الرئيسية سـياسـيات اخصاء العقل السياسي المغربي

اخصاء العقل السياسي المغربي

كتبه كتب في 4 سبتمبر 2019 - 11:59 م

جريدة البديل السياسي :                  اخصاء العقل السياسي المغربي/

 

مع اقتراب الكرنفال الانتخابي يبقى هاجس المقاطعة و الإعراض عن صناديق الاقتراع اهم ما يقض مضجع المتحكمين في المشهد السياسي المغربي، فما الذي يمنع المغاربة من الانتخاب؟ و ماهي اسباب العزوف السياسي؟

إن تراجع المصداقية في الخطاب و الممارسة السياسية و زيف " النزاهة" التي تؤثت لغة السياسي أثناء الزمن الانتخابي هي من جملة الاسباب التي يكتفي فيها المواطن بموقع المتفرج السلبي.

إن قناعة المواطنين بعبثية الانتخابات راجع بالاساس الى غياب تأثير أصواتهم على مناحي حياتهم اليومية مادام أصحاب السلطة الحقيقين لا تفرزهم صناديق الاقتراع وهذا ما يحيلنا مباشرة الى سؤال جوهري :من يصنع القرار السياسي بالمغرب؟ بمعنى اخر من المسؤول عن حياكة اللعبة السياسية ؟

إن الاحزاب المغربية اصبحت برامجها نمطية ومتشابهة فقد صار الكل يهتف بشعار الديمقراطية الاجتماعية و محاربة الفساد و الكل يوظف المقدس في العملية الانتخابية و الكل يهتف بالمبادئ التي تذغذغ شعور الطبقات الكادحة فقد نجح مهندس اللحظة السياسية في تدجين الاحزاب و أدخلها الى معطفه الناعم و بهذا أصبح العقل السياسي المؤطر للفعل الحزبي مفلسا و لم يعد قادرا على الانتاج و على تحديد رؤاه و ملامحه الاساسية الشيء الذي أدى الى خصاء فكري و عقم سياسي ،و نتيجة لهذا الوضع صار "الثقافي" آخر انشغالات الاحزاب و صار المناضل المثقف مقصيا في الظل يتذكره مالكو وسائل الانتاج و الاكراه الحزبي بشكل مناسباتي فقط من أجل تأثيت التظاهرات التي يستثمر فيها "الثقافي" لتحقيق اهداف " السياسي" وبهذا دخل العقل السياسي مرحلة متقدمة من الموت السريري.

[]  

إن التصويت كسلوك انتخابي تتحكم فيه معايير العقل الجمعي و بصمات التنشئة الاجتماعية و الانتماء الاثنوغرافي دون اغفال الاغراءات المادية التي تنتعش في مجتمع الفقر و كلها عناصر فاعلة في اللعبة الانتخابية التي يسعى من خلالها المرشح إثراء رأسماله المادي والرمزي و حيازة مكانة أفضل في النسيج السوسيوسياسي و ليتحرر من أوضاع مأزقية و يواصل التألق في سماوات المخزن و القبائل الحزبية وهذا يظهر جليا في جيوش الراغبين في دخول غمار هذه الحروب بوعي سياسي هش الشيء الذي أفقد الصناديق عذريتها فأصبحت تستباح باسم الديموقراطية  في غياب عقل سياسي عقلاني ،ما يكرس لامتناع انتخابي  ينعكس سلبا على قانونية المؤسسات لعدم انبثاقها من أغلبية شرعية.

إن واقع العزوف السياسي في المغرب يحمل من التعقيد ما يستعصي معه الحل ،عزوف مبني على فقدان المؤسسات السياسية لمصداقيتها ولا حل غير اعادة بناء الثقة للمواطنين لتنخرط النخبة المكونة و المؤهلة و النزيهة التي تترك بامتناعها المجال للضحالة التي لا يهمها إلا خدمة مصالحها الخاصة وحتى لا تصبح "الديموقراطية" و "الحداثة" و "حقوق الانسان" و"التنمية المستدامة"و "الحكامة" وغيرها مجرد مفاهيم تؤطر فقط لخطاب رسمي يرجى منه تعطيل العقول ،فمن الواجب على جميع الاحزاب تجديد عروضها الانتخابية و التي يجب أن تصب حول محاربة الاغتراب السياسي الذي يعيشه المواطن جراء الاقصاء والتهميش الذي يعانيه وحتى لا يحس المواطن بأن مشاكله اليومية والاجتماعية  في واد و الحياة السياسية و الانتخابية في واد اخر وجب على المؤسسات تقديم حلول ملموسة وعملية تتحقق من خلالها الكرامة في العيش و الكرامة في المواطنة الحقة.   

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .