لتحسيسهم بخطورة هذا النوع من الجرائم وكذا تدريبهم على آخر تقنيات البحث والتحري والتحقيق والمحاكمة التي يكون موضوعها مرتبطا بالتكنولوجيات الجديدة ووسائل التواصل الحديثة. ​ وهنا لا بد من التذكير بأن جل لقاءاتنا الدولية مع مختلف التجارب القضائية الرائدة نعمل من خلالها على تطوير قدرات قضاتنا ومعارفهم لمكافحة هذه الظواهر الإجرامية الجديدة. ​كما لا يجب إغفال ضرورة تشجيع المواطنين على التواصل مع مراكز تلقي الشكايات المخصصة لهذا الغرض وتوفير كل الضمانات لهم من أجل حماية خصوصيتهم وأسرارهم التي تكون في الأصل موضوع تهديد وابتزاز.

​والأكيد أن نصوصنا الجزائية سواء منها المسطرية أو الموضوعية – والتي تعتبر أساس الحماية القانونية لحقوق الأفراد وحرياتهم – يجب أن تراجع بشكل يجعلها تواكب كل هذه المتغيرات المتسارعة التي يعرفها العالم في مجال الإجرام الإلكتروني وخاصة منه الإبتزاز الجنسي، مع جعل ذلك ضمن أولويات السياسة الجنائية التي يجب أن تحرص على ضمان الأمن الأخلاقي وتحقق الإستقرار الإجتماعي والثقة الرقمية لمستعملي وسائل التواصل الحديثة.

​كما يجب الالتفات إلى معطى مهم وأساسي ويتمثل في كون عمليات الرصد، أوضحت أن عددا من القضايا يكون أحد أطرافها أجنبيا سواء كضحية أو فاعل مما يحرك آليات التعاون الأمني والقضائي الدولي التي يجب اليوم الإنكباب على تطويرها وحل كافة المشاكل التي تثيرها سواء على مستوى الفعالية أو التنسيق أو النجاعة. ​لقد أصبح الإجرام العابر للدول واليوم بفضل العولمة والتقدم التكنولوجي يفرض علينا أيضا عولمة الحلول وتوحيد الجهود وطنيا ودوليا من أجل استتباب الأمن ومواجهة ظاهرة الإفلات من العقاب

 

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .