الرئيسية ضيف البديل جهاد النفس ذ: أكرم قروع

جهاد النفس ذ: أكرم قروع

كتبه كتب في 22 نوفمبر 2019 - 10:31 م

جريدة البديل السياسي : ذ  : أكرم قروع

ان النفس البشرية قوية ومتسلطة على الانسان وأمارة بالسوء، فهي لا تتوانى في دفعه الى المهالك والضلال. وكلما تبعها وسار خلفها الا وازداد ضلالا وبعدا عن رحمة الله تعالى. فكل ما يفعله الانسان من مخالفات لأوامر الله وهو يعلم ذلك، مرجعه الى النفس الإنسانية، ويتصاعد أمر النفس بالسوء كلما وجدت صاحبها يجري وراءها مسلسلا بقيودها، حتى يصل الى أعلى درجات السوء والفحش، وهو سوء الضن بالله. وللنفس أمراض كثيرة يمكن أن نذكر منها باختصار ما يلي:

1/الحقد والحسد: -ان الانسان الحقود لا يرى الا ذاته، ولا يهمه سوى مصلحته الشخصية، والمهم عنده أن يحقق مصالحه ولو على حساب الاخرين. فاذا رأى نعمة من نعم الله على انسان اخر تمنى زوالها عنه، ويريد أن يأخذها لنفسه ان استطاع. وفي بعض الأحيان يمكن أن يرتكب أبشع الجرائم لتحقيق مطامعه. وهذا ما يتناقض مع قول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام:” لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه‟.

2/الكسل والحرص الزائد: -والكسل يورث الغفلة ويحبط الهمم والعزائم. فالإنسان الكسول عن أداء واجباته دائما ما يكون هو الانسان الذليل الخاضع الذي لا يستطيع أن يرفع رأسه بين أقرانه وأهله. أما فيما يخص الحرص الزائد فكثيرا ما تسوق النفس صاحبها رغبة في التلذذ بالنعيم الفاني، وتلح عليه لينال من المادة. والمادة اما أن تكون جسدية أو مالية، فيميل الى الأولى عن طريق العلاقات المحرمة، ويميل الى الثانية بالسرقة والنهب، أو باكتسابها عن طريق غير مشروع، أو بكنزها ومنع زكاتها. وكل واحدة من هذه الأفعال عقوبتها في الدنيا وكذلك في الاخرة يوم لا ينفع مال ولا بنين الا من أتى الله بقلب سليم. -وهكذا نرى أن كل ما يقع فيه الانسان من أخطاء يكون بسبب ما تمليه عليه نفسه من وساوس وأفكار مهلكة، فيخسر ذلك في الدنيا والاخرة. ومن وساوس النفس أيضا نجد البخل، وسوء الخلق، والكذب والرياء، والطمع والغرور، ومنها أيضا الميل الى العبث واللهو وغير ذلك.

3/ترويض النفس: -المفروض على كل مسلم أن يروض نفسه ويربيها حتى تهدأ، فيكون المرء عبدا خالصا لله تعالى، يستطيع أن يجاهد أعداءه وأعداء الإسلام. خاصة في عصرنا المادي الذي تكالبت فيه الدنيا على الإسلام. فالإنسان الذي يسير وراء مطامع نفسه انسان ضائع لا يستطيع أن يدافع عن الإسلام، ولا يمكن أبدا أن يساهم في نهوض الامة. -ومن أراد أن يجاهد نفسه فعليه بالقران والسنة النبوية الصحيحة. فالقران راحة للقلوب والابدان، وهو الذي يكمل للإنسان انسانيته إذا اهتدى بهديه وسار على نوره.

ولا نجاة للبشرية جمعاء الا بالرجوع الى ربها والعمل بالكتاب والسنة.

4/تربية النفس بالصبر: -يعتبر الصبر أول طريق لترويض النفس وتهذيبها على الاخلاق الحميدة. فلقد أمر الله عباده بالصبر والتقوى حتى يتغلبوا على شتى الابتلاءات. والصبر هو دليل الايمان بالقضاء والقدر، وبحكمة الله وارادته. فالجزع في حال الشدة يعتبر عدم رضى بقدر الله، لذا كان الصبر عند الصدمة الأولى. -ونجد في الصبر العفة التي يتحلى بها المؤمن وترفعه عن كل الدنايا، والصوم ما هو الا نوع من أنواع الصبر، وهو صبر على تناول اللذات مما يشتهيه البطن والفرج. والنفس تدعو صاحبها الى هذه الشهوات، التي كلما استجاب اليها الانسان الا وزاد تماديا فيها.

5/تربية النفس بالمراقبة: -وهي مراقبة الله عز وجل في السر والعلن قصد ردع النفس وكبح جماحها.

لذا قرن الله تعالى التقوى بالصبر. فالتقوى هنا هي المراقبة، وهي الضمير الحي الذي يراقب ربه فيزن الأمور بميزان دقيق لا يبعد عن الصواب. وهي كذلك استحضار عظمة الله وقوته في القلب، وذلك بالخوف من وعيده وانتقامه، والاستحياء منه إزاء ما أكرم به علينا من نعم لا تعد ولا تحصى.

-وفي الأخير نسأل الله تعالى أن يوفقنا وسائر المسلمين والمسلمات الى ما فيه الخير، ونعوذ بالله من شر النفس الأمارة بالسوء. ربنا لا تجعلنا من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا. وإلى لقاء آخر إن شاء الله.

Karrouhakram@gmail.com

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .