الرئيسية ضيف البديل  خـــــــاطـــرة عــــن  زيــــــارة    … :   بقلم ذ.محمادي راسي 

 خـــــــاطـــرة عــــن  زيــــــارة    … :   بقلم ذ.محمادي راسي 

كتبه كتب في 18 سبتمبر 2019 - 1:04 ص

 

جريدة البديل السياسي :     /    بقلم ذ.محمادي راسي   

خـــــــاطـــرة عــــن  زيــــــارة  

   

                               

               &&&&&&&&&&&&&&&&      

                صباح هذا اليوم خامس عشر شتمبر 2019م توجهت إلى ثيزرث بعد أخذ جميع المستلزمات وشراء ما يلزم في وجبة الغداء والشطيرة أو العصرونية والعشاء ، في اتجاهي  إليها عاينت حفرا في الطريق، ومياها كانت عبارة عن برك مائية راكدة من جراء فيضان اليم ، بسبب الرمال التي نهبت في القرن الماضي وبداية هذا القرن ،والتي  كانت تقف كسد منيع وحاجز متين يتجليان في الكثبان العالية والسور المكون من الحلزونيات والصدفيات والمحارات واليراميع.

                      عند باب الولوج إلى ثيزرت بعده بقليل ، تآكل الطريق  حفرته مياه البحر التي وصلت إلى البحيرة الصغيرة بفعل  قوة الرياح الشرقية وتواجد المنافذ ، وخصوصا خلال الأيام المنصرمة التي عرفت عواصف وفيضانات بسبب مرور "دانا " التي ألحقت خسائر فادحة؛ مادية وبشرية ولم تشهد إسبانيا مثل هذه الأمطار  منذ مائة وستين عاما كما صرح بعض الإسبانيين بذلك ، وكذلك بالنسبة لبلدنا ما عرفته تارودانت والراشدية وغيرهما من الجهات من فيضان الأنهار، وغزارة الأمطار التي تسببت في خسائر مادية وبشرية،  ومن خلال هذا المنبر أقدم أحر التعازي إلى جميع الأسر التي فقدت بعضا من أفراد أهلها وأسرها وعائلاتها ، وأرجو الصبر للمنكوبين والمكلومين ، ولكن ؛ على الدولة أن تقوم بواجبها بتعويض الذين تعرضوا للضرر والخسائر والضياع والتلف ، ولا بد من التضامن والتعاون والتكافل، وتقديم المساعدات المعنوية والمادية والعينية  من طرف المواطنين والمحسنين ، ولا مراد لقضاء الله ، والأنهار لابد أن ترجع إلى مسالكها القديمة لذا يلزم الحذر واليقظة قبل وقوع الكوارث والفيضانات الشبيهة بالطوفان .    

             ألح والله يحب العبد الملحاح ،والمؤمن القوي خير من المؤمن الضعيف ،على أن يصلح ويعبد طريق ثيزرث  الذي هو من وسائل التواصل للتغلب على التهميش والإقصاء، ونحن مقبلون على فصل الخريف وفصل الشتاء ، وبتقلب المناخ ، عشنا أياما كأننا في خريف أو شتاء ونحن ما زلنا في فصل الصيف ، إننا في القرن الواحد والعشرين وما زالت الساكنة تعاني من عدة مشاكل وتفتقر إلى الكماليات؛ من ماء/ تقوية إنارة الأحياء / تزويد الطريق بالكهرباء ما دامت الأعمدة موجودة على امتداده    / خط للحافلات لتسهيل كلفة المواصلات المكلفة عن طريق سيارات الأجرة الصغيرة /مستوصف وقسم للمستعجلات / دار المرأة / /إعدادية / سوق للتبضع/ ميناء صغير للصيادين/ قصد التخفيف من صعوبات الخروج إلى البحر والرجوع إلى البر بالنسبة للقوارب الراسية فوق الرمال ، وأحيانا تجرها مياه البحر حينما تهب الرياح الشرقية القوية ، ومخبزة ما دام الكهرباء موجودا وغيرها من المتطلبات الضرورية التي تحتاج إليها الساكنة ،لأن ثيزرث اليوم المزودة حديثا بالإنارة ،تشبه  المولود الجديد الذي هو في مرحلة التكوين والنشوء والنمو …ولكن لها أزيد من قرن منذ أن وجد بها السكان، وهي حديثة العهد جغرافيا ظهرت نتيجة حدث جغرافي ، لا نريد أن تهمش هذه الجوهرة بموقعها الجميل سياحيا، وتربتها الخصبة فلاحيا ، وبخيراتها الثمينة بحريا ،واعتدال جوها على مدار السنة تقريبا ، هي مصدر رزق وعيش للساكنة، وقبلة للمصطافين والسياح، ومتنفس من حيث التنزه والترويح والاستجمام لأهل بني انصار وغيرهم صيفا، يلزم وينبغي تشجيع شباب ثيزرث وبني انصار العاطل عن العمل  على إقامة أكشاك ومقاه صغيرة ،ودكاكين لبيع المواد الغذائية ،أفضل من التسكع في الشوارع والجلوس في المقاهي ، إن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة، ولا بد من البحث عن عمل شريف نظيف ملتزم بعيد عن الشبهات …        

                 تهت مع هموم ومشاكل ثيزرث التي هي ليست وليدة هذا اليوم، وإنما ترجع إلى بداية القرن الماضي ،الظلام / شظف العيش / غياب وسائل النقل  / التهميش وما زالت …/ عدم تفقد أهلها في الفياضانات السابقة من طرف المسؤولين كما حدث في القرن الماضي / الصيد ذلك العمل الشاق بالمجاديف  بدون محركات كاليوم …صيفا وشتاء خريفا وربيعا .ولكن رغم المشاكل كانت أعراس" ثيزرث " جميلة تقام في جو عائلي ؛ فيها تكافل وتعاون وتآزر وإيثار ،  فيها فرحة وفرجة لطرد الرتوب والكربة، وتستغرق أسابيع كأن الساكنة في مهرجانات فلكلورية متنوعة ، تردد فيها أغاني شعبية ؛ "أشظيح/ إزران / رغنوج / أمداح / زغاريد / أقلوز / …" إلى جانب البساطة والتواضع والصبر لا تعبأ بالموضات ولا بالكماليات                   .                                                  

             أجل هذا الصباح كانت السماء كثيفة السحب، رياح شرقية قوية ، من بقايا تقلبات الجو المنصرمة المضطربة ، عزمت على المشي لاستكشاف الأمكنة غير المعروفة ، واستثمار المكان ،وقتل الزمان ـــ كما يردد جميع الناس ـــ  أوتجزية الوقت …، وإن كان الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك، سرت والشاطئ في ضباب أقوى من السراب، وكأنني في مدينة الضباب في تلك اللحظات ، لا أرى ما هو بعيد ، ممارسو رياضة المشي لا يبدو لهم أثر ،يظهرون كأشباح ، البحر مزمئج مزبد مزمجر علاجيمة عالية عاتية ولكنها تفنى في الرمال، تلكم المناظر من  سنن وحكم الطبيعة وقوانينها ، خفت وأنا أسير في ضباب وهيجان من أن يبتلعني اليم ، في هذه اللحظات كنت أفكر في عظمة الله التي تتجلى فيما خلقه من أصغر الأشياء إلى أكبرها وأعظمها وأضخمها .                                    

                      كان الشاطئ خاويا موحشا غريبا ، بصخبه وغضبه  لفظ قوارير وعلبا وأخشابا وصدفات ومحارات ويراميع وأعشابا نباتية مختلفة الأشكال والألوان ، استأصلها  من أحشائه ، وكنت أخاف أن يلفظ جثث المهاجرين المغامرين، لذلك قفلت أعدو الرهقى في مشيتي من شدة الذعر ، كما محا أخبية أقامها  بعض أهل ثيزرث خلال هذا الصيف للمصطافين ،تقيهم من حرارة القيظ وضربة الشمس ، ولم يبق منها إلا الأوتاد الخشبية والحديدية والأسلاك والحبال التي كانت تشد بها تلك الأخبية .

                       في تلك اللحظات كنت أوجل من أن يحدث تسونامي وأنا كحشرة أقل من بعوضة أو ناموس  أو كنقطة من ماء الطغم ، لا حول لي ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، طفقت أتلو  بعض السور ، بعد أن كنت أناجي البحر كأنني شاعر مفلق ، أو أديب مبدع ،أو فيلسوف ألمعيّ بارع  ، أو نطاسيّ حاذق ، أو عاشق تائه ولهان من شدة الوجد ، وتارة أهذي كالممسوس ، وتارة كأني في لحظة تعبدية  تصوفية روحانية ، وتارة أردد أبياتا شعرية من روائع الشعر لكبار الشعراء قيلت في البحر ، وما تغنى به المغنون ، كما كنت أخاف من أن يحدث الطوفان وما وقع لابن سيدنا نوح عليه السلام.                                                       

                        اســـتنتـــاج وانــــطبـــاع 

                       &&&&&&&&&&&&

1) هذه الزيارة كانت لأجل صلة الرحم التي  توصي بها الشريعة الإسلامية ،ومعرفة أحوال الأهل الصحية والاقتصادية والاجتماعية والنفسية ، وخصوصا في أيام عاشوراء لاستخراج الزكاة على الفقراء والمساكين والأهل .

2) بها عرفت حالة الطريق السيئة؛ لذا على المسؤولين إصلاح وتعبيد الطريق لفك العزلة عن ثيزرث البريئة المهجورة قرحة ، تكون سبب الحرقة  والعزلة والتألم والقرحة ، والمحبوبة صيفا تكون في حالة الخيلاء والتعجرف والانشراح والنزهة والفرجة والفرحة . 

3) حالة  الساحل المخيفة من جراء فيضان الطغم  الذي سيبتلع كل ثيزيرث وغيرها، لذا لابد من إقامة حواجز على شكل كثبان رملية ، كما صنعت الساكنة سابقا في بداية هذا القرن ، لأن الكثبان الرملية تعرضت للنهب ..؟؟؟ ونطلب من الله أن يحفظ الجميع من كل شر ومكروه في مشارق الأرض ومغاربها .

4)هي إيمان بعظمة الله والتفكير  فيما خلقه وأبدعه، ورحلة تربوية فيها   تعرف وتعارف واحترام وحوار واستماع لأفراد العائلة بعد غياب طويل .

5) الطبيعة في جميع أحوالها هي دروس وعبر في الحياة ومصدر إبداع وإلهام واختراع ، وفي نفس الوقت خوف من ظواهرها المختلفة بين السلب والإيجاب وهذه من سنن الطبيعة .

6) في عصرنا هذا أخذت روابط الأسرة  تتلاشى وتنعدم من جراء سلوكات فيها تعجرف وهجر وأنانية وأسباب تافهة ، نلاحظها في الأعراس والمناسبات والأفراح وحتى في  الأتراح ، هذه السلوكات ناتجة عن تأثر بعض العائلات بالمسلسلات التافهة التي لا تخدم الإنسانية بنشر الرحمة والتوعية وروح التعاون وزرع الحب بين الناس وفعل الخير ….. 

7) كما نقوم برحلات ترويحية مع عائلتنا إلى أماكن بعيدة   ،كذلك يلزم زيارة الأهل ـــ بين آونة وأخرى ــــ وتفقد المرضى وذوي الاحتياجات ،والأخذ بيد المعوزين والفقراء والمساكين، وكذا الذين فقدوا جميع أفراد الأسرة وليس لهم مساعد ومساند ، إننا أحيانا نبالغ وندعي التطور والتحضر،ونتباهى ونفتخر وو … ولكننا نفتقر إلى الأخلاق والتواضع والقول الجميل والإيثار والاهتمام بالآخر  ومساعدة الضعيف ووو….ودائما استحضر قول ولي الدين يكن ؛

سادتي إن في الوجود نفوسا /// ظلمتها الأقدار ظلما شديدا 

هي تشقى من غير ذنب جنته /// ولكم مذنب يعيش سعيدا .

وختاما للتخفيف وتجنب الجفاء والهجر والخصام والخلافات والقيل والقال  ،ومن أجل صلة الرحم ؛علينا أن نستأنس بالمثل القديم  

"زر غبا تزدد حبا " .

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .