الرئيسية البديل الثقافي صفارة الخطأ ….   محمد قشتو

صفارة الخطأ ….   محمد قشتو

كتبه كتب في 24 أغسطس 2019 - 4:37 م

جريدة البديل السياسي:  محمد قشتو – المغرب :

لا أدري بصراحة من أين أستهل حديثي، لم أدع الموضوع ينضج في عقلي الباطن ليعط الغلة والثمرة، لكني طاوعت خاطري وأخذت قلمي وهأنذا أكتب. لعلكم تعلمون

من الغرائب وعجيبة من العجائب طلعت علينا في هذه الأيام القليلة الماضية، أحدثت ضجة عارمة على مواقع التواصل الاجتماعي بين الجنسين، والناس في هذا بالطبع مذاهب، البعض يتمسخر من القرار، والبعض الآخر تنفس الصعداء وكأنه قابع في قعر مظلمة منذ ولادته، فأشعره القرار ببزوغ شمس الحرية.

لا أخفي عليكم إشمئزازي العارم الذي أبديته حينما علمت بالخبر، وشهقت مع نفسي شهقة أعلنت فيها آسفي الشديد وامتعاضي الأليم على مثل هذه التفاهات والترهات التي صارت تطل علينا واحدة تلو الأخرى.. لم نشفى بعد من الساعة المشؤومة حتى رأينا صورا لنساء مغربيات قتلهن التحرش في الشوارع، فارتأين بذلك ليعلقن صفارات على أعناقهن وصدورهن لكي يصفرن بها إذا ما أحد تحرش بهن إعلاما بحدوث حالة تحرش وسط الشارع العام. لم أضحك لشيء بسخرية شديدة بقدر ما ضحكت على العقول الصغيرة التافهة من النسوان اللائي آمن بالقرار وصدقنه، وأنطلقن للأسواق بهرولة شديدة ليشترين جلابيب سوداء يسترن بها ما أبدينه من زينتهن.. عفوا ليشترين صفارات ليدفعن بها معاكسات الذكور في الأزقة والشوارع.. أي حمق هذا؟ وأي تفاهة هاته؟ أليس الأجدر بنا أن نقطع السبب مادام قائما لمعضلة التحرش؟

يقول فيلسوف يوناني قديم يقال له أويدوكس: "إن سعادة الإنسان توجد في لذاته" والقلوب الضعيفة هي التي تربط سعادتها بلذاتها مهما كان فيها حتفها أو كانت مخالفة لقيم المجتمع وثقافته، فإذا خرجت الفتاة متبرجة إلى السوق أو إلى التنزه أو إلى المدرسة وهي ترتدي ما يلفت النظر، أو في ملابسها شيء من ذلك العطر الأفاك الذي يشم من عشرات الأمتار، فكيف سيكون وقعها على أصحاب القلوب المريضة الذين يصبح منظر الأنثى المتبرجة لذة في نظرهم، وهم في هذا كقول زفر بن الحارث الكلابي: ألا إنما قيس بن عيلان بقة … إذا وجدت ريح العصير تغنت. غير أن غناءهم يكون ب "الكسكسة" وتلك الألفاظ المشاعة المذاعة لإستمالتهن.

دعونا نستأصل الداء ولنحتكم بكتاب الله تعالى وسنة نبيه، أليس ربنا تعالى يقول: [[فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض]] {الأحزاب} هذا فقط إذا كان الأمر متعلق بترقيق الكلام وتفخيمه فكيف إذا زادت عليه أشكال الزينة التي وجدت في عصرنا، فإن قلب هذا المريض المسكين لن يطمع فقط بل سيقع فيما هو محظور.. وعجائب الزمن في هذا تنبئكم علام أقوله لكم دون الحاجة إلى الإستشهاد. فإذا وضعنا تلك الحلوى اللذيذة في إناء وأسدلنا عليها الغطاء فإن الذباب لن يستشعر وجودها أبدا، أما إذا رفعنا عنها ذلك الغطاء فإن الذباب سيجيء من حيث لا يعتقد، فكذلكم المرأة أو الفتاة في واقعنا.. فلنعد جميعا لكتاب الله ففيه الشفاء والدواء الكافيين.

ثم إنه لا يحزنني النساء اللائي خرجن وتعمدن وضع الصفارات بين شفاههن، فهذه النماذج هن من قال فيهن الحق سبحانه وتعالى: [[ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى]] {الأحزاب} .. فمن طلائعهن تبدوا العلامات الكاملة للمسخ والطمس نتيجة المساحيق الخبيثة والمستعطرات المقيتة، فكلكم رأيتم صورهن، مع كامل الشرف والإقتدار لم يكن فيهن أو بينهن من كانت ترتدي لباس الحشمة والوقار فخرجت لتصفر وتزيغ بعد زيغ الزينة والإستكبار بالمرح مشيا واعوجاجا.

هذا مع أنه لا ننكر البثة أن كثير من بناتنا وأمهاتنا يتعرضن للتحرش بطريقة أو بأخرى في الأماكن العمومية، لكن لا نريد أن نزيد الطين بلة، ونعقد الأمور تعقيدا جما، فهناك من الحلول الشرعية ما هو أيسر وأفلح، ولعل هذا نجده في قول ربنا وهو يخاطب نبيه حيث يقول: [[يا أيها النبيء قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن]] {لأحزاب}. ووالله لهذه الآية من أجل وأعظم الحلول لقطع الداء. محمد قشتو – المغرب

مشاركة
تعليقات الزوار ( 0 )

أضف تعليقاً

1000 / 1000 (عدد الأحرف المتبقية) .