الرئيسية كتاب وآراء من وحي الصيف…أجسام وأجساد فوق الضفير وأسماء وأشياء أخرى!!

من وحي الصيف…أجسام وأجساد فوق الضفير وأسماء وأشياء أخرى!!

كتبه كتب في 3 سبتمبر 2019 - 12:15 ص

بقلم ذ.محمادي راسي-جريدة البديل السياسي:

                            فوق الضفير من شروق الشمس إلى غروبها ، يولد النهار  بضوئه الناصع ، رمز الحرية والتفتح والتجدد والانفتاح والاستيقاظ والاستقبال  والعمل  ، بعد انجلاء الليل الذي هو رمز للاستسلام والانقياد والانصياع والسكينة والاستراحة والنوم ،كما أنه رمز للانغلاق والكسل والجهل بسبب الغسق الدامس الذي يشل الحركة ،والحلكة التي تعمي البصيرة والقلوب ،والغبسة  التي تحجب الرؤية ويصاب الإنسان بالعمه والغمى واليهم ، والغبشة التي تقتل البصر وعلم النظر ، لا يكفي نور القمر والأضواء الكهربائية لمحاربة الظلام المرادف للجهل المطبق والعدم والموت …..

                                    فجر مبتسم فرح بمقدم اليوح القانية الخجولة الطالعة البازغة ،وهي بزيعة بجمالها وسحرها ،وقد جرى لونها على أديم اليم الذي تأثر بوسامة الشمس التي يرعاها كلما  حل النهار ، ويشقى عندما تغيب، يبقى يتيما وحيدا مضيعا  في الليل البهيم ،لا يرى بدوره أي شيء ، فيرتخش ويهيج ،ولكن أحيانا  يطمئن لنور القمر الغر ،لأنه في الليلة الظلماء يفتقد البدر، كما قال الشاعر قديما مفتخرا بنفسه ….

                        الغزالة ارتفعت  في الضحى فمزن وجهها في يوم مصح ناصع  صاف صائف ، لا تشوبه شائبة من الغمائم ،وافتر البحر عن مثل حب الغمام، فترقرق ماؤه اللجيني الناصع الذي أثرت فيه أشعة الشمس الصباحية ،جعلته يضحك ويبتسم  ،وما المويجات الراقصات إلا دليل على  الحبور والسرور ،بسبب الانفراج وظهور خيوط الضوء.المنقذة من الغي والضلال  …..

                       فوق الضفير رمال ناعمة  ، ومحارات متراكمة  جامدة ولكنها متلألئة ، تبدو حية كأنها تغمز بلمعانها إلى المارين والجالسين والفضاء والكون بأسره ، ونوارس وحشرات وأشجار وحيوانات وأجساد متحركة ؛ترقص موانحة  على وهوهة الأمواج المتدفقة ،كالسابحات في  مجال السبق والمضمار ،ودائمة الحركة ولكنها تفنى في جدد الجد في نهاية المطاف ….

                        البحر هو الشعر والقصيدة والتاريخ والملاحة والعبور ،بضفافه  يحمل ثقافات متعددة ،ثقافة شمالية وجنوبية ،  وشرقية وغربية وتيارات فكرية وسياسية ،وحركا ت  تجارية واقتصادية ، كل ما في البحر جميل ،يجعلك رغما على أنفك أن تكون رومانسيا متأملا شكله ،وعمقه وعرضه وطوله ،وما في أعماقه من أسرار وجثث  ومن سفن غرقت ،وطائرات تحطمت ، وفي بحرنا بالقرب من الميناء بقايا لسفينة منذ 1927م، وسقوط طائرتين  على الضفير بالقرب من" بورسوض" ،وأخرى بالقرب من بوقانا على ما يرويه بعض القاطنين القدائم الأحياء والذين عاينوا الحوادث والأحداث …..وفي السفينة المذكورة قالت لي  راوية مسنة وهي من الأسرة  هذه الأبيات  بالريفية ؛ قائلها مجهول ،وأظن أن الباحثين  في الأمازيغية لا يتوفرون على مثل هذه القصائد القديمة ،لأنهم بعيدون كل البعد عن البحث الميداني  ، يذهبون إلى البحث عن الأمازيغية في الدول الغربية التي لا تعرف حتى تراثها ، وماذا تنتظر من فاقد الشيء  ….؟؟.فالباحث يكون في هذه الحالة  كذليل عاذ بقرملة ،وغير ملم بأمور بسيطة  من محيطه ومسقط رأسه ، يذهب بعيدا متشدقا بإدعائه :نحن  علماء الأنطربولوجيية والأركولوجية  والفيلولوجية  … وغيرها من الضبابولوجية والأكذبولوجية ،ويستعرض أسماء المراجع والأعلام ……وهو لا يعرف  ولو بيتا  شعريا بالريفية له علاقة بالتاريخ والأحداث و له ارتباط بالزمان والمكان ؟؟؟.

:"إسوضد  أو سميض

 يمخروض  ذي  ربحار

يندرد  أغربو  

 أ فرينا     ثخسار

رحكند  غرس  يوذان

عذرنس  أعمار

أكنتث   ذيثفقونت

شا  ينوا  شا  يدر

ثنغا أرقبطان

ثرترف ذرعسكر

يسكد  غرس  أرمخزن

يناس أود أتنزار ".

                             على الرمال أجساد تتحرك وترقص، وتتمايل  تكاد أن تكون عارية ، في خلاعة وفي وضعية مخلة مخجلة مخدشة ، شيشة وخمر وحشيشة ، ليل نهار ، أمام المصطافين فما على هؤلاء إلا الرحيل ، بسبب الزهو والتعجرف والرعونة ،وإثبات الذات بالفوضى الصادرة عن بعض المراهقين المجانين الذين يفضلون الإباحية والمشايعة والمثلية التي تشجعها بعض الدول الغربية التي طفقت في الانهيار والاحتضار؛ أخلاقيا وحضاريا وثقافيا ، إنها  اليوم تعاني الكثير حيث لا تستطيع ضبط هذه الموجات والظواهر الغربية  الغريبة التي لا صلة لها بالإنسانية ،ومن أهدافها السياحية؛ الجنس / المخدرات / الخمرة /الفوضى / الاعتداء /…،هل في  هذه التوجهات حقوق  و حرية وحضارة وإنسانية …اا؟

                                بالأمس كان الشاطئ عبارة عن ملعب لكرة القدم ،لقد حفظنا بعض الأسماء عن ظهر قلب لبعض اللاعبين المشهورين ببني انصار ،وغيرها من أسماء أخرى  غابت  عنا  ،  كانت تتردد على الشاطئ  يوم كان  الإقبال عليه ضئيلا ،  إنه" شاطئ الغائبين "، يوم كان الناس محافظين هادئين ،لا شيشة ولا حشيشة ولا دوليو ولا أقراص مهلوسة ،ولا جيت سكي …. تلك الأسماء التي حفظناها ضاعت  ،وتلك الأيام لن تعود أبدا ، وحصل لنا ما حصل للشاعر الإسباني  غوستابو  أدولفو  بيكير وهو يتحدث عن السنونو تلك الطيور المهاجرة يتساءل :"هل ستعود لتعلق أعشاشها في شرفتك ؟ "ثم أجاب عن السؤال الذي طرحه :"تلك التي حفظت أسماءنا لن  تعود" …أجاب بالنفي والقطع .

                  ماذا سيضيع منا وماذا سيكلفنا لو جعلنا سواحلنا في فصل الصيف ؛ مجالات للرياضة في مختلف الرياضات قصد الترفيه ،؟ ومجالات لتجاذب أطراف الحديث في مختلف القضايا ، والقيام بالتنشيط والتسلية للترويح ،بدلا من استفزاز المصطافين بسلوك غير أخلاقي فيه تحرش وتربص ؛ ينتهي بالشجار والاغتصاب  والإجرام ،  ؟؟؟ ، " من يهزم رغباته أشجع ممن يهزم أعداءه ،لأن أصعب انتصار هو  الانتصار على الذات "، قولة قديمة لأرسطو ، ولكنها حكمة جميلة لها أهداف تربوية جمة، لأنها نابعة من فيلسوف حكيم عانى الكثير  .. إننا نلوث الطبيعة الجميلة قولا وعملا وفعلا وسلوكا ،علاوة على تلويث المدينة والأماكن والأحياء ،إننا نقتل الطبيعة والمدينة والقرية والأحياء ، ونحن لا نشعر؛ بدعوى أننا سعداء وأحرار وعلى صواب وحق بما نقوم به من تصرفات مرفوضة غير إنسانية ….

               من ضوضاء المدينة إلى ضوضاء الشاطئ الطافح بالمستجمين ، الازدحام / الاكتظاظ  ، رغم أن الريف رحب ،حتى  السباحة تشوبها مضايقات منبعثة من ممارسي رياضة جيت سكي بطرق فوضوية ،وبدون رخص يقتربون من العائمين ، لذلك أحيانا تحدث حوادث خطيرة قد تؤدي إلى الغرق وتفضي إلى الموت ،بسبب زهوهم وتعجرفهم …..

                      في حضن السراب ؛الأجسام والأجساد وغيرها ، تبدو كأشباح أو كحشرات ، وأحيانا يستر /بخداع الحواس / فضائح تمارس في واضحة النهار ، والشمس في كبد السماء  ، يمر النهار بين القلق والهدوء بين الحزن والفرح ، وحينما يقترب الأصيل والرحيل ، يبدو العياء والنصب والندم ،تقترب  الشمس من الغروب فتحمر خجلا مما رأته من مناظر مشينة ،وتصرفات هوجاء رعناء .

                     يبقى الضفير مكانا للعشاق والعلاقات  الحميمية والتعارف  والراحة ،ويمه بأصوات أمواجه السرمدية باعثا على الرومانسية والتدبر ،وقراءة "تيلاباتيا " أي أفكار الآخرين ،ثم مكانا للتعبد والتدبر والإصغاء  إلى سيمفونيات البحر التي تنتقل بروحك إلى سدرة المنتهى ،أو كأنك في رياضة اليوغا  ، والجسم ثابت  ملتصق   برمال الشط ، لا يتحرك  كجثة هامدة ، ولكن يأتي الطفيلي الفضولي الفوضوي الملوث فيكسر ذلك السكون والسكوت والهدوء ،بأصواته وحركاته ذلكم هو الشاب الجديد  الدعبب  الدعبوب ، فما عليك إلا بالرحيل إلى مكان آخر،أو أن تقبع في منزلك وذلك أفضل وأجدى وأنجع وانفع …..وعلى المصطافين اليقظة والحذر من بعض النظارات الشمسية لأنها تحمل عدسة صغيرة لتصوير الأجساد ..كما يحصل في شواطئ الدول الغربية …..

                   إن الإنسان يبحث عن أماكن الراحة لنسيان الهموم ،ويتردد على مواطن الهدوء للتنزه  قصد الترويح عن النفس ،وأحيانا لا يجد ما يبحث عنه  ؛ لا في البيت من كثرة المشاكل النفسية والمادية ،   ولا في الطبيعة من جراء الثقافة الجديدة الفاسقة الفاجرة الملوثة الصادرة عن الدعابيب الدعابيس الدعابيث ،وأبناء قابعاء وقبعة الجالسين في الحديقة ، لتناول الشيشة وإزعاج السكان ،والتحرش بالفتيات والنساء،وتمدهم بعض المقاهي التي هي ملاه أو علب ليلية بالكراسي إلى الثالثة صباحا …فمن هو المرخص لهذا النوع من التجارة….؟؟؟ااا.  

                     الصيف فرصة للتواصل والحوار بين الأصدقاء في شتى الميادين ، قي المقاهي وأماكن الاصطياف والاستجمام ، وفرصة لاستقبال الأسر الوافدة من أطراف الوطن ومن خارجه ،لتجديد صلة الرحم وأواصر القرابة ،  ويعقد كل سنة اليوم الوطني للمهاجر في عاشر غشت من طرف بعض المؤسسات ، للاهتمام بالمهاجر الذي يكون بعيدا عن داره ووطنه ، وصدفة نلتقي بتلامذتنا بعد غياب طويل نسينا حتى أسماءهم ،وهم أنفسهم يذكروننا بأسمائهم بعد استفسارهم ،وهم يشتغلون في بلدنا أو في الدول الأجنبية في مختلف المناصب ،بلقياهم نفرح  ونسعد كثيرا ،لأننا نسترجع جميعا أيام الدراسة ،  ونتذكر أسماءهم من جديد، بعد نسيان بفعل الزمن البعيد يقدر بالعقود .

 

                 كللنا ومللنا من سلوك الاجتراح ، وتعبنا من تكرار الكلام والنباح ، ،ومن إعادة الأقوال وفي الإعادة تذكير وإفادة  ،وتثبيت وإقرار، والله يحب العبد الملحاح ،سئمنا من الحديث  وأصدقائي في الكتابة  عن المناكر التي تقترف في هذه البلدة ، وكتبنا رسالة مفتوحة إلى الجهات المختصة ، ولكن لا أحد يجيب ولا يستجيب ، ولا يغير المنكر الذي يراه ليل نهار ، ويمر به يوميا ….وكيف يجيب البلد القفار كما قال  المهلهل ؟،وما زالت دار لقمان على حالها ، وعادت حليمة وقنديشة وختوشة وبخوشة وزنوجة …إلى عادتهن وعاد السبتان ،وصاحب التبان ،  والولهان ، والمخنث ..إلى عادتهم ……لغياب الأمن والأمان  ، والسلطات المحلية ، والمجلس البلدي والشرطة الإدارية ، والحرس الخاص بالشواطئ والحديقة ،وكل ما يتعلق بأمن وسلامة المواطن القاطن بهذه البقعة أو الضيعة لغياب مواصفات المدينة ….

                    نظرا لغياب دار الشباب والمركب الثقافي والرياضي والمكتبة العامة  ــ  رغم المراسلات المذيلة بالتوقيعات ـــ نرجو من جميع الجمعيات كيفما كان نوعها ، أن تقوم بأنشطة ثقافية وفنية ورياضية ،في الحديقة ،وفي الشاطئ وأن تبحث بالتعاون / لندرة الموارد المادية  إن لم أقل بانعدامها /على إنشاء أندية ليقصدها الشباب لممارسة أنشطة عقلية "كالشطرنج "  والقراءة ، وكل ما يفيد العقل  للمحافظة على التركيز لمحاربة الزهايمير أو فقدان أو  ضياع الذاكرة ، لتجزية الوقت الثالث فيما هو أفيد ، ويوقظ الذاكرة بالتفكر والتدبر إلى جانب ذلك بعض الكتب والمجلات ،ولماذا لا القيام بندوات تهم شأن مدينتنا ومستقبلها ؟ والانطلاق إلى ترسيخ ثقافة التوثيق وحفظ التراث ،بدلا من الإقبال على مدارس الشيشة وغيرها من المدارس الوهمية التي تهلك وتنخر الجسم وتفسد وتذهب العقل .

"هــــــــــــــــــامـــــــــــش "

                             وأنا أكتب السطور الأخيرة من  هذه المقالة  ، تلقيت  ببالغ الأسى والحزن نبأ مقتل الشاب سمير الدرقاوي وهو من بني انصار حي إزريجن ؛أولاد بويفقوسن ،وبهذه المناسبة الأليمة نرفع أحر التعازي إلى أسرة الفقيد "غالي " أمه وأخواله ، وأبيه وأعمامه  وباقي أفراد الأسرة  . " الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون " صدق الله العظيم .

            إن كتاب بني انصار دائما يشيرون إلى وضعية بني انصار المزرية المشينة  ،وأن حالتها لا تبشر بالخير بسبب سلوكات عدوانية ناتجة عن تعاطي كل ما يفقد العقل  والوعي والتوازن ،وغياب المراقبة من جميع الأطراف وحتى الآباء ، ونكرر دائما بأن هذه السلوكات تفضي إلى القتل ، والدخول إلى مستشفى الأمراض العقلية  والسجن …

                 ظاهرة غريبة نلاحظها وهي أن  بعض المقاهي في هذه المدينة الفتية ، تبقى إلى الثالثة أو الرابعة صباحا ،فهل هناك توقيت ينص ويحدد زمن إغلاق أبواب المقاهي ليلا ،  ماذا سينتظر رب المقهى  أو، مسيره  من الزبون الذي سيأتي في الثانية عشرة ليلا أو، الواحدة صباحا ….؟؟؟؟؟اقترح على المسؤولين وأهل الشأن المحلي ، أن يتخذوا الإجراءات اللازمة للمحافظة على سلامة المواطنين وأمنهم ،وأن يحولوا هذه الحديقة  ـــ لأنها لم تعد مكانا للراحة والتجوال، فقد أصبحت وأضحت وأمست وما زالت  ولا تزال مصدرا للقلق والقتل  ــــ إلى مركب في جميع الرياضات ،أو أن يبنوا فيها مستشفى لعلاج المرضى ، وذوي القصور الكلوي ، ولعلاج المدمنين نتيجة تعاطي المخدرات وما يشبهها  ،لتفادي الإجرام والسرقة ،لأن بعض الشباب  يعيش متشردا ، منحرفا منحلا ، يصيبه الجنون والهذيان والهيجان  ،يقدم على  السب فالشجار ثم القتل ، ولا نرضى لهذا الشباب أن يتحلى بهذا السلوك المنبوذ ، لأنه يقوده إلى أمراض نفسية وعقلية وجسمية لا علاج لها ، بسبب السموم القاتلة الممنوعة لما فيها من أضرار خطيرة وهي وباء بدون دواء .

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .